أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - رحيم حمادي غضبان - العقيدة الأدارية في العراق بين زمن التأسيس وزمن المحاصصة














المزيد.....

العقيدة الأدارية في العراق بين زمن التأسيس وزمن المحاصصة


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 11:38
المحور: الفساد الإداري والمالي
    


تميزت الدولة العراقية قبل عام 2003 بوجود منظومة إدارية قوية ومتينة، قامت على أساس التدرج الوظيفي والانضباط الصارم في معايير التعيين والتقويم. لقد كان الموظف في تلك المرحلة يتدرج في السلم الإداري بناءً على الكفاءة، الأقدمية، والالتزام الوظيفي، وفق ضوابط راسخة لا تسمح بتجاوز الاستحقاقات القانونية أو التلاعب بمواقع النفوذ. النزاهة، الدقة في العمل، والانضباط في الحضور والإنجاز لم تكن شعارات بل ممارسات يومية رسخت لدى الموظف ما يمكن تسميته بـ"العقيدة الإدارية" – وهي منظومة قيم ومبادئ مهنية مترسخة في العقل والسلوك الوظيفي يصعب التخلي عنها أو تجاوزها.

إن هذه العقيدة لم تكن وليدة اللحظة، بل تأسست نتيجة تراكم خبرات عقود من العمل المؤسسي، مما جعل الجهاز الإداري آنذاك يتمتع بدرجة عالية من الفاعلية والكفاءة، وشكّل العمود الفقري للدولة بمختلف مفاصلها.

ولكن بعد عام 2003، تعرضت هذه المنظومة إلى هزّة عميقة تمثلت في التحول الجذري الذي أصاب بنية الدولة العراقية. حيث بُني النظام الإداري الجديد على أسس المحاصصة السياسية والقومية والطائفية، فغابت المعايير المهنية وتراجع مبدأ الاستحقاق لصالح الولاءات والانتماءات. وأدى ذلك إلى تفشي ظواهر دخيلة على النظام الإداري مثل المحسوبية والفساد الإداري، إلى جانب ازدياد عدد الشهادات الجامعية غير الرصينة، ما أدى إلى إرباك واضح في منظومة التعليم ومن ثم في الكوادر الإدارية نفسها.

إن الموظف الذي تربى على نظام صارم ومنضبط يجد نفسه اليوم في بيئة تفتقر إلى المعايير التي شكلت هويته المهنية. وهذا يفسر الصعوبة التي تواجهها الكثير من الكفاءات الإدارية التي عملت قبل 2003 في التكيف مع النظام الحالي. فقد أُقصي عدد كبير منهم من المشاركة الفاعلة، إما نتيجة لتهميشهم أو إحباطهم من الواقع الجديد، وإن عاد بعضهم إلى العمل، فغالباً ما تكون العودة من أجل تأمين لقمة العيش لا بدافع الحماس الوظيفي أو الإيمان بالمؤسسة.

وبهذا يمكن القول إن أحد الأسباب الرئيسية لفشل العملية السياسية في العراق هو التهميش الذي طال الكوادر الإدارية الكفوءة التي كانت تشكل ركيزة الدولة. فحين تُقصى الكفاءات وتُستبدل بالمحسوبين، وحين يُغيب الضبط الوظيفي لصالح الولاءات، تنهار منظومة الإدارة وتفقد الدولة عمقها المؤسساتي.

الخاتمة
إن العقيدة الإدارية لا يمكن تصنيعها سريعاً، ولا تُفرض بقرارات فوقية، بل تُبنى بالتجربة والانضباط والمحاسبة، وتنهار عندما يُستبدل القانون بالولاء، والمهنية بالقرابة، والكفاءة بالمجاملة. ولذلك، فإن أي مشروع إصلاح إداري حقيقي في العراق يجب أن يبدأ بإعادة الاعتبار لتلك العقيدة التي لا تزال حيّة في ذاكرة موظفي الأمس، علّها تكون منطلقاً لبناء مؤسسات المستقبل.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مادة الثقافة الجنسية هل أصبحت ظرورة في المدارس؟
- خذ الحكمة من أفواه المجانين
- كلكم خەڵکەکم
- مقابر العراق تتحول الى مسرح لصناع المحتوى
- الأم البديلة واشكالات منح الجنسية للمولود
- التغيب القسري في العراق جريمة مستمرة بين ضعف الدولة وصمت الع ...
- التسامح قوة الأخلاق
- الأبادة الجماعية
- العقل الباطن
- المقاومة بين شرعية التحرر وتهمة الأرهاب
- تقبض من دبش
- الطبع والتطبع ببن الفطرة والأكتساب
- الثراء نعمة ام نقمة؟
- الرأي العام
- الحقيقة الثابتة
- الأحتيال المالي
- طرق الوصول إلى السلطة
- الوعد والعهد هل مازال من يعمل بهما
- الأنتحار بين الجريمة والظاهرة والمرض
- بكاء الجوع


المزيد.....




- -لم أتحمّل الحلم الأمريكي-: محارب متقاعد ينتقل للعيش في البر ...
- عُثر عليه على بُعد 300 قدم داخل غابة.. ممثل أمريكي يصف نجاته ...
- لأول مرة.. -داعش- يتبنى هجومين ضد قوات موالية للحكومة الجديد ...
- الخارجية الروسية: بكين تتفهم موقف موسكو بخصوص الأزمة الأوكرا ...
- فضيحة طبية تهز أوروبا: متبرع دنماركي أنجب 67 طفلًا ونقل جينً ...
- ماكرون يحذر من تركيز واشنطن على الصين على حساب أوكرانيا
- بعد عرقلة إسرائيلية.. وزراء عرب يؤجلون زيارتهم لرام الله
- بيان مصري تونسي جزائري مشترك حول ليبيا
- رئيس جورجيا يتحدث عن مطالبة دول غربية لبلاده بالانخراط في ال ...
- مصادر تركية تنفي نية لقاء أحد قيادات تنظيم -بي كي كي-


المزيد.....

- The Political Economy of Corruption in Iran / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفساد الإداري والمالي - رحيم حمادي غضبان - العقيدة الأدارية في العراق بين زمن التأسيس وزمن المحاصصة