رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 13:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تشهد إيران واقعًا سياسيًا مركبًا تتداخل فيه التحديات الداخلية مع المواجهات الخارجية، ما يجعل فهم الحراك الشعبي والمعارضة السياسية فيها أمرًا معقدًا ومتغيرًا بحسب الظرف السياسي الإقليمي. فمنذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، احتفظ النظام الإيراني بطابع ديني ـ سياسي تُهيمن عليه النخبة الدينية، مع هامش محدود من المشاركة الديمقراطية، ما أدى إلى نشوء تيارات معارضة تتباين في توجهاتها بين الإصلاح من داخل النظام والسعي إلى تغييره بالكامل. المعارضة الداخلية تتخذ عدة أشكال، أبرزها التيار الإصلاحي الذي يحاول العمل من داخل مؤسسات الدولة ويسعى إلى توسيع الحريات وتحسين علاقات إيران الدولية، إلا أن تأثيره يبقى مقيدًا بهيمنة المحافظين وأجهزة الدولة العميقة. في المقابل، هناك معارضة شعبية أكثر راديكالية تجلّت في موجات احتجاج متكررة على مدى السنوات الماضية، كان أبرزها حركة 2009، واحتجاجات 2017 و2019، ثم احتجاجات 2022 التي فجّرتها حادثة مقتل مهسا أميني، والتي كشفت عن فجوة عميقة بين الجيل الجديد والنظام القائم. كما توجد معارضة في الخارج، تضم منفيين سياسيين وجماعات معارضة تاريخية، بعضها مدعوم من قوى خارجية. وفي الوقت الذي بدت فيه هذه المعارضات تنمو وتشتد، جاءت المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل لتعيد ترتيب المشهد السياسي الداخلي، إذ إن التصعيد العسكري الذي شمل ضربات متبادلة وتحرّكًا علنيًا من إيران ضد إسرائيل ولّد لدى شريحة من الشعب شعورًا قوميًّا ودينيًّا مؤقتًا بالاصطفاف مع الحكومة. هذا الدعم الشعبي لم يكن بالضرورة تعبيرًا عن الرضا عن أداء النظام بقدر ما هو رد فعل تجاه ما يُنظر إليه كعدوان خارجي وعدالة مفقودة في المواقف الدولية، ما دفع البعض لتأييد موقف الدولة على قاعدة "العدو الخارجي أولاً". ومع ذلك، لا يعني هذا أن الحراك الشعبي قد انتهى أو أن المعارضة قد تلاشت، بل إن ما حدث هو هدنة مؤقتة في الصراع الداخلي بفعل الظرف الإقليمي، سرعان ما ستنكشف محدوديتها إذا استمر التدهور الاقتصادي، واستمر غياب الحريات، وتعمقت الفجوة بين الدولة والمجتمع. المعارضة لم تختفِ بل تنتظر الفرصة المناسبة، ورغم ما يحيط بها من قمع وتنظيم ضعيف، فإن الغضب الشعبي لا يزال متأججًا، مما يجعل احتمالات التغيير أو الانفجار الشعبي قائمة في الأفق، وإن بدت مؤجلة تحت وقع التصعيد الخارجي والرهان على الاستقرار النسبي.
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟