أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - تقبض من دبش














المزيد.....

تقبض من دبش


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 20:53
المحور: قضايا ثقافية
    


في الموروث الشعبي العراقي، يُقال "تقبض من دبش" حين يُراهن الإنسان على وعد من شخص معروف بالبخل أو الاحتيال أو المراوغة، فيكتشف في النهاية أنه لم يقبض شيئًا، لا مالًا ولا عهدًا ولا حتى كلمة صادقة. هذا المثل، ببساطته الظاهرة وعمقه الكامن، يعكس خيبة الأمل من أشخاص لا يُعوَّل عليهم ولا يُنتظر منهم خير. وعلى ضوء الواقع السياسي الراهن، يمكن القول إن هذا المثل يُلخّص تمامًا ما يجري في المفاوضات المتكررة بين الجانب الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في غزة، تلك المفاوضات التي أصبحت نموذجًا حيًّا للوعود المنكوثة والعهد المخرق.

منذ بداية التصعيدات المتكررة وما تبعها من مآسي إنسانية في غزة، توالت جولات التفاوض غير المباشر عبر وساطات إقليمية ودولية، كان الهدف المُعلن منها التوصل إلى تهدئة، تخفيف الحصار، إدخال مساعدات، أو حتى إطلاق عملية إعمار. إلا أن التجربة أثبتت أن كل وعد يُقطع من الجانب الإسرائيلي سرعان ما يتبخر أو يُفرغ من مضمونه. فإما أن تُعاد صياغته بشروط جديدة، أو يتم التنصل منه بحجج أمنية وذرائع سياسية، أو ببساطة يتم تجاهله بالكامل. في كل مرة، تتكرر اللعبة: وعود على الورق، تصريحات إعلامية مطمئنة، ثم صمت، فخذلان.

الوساطات الدولية، وعلى رأسها مصر وقطر والأمم المتحدة، بذلت جهودًا مشهودة، إلا أن هذه الوساطات ما زالت تُراوح مكانها، رهينة حسابات إسرائيلية لا تعبأ بالالتزامات ولا ترى في الطرف الآخر شريكًا في التهدئة بقدر ما تراه خصمًا يجب إخضاعه. ومن هنا، يتكرس الشعور العام لدى أهل غزة، بأن ما يُقدم لهم من وعود ليس سوى دخان إعلامي، وسراب تفاوضي، ومجرد طُعم يُرمى في كل مرة لتهدئة الرأي العام.

وفي خضم هذا العبث، يعيش سكان غزة تحت وطأة حصار خانق، ومعاناة يومية تطال أدق تفاصيل الحياة: الكهرباء، المياه، الرعاية الصحية، التعليم، وسقف الأمان الشخصي. تتأخر المساعدات، وتتوقف الإعمار، وتتراكم المآسي، بينما تُستأنف المفاوضات بذات الوتيرة: تعهدات بلا ضمانات، واتفاقات تُنسف قبل أن تُوقّع، وتطمينات لا تجد صدى على الأرض.

أمام هذا الواقع، لم يعد غريبًا أن يعود المثل الشعبي إلى الواجهة كأبلغ توصيف لحالة سياسية معلّقة بين الوعد والكذب. فالفلسطيني، الذي يُراهن في كل مرة على بارقة أمل، يعود ليكتشف أن "القبض من دبش" هو النتيجة الوحيدة المتكررة. لا شيء يتحقق، ولا شيء يُنفّذ، كأنما التفاوض نفسه صار وسيلة لشراء الوقت، لا لصنع سلام أو تحقيق تهدئة دائمة.

اليوم، يُطرح السؤال الأكثر إلحاحًا: إلى متى يُسمح لهذا العبث أن يستمر؟ إلى متى تبقى إسرائيل تتصرف كطرف فوق المحاسبة، تُطلق الوعود وتنكثها دون رادع؟ ومتى سيتحوّل المجتمع الدولي من مراقب إلى ضامن حقيقي لأي اتفاق؟ لأن كل مفاوضات تُعقد دون إلزام حقيقي لإسرائيل، هي إعادة إنتاج لذات الكذبة، وفتحٌ لجولة جديدة من الأمل الكاذب، والخذلان المتجدد، أو كما يقول العراقيون بمرارة: "تقبض من دبش".



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبع والتطبع ببن الفطرة والأكتساب
- الثراء نعمة ام نقمة؟
- الرأي العام
- الحقيقة الثابتة
- الأحتيال المالي
- طرق الوصول إلى السلطة
- الوعد والعهد هل مازال من يعمل بهما
- الأنتحار بين الجريمة والظاهرة والمرض
- بكاء الجوع
- الصداقة بين الأمس واليوم
- القمم العربية مابين قمة دمشق وقمة بغداد
- دفتر ابو الثلاثين
- بين قوسين من الصمت
- التقارب السعودي التركي الى أين؟
- أخر المحطات
- دمشق وبغداد والتوجه الأمريكي
- غياب العراق عن القمة الخليجية الأمريكية الأسباب والتداعيات
- نجاح الدبلوماسية السعودية
- التيارات القومية العربية من جديد
- حزب العمال الكردستاني يحل نفسه هل هو ارادة قومية ام ضغوط أقل ...


المزيد.....




- هلا، كلمة في افتتاح مركز -هلا- للصحة النفسيّة
- فتحوا الباب فبدأت المغامرة.. إليكم قصة الأحفاد والإمساك بطائ ...
- علي الرواحي: العالم العربي لم يدخل -حداثته الخاصة- بعد وترام ...
- مسؤول كبير في إدارة ترامب يلتقي الرئيس السوري بعد قرارات أمر ...
- المبعوث الأمريكي إلى سوريا يثني على الشرع لاتخاذه خطوات جادة ...
- السعودية تؤكد ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتأسيس دولة فل ...
- مصر.. حبس مسؤول وفني في كارثة حفل قصر البارون الأثري
- وزير الخارجية السعودي يصل إلى مدريد للمشاركة في الاجتماع الم ...
- إحالة المشتبه بطعنها أشخاصا في هامبورغ إلى مستشفى للأمراض ال ...
- قصة انتظار تنتهي بدموع الفرح ومقاضاة الحكومة.. طفلة خُطفت قب ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - تقبض من دبش