أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - البداوة وأثرها في بناء المجتمعات














المزيد.....

البداوة وأثرها في بناء المجتمعات


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 17:13
المحور: قضايا ثقافية
    


تكوّنت المجتمعات الإنسانية منذ فجر التاريخ عبر تجمع الأفراد في أماكن مشتركة، والتفافهم حول عناصر أساسية كالعادات واللغة والدين والتقاليد. ومع مرور الزمن بدأت هذه التجمعات تتسع لتشكّل نواة المجتمع البشري، وكان أول مظهر من مظاهرها حياة البداوة، التي مثلت المرحلة الأولى والأساسية في مسار تطور الإنسان نحو الاستقرار والتحضر.

البداوة لم تكن حكرًا على منطقة معينة، بل عرفتها شعوب متعددة عبر القارات. ففي الجزيرة العربية وأواسط آسيا وأفريقيا والصحراء الكبرى، كما بين قبائل الأمريكيتين وأستراليا، عاش الإنسان حياة الترحال طلبًا للماء والكلأ ومصادر الرزق. وقد تميزت هذه المرحلة بخصائص واضحة؛ فالإنسان البدوي اعتمد على الرعي والصيد والتنقل الدائم، لكنه في الوقت ذاته أسّس لنظام اجتماعي قائم على قيم رفيعة مثل الكرم والشجاعة والتعاون، وهي قيم فرضتها طبيعة الحياة القاسية وظروفها الصعبة.

ومن الخطأ أن ينظر البعض إلى البداوة باعتبارها حالة متخلفة لا مكان لها في مسار الحضارة، فهي كانت ضرورة طبيعية في رحلة تطور المجتمعات. فالتحضر لم يولد فجأة، بل جاء نتيجة مراحل متعاقبة بدأت من الترحال وتنقلت إلى الاستقرار الزراعي ثم العمراني والصناعي. ومع ظهور الزراعة وتوسع العمران ونمو التجارة، بدأت البداوة تنحسر تدريجيًا حتى تلاشت بصورتها الأصلية من معظم أنحاء العالم.

ومع ذلك، فإن البداوة لم تختفِ تمامًا، إذ بقيت بعض مظاهرها قائمة في مناطق محدودة، لكنها اليوم تمثل تراثًا إنسانيًا أكثر من كونها أسلوب حياة قائمًا بذاته. كما أن الكثير من القيم التي ارتبطت بالبداوة ما زالت حيّة في ثقافات الشعوب، وأصبحت جزءًا من الهوية الجماعية التي تشكّلت عبر القرون.

أما في نظر المجتمعات المتحضرة اليوم، فإن البداوة غالبًا ما تُقدَّم بصورتين متباينتين؛ فمن جهة يُنظر إليها على أنها رمز للتأخر عن ركب الحداثة وغياب الاستقرار، ومن جهة أخرى تُرى كجزء أصيل من التراث الإنساني يجب الحفاظ عليه لما يحمله من قيم نقية وعادات أصيلة. ولعل هذا التباين في النظرة يعكس طبيعة العلاقة المعقدة بين الماضي والحاضر؛ فالمجتمع الحديث الذي يعيش في ظل التكنولوجيا والتطور العمراني لا يستطيع أن يتجاهل أن البداوة كانت في زمنها الأساس الذي بُنيت عليه الحضارة، وأن كثيرًا من القيم التي يفخر بها اليوم إنما وُلدت في خيام البدو وصحاريهم.

إن البداوة، إذن، ليست مجرد مرحلة عابرة في تاريخ الإنسان، بل تجربة وجودية عميقة شكّلت معاني الصبر والتعاون والكرم، وأسست لمنظومة قيم ما زالت تضيء مسيرة الإنسانية حتى في أكثر عصورها تحضرًا وحداثة.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البداوة وأثرها في نشأت المجتمعات
- الأنتخابات البرلمانية العراقية ٢٠٢٥ ...
- القوات الأمريكية تغادر العراق...قرأة موجزة
- قمة ترامب وبوتين… خارطة نفوذ جديدة وتوازنات خفية
- الاندماج والتعنصر لدى المهاجرين في المجتمعات الحديثة
- أحلام قسد المستقبلية
- الاثباتات الجنائية في جريمة الزنا
- بريطانيا ودولة فلسطين
- الوحدة 8200
- خور عبدالله نزاع سياسي ام حق جغرافي
- خور عبدالله صراع سياسي ام حق جغرافي؟
- ليل بغداد
- الرجولة والذكورية والفرق بينهما
- المذهبيه وأثرها السلبي على وحدة الشعوب الاسلامية
- التدخل الأسرائلي في السويداء
- الاقتتال الشيعي المحتمل في العراق
- العلمانية والمجتمع الأسلامي
- المودة سبيل النجاة والصلح منهج العقلاء
- الكرد.ماذا بعد تسليم السلاح؟
- السلاح المنفلت بين الارادة الداخلية والأوامر الخارجية(لبنان. ...


المزيد.....




- سوريا.. حركة من أحمد الشرع مع زوجة لطيفة الدروبي تشعل تفاعلا ...
- -كون وحش مثل أبوك-.. جملة أحمد الشرع لابن -شهيد- تشعل تفاعلا ...
- هل يكون ملف السودان بوابة السعودية لدور إقليمي أكبر؟
- تحليل لـCNN: كيف منح ترامب روسيا -كل ما تريده تقريبا- بخطته ...
- تغييرات-محتملة- في إدارة ترامب.. مصادر تكشف لـCNN الكواليس
- في أول لقاء بينهما، ترامب يشيد بمحادثاته مع ممداني
- واشنطن تحذر الطيران المدني في أجواء فنزويلا من مخاطر عسكرية ...
- الجيش السوري و-قسد- يتفقان على وقف التصعيد في الرقة
- نواب أميركيون: خطة ترامب بشأن أوكرانيا تكافئ بوتين
- تعليق جديد لترامب عن أول لقاء مع زهران ممداني بعد الانتقادات ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - البداوة وأثرها في بناء المجتمعات