أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - التأمر الخارجي والداخلي في مسار الدولة الأسلامية والأمة العربية














المزيد.....

التأمر الخارجي والداخلي في مسار الدولة الأسلامية والأمة العربية


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8479 - 2025 / 9 / 28 - 18:46
المحور: قضايا ثقافية
    


منذ بزوغ فجر الإسلام وتأسيس الدولة الإسلامية الأولى على يد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثم تواصلها في عهد الخلفاء الراشدين، برزت هذه الدولة كقوة متماسكة تتحدى موازين القوى العالمية آنذاك، حيث سقطت الإمبراطوريتان الفارسية والبيزنطية أمام الزحف الإسلامي، ووجد المسلمون أنفسهم في صدارة المشهد العالمي، يحملون رسالة عالمية تتجاوز حدود العرق والقبيلة والجغرافيا. غير أن هذا الصعود السريع أثار في نفوس القوى المحيطة مشاعر العداء والخوف، فبدأ التآمر الخارجي مبكراً من خلال محاولات الكيد السياسي وإشعال الفتن الداخلية، إلا أن الأدهى من ذلك أن الداخل نفسه تحول إلى ساحة خصبة لهذه المؤامرات، فغلبت العصبية القبلية والطائفية على روح الوحدة الإسلامية، فكان الانقسام الداخلي هو المفتاح الذي ولجت منه القوى الخارجية.

ولو أخذنا التاريخ القريب من عصر التأسيس لوجدنا أن اغتيال الخلفاء الراشدين يمثل دليلاً صارخاً على هشاشة الداخل. فقد اغتيل الخليفة عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة المجوسي، في وقت كان الإسلام فيه في أوج قوته، ما يعكس كيف أن القوى الأجنبية استثمرت ثغرة فردية داخل المجتمع لضرب رأس الدولة. ثم جاء اغتيال عثمان بن عفان نتيجة تراكم خلافات داخلية غذتها ألسنة الفتنة، حتى وجدت مجموعة من الساخطين الجرأة على قتل خليفة للمسلمين وهو يقرأ القرآن. ولم يمض وقت طويل حتى اغتيل علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء، نتيجة لانقسام داخلي دموي بين المسلمين أنفسهم في معركة صفين والنهروان، ما كشف أن الأمة لم تستطع الحفاظ على وحدتها بالقدر الكافي. هذه الأحداث لم تكن مجرد جرائم فردية بل كانت محطات فاصلة مهّدت لاحقاً للفتنة الكبرى، التي استمرت قروناً في صورة صراع مذهبي وسياسي أضعف جسد الأمة وجعلها لقمة سائغة للغزوات من التتار إلى الاستعمار الأوروبي.

أما في التاريخ الوسيط فنجد أن سقوط بغداد سنة 1258م على يد المغول لم يكن ليتحقق لولا انقسام المسلمين وتشرذمهم بين سلطنات ودويلات متناحرة، فلم يقفوا جبهة واحدة أمام الخطر الداهم، بل كان بعضهم يعقد تحالفات سرية مع العدو ضد أبناء جلدته. وكذلك كان الحال في الأندلس، حيث تحولت دولة المسلمين هناك إلى ممالك صغيرة متصارعة تُعرف بـ"ملوك الطوائف"، ما فتح الطريق أمام الإسبان لاستعادة الأندلس مدينة بعد أخرى حتى سقطت غرناطة سنة 1492م، في مشهد يذكّرنا بما يحدث حين يطغى التآمر الداخلي على روح الوحدة.

في العصر الحديث، وبعد انهيار الدولة العثمانية، دخل العالم العربي والإسلامي مرحلة جديدة من التفكك، حيث رسمت القوى الاستعمارية خرائطه وحدوده بما يخدم مصالحها، لكن الأدهى أن كثيراً من هذا التشظي لم يكن بالإكراه فقط بل بقبول وتواطؤ من نخب داخلية رأت في مصالحها الخاصة مبرراً لتفكيك الروابط الجامعة. ومن الأمثلة المعاصرة على ذلك ما جرى بعد ما سُمّي بالربيع العربي، حيث انطلقت شعارات الحرية والإصلاح لكنها تحولت في بعض الدول إلى حروب أهلية دامية غذّتها التدخلات الخارجية، فصار المواطن يواجه أخاه قبل أن يواجه عدوه. في سوريا وليبيا واليمن مثلاً، كان التدخل الخارجي عاملاً خطيراً، لكنه لم يكن ليجد أرضاً خصبة لولا الانقسام الداخلي وضعف التوافق الوطني.

إن قراءة هذا التاريخ الطويل تكشف أن التآمر الخارجي ثابت لا يتغير، فهو جزء من صراع المصالح بين الأمم، لكن المتغير الأخطر هو القابلية الداخلية للاختراق، فحين تكون الأمة موحدة وواعية فإن التحديات الخارجية تصبح مجرد امتحان، أما حين تتفتت داخلياً فإن هذه التحديات تتحول إلى ضربات قاصمة. وإذا أردنا رؤية مستقبلية لحال الأمة العربية والإسلامية فعلينا أن نعي أن الخروج من دائرة المؤامرة يتطلب إعادة بناء العقد الاجتماعي والسياسي على أساس العدل والمساواة والهوية الجامعة، بحيث تُدار الخلافات بالتوافق والمؤسسات لا بالاقتتال والاحتراب. فالتاريخ يقول بوضوح: الأمة التي أسقطت فارس وروما قادرة على مواجهة تحديات العصر إذا وحدت صفوفها، أما إذا استمرت في صراعاتها الداخلية فلن تحتاج القوى الخارجية لبذل جهد كبير لإضعافها، إذ يكفيها أن تتركها تنهار من الداخل كما انهارت مرات عديدة من قبل.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن الوقائي ودور المواطن
- رمزية الخوف في النفس البشرية
- المملكة العربية السعودية وأنتزاع الأعتراف الدولي بدولة فلسطي ...
- التسويق السياسي في السياسة الأمريكية والغربية
- التبني وأثاره على المتبنى بين الأيجابية والسلبية
- غسيل الدماغ بين الواقع العلمي والخيال
- هل ستحصل الدوحة على حق الرد على أسرائيل؟
- أدارة الوقت بين ظاهرة التسويف وضغط اللحظات الأخيرة
- أمريكا ببن الجدار الأخضر والتخبط السياسي
- الأنسان بين الانتماء الطبيعي والمكتسب
- العدو الصغير والقائد الثائر
- القصف الأسرائلي على الدوحة بين الأستهتار الأسرائلي والخنوع ا ...
- أحتمالات المواجهة الفينزوالية الأمريكية وتأثيرها على الساحة ...
- الدور العراقي كوسيط في الملف الأيراني النووي هل يجدي بنفع؟
- تحالفات الكبار بين أحلال السلام والهيمنة (مجموعة شنغهاي)
- الفجور والتقوى لدى النفس البشرية
- التخنث وسط الشباب العراقي
- حزب الله بين الأيدلوجية المذهبية وشعار المقاومة
- الأغتصاب الجنسي بين التحريم والتجريم والعار الأجتماعي
- البداوة وأثرها في بناء المجتمعات


المزيد.....




- أسرة حياة الفهد تتوجه بالشكر لولي عهد الكويت
- الجيش الأردني يصدر بيانًا حول مقتل أردنيَّين اخترقا حاجزًا أ ...
- ترامب يقرر المشاركة في اجتماع كبار الجنرالات بولاية فيرجينيا ...
- قتيل وإصابات بإطلاق نار في كنيسة بميشيغان الأميركية
- هكذا تفاعلت المنصات مع إعادة العقوبات على إيران
- 77 دولة تدير ظهرها لنتنياهو.. كيف تفاعلت المنصات؟
- حملة -الوفاء لإدلب- تلهب تفاعل السوريين على منصات التواصل
- شبكات يتناول تفعيل آلية الزناد وحملة الوفاء لإدلب وخطاب نتني ...
- قطر الخيرية تقدم مساعدات لـ35 ألفا من متضرري فيضانات باكستان ...
- زوجة رئيس الوزراء الإسباني تمتنع عن حضور جلسة أمام القضاء


المزيد.....

- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - التأمر الخارجي والداخلي في مسار الدولة الأسلامية والأمة العربية