أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - التدخل الأسرائلي في السويداء














المزيد.....

التدخل الأسرائلي في السويداء


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 00:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما جرى خلال اليومين الماضيين في مدينة السويداء السورية يمثل تطورًا خطيرًا في مسار الأزمة السورية الداخلية، حيث شهدت المدينة اعتداءات مؤسفة على المدنيين العزل من قبل عصابات خارجة عن القانون، تسعى إلى زعزعة الأمن وإثارة الفوضى في منطقة عُرفت تاريخيًا بهدوئها النسبي وتمسكها بالثوابت الوطنية. هذه العصابات لا تمت بأي صلة للحكومة السورية الشرعية، بل هي امتداد لمحاولات مزمنة لزعزعة الاستقرار عبر استخدام أدوات داخلية لتحقيق أهداف خارجية. ولذا، كان من الطبيعي والمنطقي أن تتحرك الحكومة السورية بإرسال قوات الأمن والجيش لبسط السيطرة واحتواء الموقف وحماية المواطنين من الفوضى المسلحة التي تهدد سلامة النسيج الوطني.

لكن اللافت والغريب في مجريات الأحداث لم يكن الاعتداء ذاته، بل التصريحات التي صدرت عن الحكومة الإسرائيلية، والتي أعلنت فيها وقوفها إلى جانب الطائفة الدرزية والدفاع عنها. هذا الموقف المعلن من قبل إسرائيل يثير علامات استفهام كبيرة، بل وريبة، خاصة إذا ما تم وضعه في السياق الإقليمي الأوسع. كيف يمكن لحكومة تمارس يوميًا أبشع أشكال القتل والتجويع ضد سكان قطاع غزة المحاصر، وتقصف الأطفال وهم في طوابير ينتظرون كسرة خبز أو قدح ماء، أن تدّعي فجأة أنها الحامية لحقوق طائفة عربية داخل دولة عربية ذات سيادة؟ أليست هذه قمة الازدواجية في المعايير؟ وهل يمكن أن يُنظر لهذا التصريح بمعزل عن مخططات إسرائيل القديمة-الجديدة المتعلقة بتقسيم الدول العربية وإعادة رسم حدود المنطقة بما يخدم مشروع "إسرائيل الكبرى" الذي لطالما تحدثت عنه بعض النخب الصهيونية في أدبياتهم السياسية والفكرية؟

التصريح الإسرائيلي، وإن كان في ظاهره تضامنًا إنسانيًا مع طائفة عربية لها وجود محترم وتاريخي في سوريا، إلا أنه في جوهره ليس سوى محاولة لزرع إسفين بين مكونات المجتمع السوري، من خلال اللعب على الوتر الطائفي واختراق النسيج الاجتماعي لضرب العلاقة بين الدولة السورية والطائفة الدرزية، وهي طائفة أثبتت عبر التاريخ ولاءها الوطني وتمسكها بوحدة الأرض السورية. ولا يمكن استبعاد أن تكون هذه الخطوة مقدمة لتحركات أكبر تستهدف إثارة الفتنة الطائفية تمهيدًا لإعادة تقسيم سوريا إلى كيانات متنازعة وهشة، بحيث تخرج إسرائيل المستفيد الوحيد من هذا التشظي العربي، بينما تنشغل الشعوب العربية بحروب داخلية لا نهاية لها.

وفي خضم هذه التطورات، يبرز التساؤل عن دور جامعة الدول العربية، التي ما تزال في معظم القضايا الكبرى متأخرة عن الأحداث، بل وغائبة في كثير من الأحيان عن اتخاذ مواقف حاسمة تتناسب مع التحديات الراهنة. من المتوقع أن تصدر عن الجامعة خلال الأيام أو الأسابيع القادمة بيانات تنديد خجولة، ودعوات للحوار و"ضبط النفس"، لكن ما تحتاجه الشعوب العربية هو موقف فاعل، حازم، ومبدئي، يُعيد الاعتبار للسيادة العربية، ويرفض أي تدخل خارجي تحت ذرائع إنسانية زائفة. إن عدم اتخاذ موقف واضح ضد التدخل الإسرائيلي في الشأن السوري سيشكل سابقة خطيرة، ويفتح الباب أمام تدخلات مشابهة في دول عربية أخرى بحجج "حماية الأقليات" أو "الدفاع عن حقوق الإنسان"، بينما الهدف الحقيقي هو تجزئة المقسم وضرب مفهوم الدولة الوطنية الجامعة.

إن ما يحدث الآن ليس مجرد أزمة أمنية عابرة في مدينة سورية، بل هو إنذار مبكر لمحاولة جديدة لخلخلة بنية الدولة السورية وتفتيت مكوناتها، والمطلوب من العرب جميعًا، شعوبًا وحكومات، أن يدركوا خطورة المرحلة، وأن يعملوا على دعم وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، ورفض أي تدخل أجنبي، وخاصة من قبل عدو صريح للعرب مثل إسرائيل، التي أثبتت على مر عقود أنها لا تعرف سوى منطق القوة والهيمنة، ولا تؤمن بحق الشعوب العربية في الحياة والكرامة



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتتال الشيعي المحتمل في العراق
- العلمانية والمجتمع الأسلامي
- المودة سبيل النجاة والصلح منهج العقلاء
- الكرد.ماذا بعد تسليم السلاح؟
- السلاح المنفلت بين الارادة الداخلية والأوامر الخارجية(لبنان. ...
- أمي ثم أمي
- بريكس والدولار
- الشرق الأوسط بين المطرقة والسندان
- العقيدة الشخصية. بين الحرية الفردية وأحترام الأخرين والمجتمع
- الضابطة التي ودعت الحلم على الأسفلت
- هل تتخلى إيران عن اذرعها في العراق ضمن صفقة مع أمريكا؟
- هل تتخلى إيران عن أذرعها في العراق مقابل صفقة مع أمريكا؟
- ترامب والحرب الإسرائيلية الإيرانية: حرب إعلامية بغطاء ناري و ...
- أزدواجية المصالح عند ترامب
- أيران تكشر عن أنيابها عندما ضربت في الصميم وتفرجت عندما قتل ...
- -ما بعد الصواريخ: الشرق الأوسط بين نار الحرب وصمت الهزيمة-
- بين العناد الفارسي والخبث الأسرائلي كيف تنتهي الحرب بينهما؟
- بين الشراكة والخذلان الموقف الروسي أتجاه ايران
- أيران بين المعارضة والدعم الشعبي في ظل العدوان الإسرائيلي
- الشرق الأوسط بين ركام تحطيم أيران وطاولة التطبيع


المزيد.....




- مصر.. كيسنجر وما قاله للسادات -لا تنسى أنك مهزوم- بمقابلة مص ...
- هل يولد الإنسان مجبولاً على الخير أم الشر؟
- نتنياهو يرفض فتح معبر رفح وحماس تندد
- نتنياهو يعلن نيته الترشح لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبل ...
- ملايين في أميركا يحتجون ضد ترامب تحت شعار -لا للملوك-
- بوتين يعرض على ترامب إنهاء الحرب بأوكرانيا مقابل -هذا الطلب- ...
- سوريا.. تفكيك خلية إرهابية تابعة لتنظيم -داعش-
- رئيس كولومبيا يتهم واشنطن بانتهاك المجال البحري لبلاده
- راقصة الباليه التي تثير الجدل حول غزة
- هل تحقق المقاتلة التركية -قآن- حلم الراقدين إلى جوار صلاح ال ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - التدخل الأسرائلي في السويداء