أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الشرق الأوسط بين ركام تحطيم أيران وطاولة التطبيع














المزيد.....

الشرق الأوسط بين ركام تحطيم أيران وطاولة التطبيع


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8379 - 2025 / 6 / 20 - 13:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتكثف الضغوط السياسية والعسكرية، شهدت المنطقة تحولات خطيرة بدأت من غزة ولم تنتهِ عند طهران. تحت نيران الحرب والضغوط الاقتصادية والدبلوماسية، وجدت إيران نفسها في موقع المواجهة المباشرة مع إسرائيل، وسط صمت عربي رسمي وتأييد أمريكي مبطن، وموقف أمريكي علني متباين بين الإدارة ومراكز القرار الاستراتيجي. ورغم كل التهديدات والاحتمالات، جاءت إيران إلى طاولة التفاوض، لكنها لم تكن مفاوضات ناعمة، بل ساحة صراع خفي بين الإرادات الدولية، لتتبعها الضربة الإسرائيلية التي تجاوزت التهديدات وأدخلت الشرق الأوسط في فصل جديد من المواجهة. إيران ردّت بقوة فاقت توقعات المراقبين، لتثبت أن حضورها في المنطقة ليس مجرد دعاية أيديولوجية بل جزء من معادلة الردع الفعلي، إلا أن ذلك لم يمنع السيناريو الأسوأ: سقوط النظام الإيراني أو على الأقل تفككه وانهياره تحت الضربات المركبة عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا.

في حال تحقق هذا السيناريو، فإن ميزان القوى في الشرق الأوسط سيتغير جوهريًا. إسرائيل، التي لطالما سعت لتحجيم "محور المقاومة"، ستجد نفسها وقد أزاحت الخصم الأقوى من طريقها، ما يفتح الباب واسعًا أمام مشروعها بإعادة صياغة الشرق الأوسط من منطلق حماية أمنها القومي، وتطويق نفوذ الجماعات المسلحة الموالية لطهران في لبنان وسوريا والعراق واليمن. الولايات المتحدة، من جهتها، لن تكتفي بالضربة العسكرية، بل ستعمل على دعم بدائل سياسية داخل إيران تراها "معتدلة"، تسهم في إغلاق الملف النووي نهائيًا، ووقف دعم الحركات المسلحة، والانخراط في نظام إقليمي جديد عنوانه الانفتاح الاقتصادي والتطبيع مع إسرائيل.

لكن، ورغم هذه الأهداف الطموحة، فإن سقوط النظام الإيراني لا يضمن نجاحها الكامل. إيران دولة كبرى، متعددة القوميات، ذات عمق مذهبي ومؤسسي، وانهيار النظام قد يفتح أبوابًا لفوضى داخلية أو حرب أهلية أو حتى عودة نظام أشد تطرفًا تحت عباءة مقاومة الاحتلال الخارجي. إن التجارب السابقة، لا سيما في العراق بعد 2003، تبرهن أن إسقاط الأنظمة لا يعني انتهاء التحديات بل ربما تفاقمها.

الانعكاسات على العراق ستكون عميقة وخطيرة. فالعراق، الذي شكل لسنوات طويلة ساحة رئيسية لنفوذ إيران، سيجد نفسه في مواجهة فراغ سياسي وأمني كبير. الأحزاب الشيعية والفصائل المسلحة التي كانت تتلقى دعمًا ماليًا وعسكريًا من طهران ستواجه انهيارًا في قدرتها على الصمود، وقد تدخل في صراعات داخلية لإعادة التموضع أو التشبث بما تبقى من سلطة. الحشد الشعبي سيفقد الغطاء الإقليمي الذي كان يمنحه شرعية تتجاوز الحدود العراقية، فيما ستصعد دعوات "الوطنية الشيعية" التي قد يتزعمها التيار الصدري أو قوى جديدة ترى في الانفكاك عن المحور الإيراني فرصة لإعادة رسم المشهد السياسي. في المقابل، ستسعى الولايات المتحدة ودول الخليج لملء هذا الفراغ عبر دعم مشاريع سياسية بديلة ومعتدلة، الأمر الذي قد يعيد إحياء مشروع الدولة المركزية لكنه قد يشعل فتيل صراعات مذهبية أو سياسية جديدة. القوى السنية والكردية ستسعى لاستثمار الوضع الجديد للحصول على مكاسب سياسية ودستورية، مما قد يعيد طرح ملف تعديل الدستور أو إعادة توزيع الصلاحيات والموارد.

وفي ظل هذا التفكك، تبرز احتمالات تصاعد دعوات التطبيع مع إسرائيل، تحت شعار إنهاء الصراع وفتح الباب للتنمية. ومع زوال "العدو الإيراني" من المعادلة، ستجد بعض الأنظمة العربية نفسها بلا مبرر لرفض التطبيع، وسنشهد موجة جديدة من الاتفاقيات العلنية أو السرية، قد تمتد حتى دول كانت تعتبر ذلك خطًا أحمر. إلا أن العراق، بسبب تركيبته المجتمعية والدينية والتاريخية، سيكون من آخر الدول القادرة أو الراغبة في الانخراط في هذا المسار، وإن كانت الضغوط الدولية والإقليمية قد تُمارَس عليه بشدة في المرحلة القادمة.

ختامًا، فإن سقوط النظام الإيراني لن يكون مجرد تغيير نظام حكم، بل بداية مرحلة جديدة من الصراع على النفوذ، وإعادة توزيع موازين القوى، وإعادة طرح الأسئلة الكبرى: من يحكم الشرق الأوسط؟ ومن يرسم مستقبله؟ والعراق سيكون في قلب هذه الأسئلة، بين إرث ثقيل، وواقع مأزوم، ومستقبل لم تتضح ملامحه بعد.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا والملف النووي الإيراني. سلطة القانون ام سلطة القوة
- صوت الشارع الأمريكي من المشاركة في الحرب الإسرائيلية الأيران ...
- هل نجحت اسرائیل في هجومها على أيران؟
- الأنحياز الأمريكي من حل الدولتين
- برد الشمال ....والدفئ المؤجل
- ماذا لو كنت انت غيرك؟
- الغربة موت مؤجل في الذاكرة
- الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم والتعلم
- مدينة خلقها العوز واستغلتها السلطة
- الأتفاقيات والمعاهدات والفرق بينهما
- المقاتلون الأجانب في الجيش السوري بين العقيدة العسكرية والان ...
- النظرة الغربية للعقل الأسلامي
- من السلطة الى التسلط كيف يتحول القائد الى مستبد
- قادة دول من المقاومة الى الزعامة
- التغيير الموعود...حين تتحول الشعارات إلى وسيلة للثراء
- من تحت الركام تولد المقاومة
- الانتهازية والاستغلال: سلوكيات مرفوضة تُصنّف ضمن الاحتيال ال ...
- العراق وأزمات المركز والأقليم
- الديمقراطية وتبادل المصالح قرأة ببن الناخب ومن يمثله في التج ...
- العقيدة الأدارية في العراق بين زمن التأسيس وزمن المحاصصة


المزيد.....




- إيران تقدم 3 -مطالب- لعقد مباحثات مباشرة مع أمريكا
- الخارجية الأمريكية: مئات المواطنين فروا من إيران وآخرون يواج ...
- إسرائيل تقصف منصات ومستودعات صواريخ غرب ووسط إيران
- غزة.. عشرات القتلى بنيران إسرائيلية وتحذير من الجفاف
- ترامب يرد على سؤال حول إمكانية إرسال قوات برية في حالة التدخ ...
- قاضٍ أميركي يأمر بالإفراج عن الناشط المؤيد لفلسطين محمود خلي ...
- إيران تستهدف إسرائيل بصواريخ ثقيلة وتطلق مسيرة على خليج حيفا ...
- بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر
- من المسؤولة الأميركية التي كذبها ترامب وماذا قالت عن إيران؟ ...
- إسرائيل: أخّرنا إمكانية امتلاك إيران سلاحا نوويا سنتين أو 3 ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الشرق الأوسط بين ركام تحطيم أيران وطاولة التطبيع