رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 11:08
المحور:
الادب والفن
لم يرَها يومًا، لم تجمعهما صورة، ولا مقعد، ولا حتى لحظة عابرة في مقهى. لكنه سمعها…
صوتها طرق سمعه أول مرة كهمسٍ تاه في الزحام، لا يعرف ملامحها، لكنه شعر بها، كأن شيئًا في نبرتها كان يناديه دون أن يطلب، يقترب منه دون أن يتعدى حدّه.
اقترب منها كما تقترب الحروف من الورق، بحذر المحترف وعفوية المشتاق. كتب لها، لا ليقول الكثير، بل ليكون هناك… فقط.
وصار الصباح يبدأ بتحية منه، وكأنها طقس خفيّ، صلاة صامتة لا ينتظر منها سوى ردٍّ صغير… وهي كانت ترد، كل مرة، بكلمات قليلة، وتحتها قلبٌ صغيرٌ أحمر.
ذاك القلب لم يكن مجرّد زخرفة، بل رسالة بلا توقيع.
لكن لا هو قادر أن يتخطى الرسمي، ولا هي تملك الجرأة على كسر هذا الإيقاع المنضبط الذي تمايلت فيه مشاعرهما دون اعتراف.
ربما المسافة كانت بينهما طريقًا وعمرًا، وربما الاحترام خيمة تظلّل هذا الارتباك الجميل.
مشاعرهما كانت تمشي بين قوسين من الصمت، لا تُفصح، لكنها لا تتراجع.
هي تفهم ما لا يُقال، وهو يقرأ ما لم يُكتب.
حديثهما حديث الأرواح التي تعرف طريقها دون خريطة، لكن لا تملك حق الوصول.
كل كلمة بينهما كانت ميزانًا دقيقًا، بين الرسمية والود، بين الجفاء الخفيف والعذوبة الخجولة.
كل صباح كان وعدًا مؤجلًا، وكل ردّ منها كان رجفةَ احتمال.
لم يكونا عشاقًا، ولم يكونا مجرد غرباء.
كانا حالة خاصة من التآلف الصامت، كأن الزمن نسي أن يجمعهما، لكنه لم يجرؤ على أن يفرق بين نبضين تعارفا في الظل.
وهكذا ظلّا، هو يكتب، وهي ترد، وبينهما قلبٌ صغير، أحمر… لا يكبر ولا يختفي، بل يبقى، شاهدًا على حبٍ لم يُولد… ولم يمت.
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟