أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - الفساد الأداري بين الفجور والتقوى














المزيد.....

الفساد الأداري بين الفجور والتقوى


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8335 - 2025 / 5 / 7 - 11:13
المحور: قضايا ثقافية
    


في عالم اليوم، تُعد الوظيفة العامة من أهم المواقع التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، ويُفترض أن يكون الموظف العام خادمًا للصالح العام، مؤتمَنًا على المال والخدمة والمعلومة. غير أن الواقع يكشف عن صورة مغايرة في كثير من الأحيان، حيث تحوّلت بعض الوظائف إلى منصات للرشوة، والابتزاز الإداري، وهدر المال العام، مما أدى إلى تآكل ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
والأخطر من ذلك أن هذا الانحراف لا يرتبط فقط بالقوانين والأنظمة، بل يرتبط بجوهر النفس البشرية، التي أشار إليها القرآن الكريم بقوله: "ونفسٍ وما سوّاها، فألهمها فجورها وتقواها"، مما يدل على أن الفساد والفلاح كلاهما ينبع من أعماق النفس، ويُغذّيه اختيار الإنسان بين الخير والشر.


---

أولًا: مظاهر الفساد في الوظيفة العامة
تتنوع أشكال الفساد المرتبطة بالموقع الوظيفي، لا سيما في القطاع العام، ويمكن إبراز أبرزها كالتالي:

1. الرشوة:
هي الأكثر شيوعًا، وتتمثل في دفع مبلغ مالي أو تقديم خدمة مقابل تنفيذ معاملة أو تقديم تسهيل غير مشروع. هذه الظاهرة تؤدي إلى غياب العدالة وتضيع الحقوق.


2. الابتزاز الإداري:
هو سلوك يمارسه بعض المسؤولين مستغلين مناصبهم لابتزاز المواطنين، عبر تعطيل المعاملات أو التهديد برفضها، إلا مقابل رشى أو منافع خاصة.


3. الاختلاس:
يتعلّق بالتلاعب في الأموال العامة، وسرقتها من قبل من يفترض بهم أن يكونوا أمناء عليها، ما يؤدي إلى خسائر مالية فادحة.


4. هدر المال العام:
ويحدث نتيجة الإهمال أو المحسوبية أو ضعف الكفاءة في التخطيط والصرف، وهو نوع من الفساد المقنّع الذي يصعب تتبعه، لكنه لا يقل خطورة.




---

ثانيًا: من المسؤول عن تفشي الفساد؟
لا يمكن حصر المسؤولية في أفراد بعينهم فقط، بل هي شبكة تتداخل فيها عدة أطراف:

الأنظمة الرقابية الضعيفة التي تفتقر إلى آليات فعالة للكشف والمساءلة.

الثقافة المجتمعية السلبية التي تتعامل مع الرشوة كـ "إكرامية" أو وسيلة للتيسير.

السكوت الجماعي عن الفساد، وعدم الإبلاغ عنه خشية الانتقام أو انعدام الثقة في آليات التحقيق.

غياب القدوة الصالحة في المواقع القيادية، ما يؤدي إلى "شرعنة" الفساد في عيون الموظفين الجدد.



---

ثالثًا: الفساد بين الفجور والتقوى - نظرة قرآنية
الآية الكريمة من سورة الشمس: "ونفسٍ وما سوّاها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها"، تختصر الصراع الداخلي في نفس كل إنسان، بما في ذلك الموظف العام.

الفجور في الوظيفة: هو خيانة الأمانة، استغلال المنصب، العبث بحقوق الناس، وتقديم المصالح الشخصية على الصالح العام.

التقوى في الوظيفة: هي أداء الواجب بإخلاص، والحرص على المال العام، واحترام الناس وحقوقهم، ومراقبة الله في كل خطوة.


النفس البشرية حُرّة في الاختيار، لكن من يزكي نفسه ويروضها على الخلق القويم يفلح، أما من يُفسدها بالشهوات والمصالح الذاتية فإنه يَخيب ويُهلك.


---

رابعًا: كيف نواجه هذا الفساد؟ – خطوات عملية

1. التربية الدينية والأخلاقية منذ الصغر، لتعزيز الضمير والوازع الداخلي.


2. فرض قوانين صارمة لمكافحة الفساد، مع تفعيل المحاسبة بجدّية واستقلالية.


3. تعزيز الشفافية في الإجراءات الإدارية، وربط التقييم الوظيفي بالأداء والنزاهة.


4. توفير بيئة آمنة للتبليغ عن الفساد دون خوف من الانتقام أو الإقصاء.


5. إبراز النماذج المشرقة من الموظفين الأمناء وتكريمهم علنًا، لتغيير النموذج الذهني للموظف في المجتمع.


6. تبسيط الإجراءات الإدارية لتقليل فرص التلاعب والابتزاز.




---

خاتمة:
إن الفساد ليس قضاءً محتومًا، بل هو نتيجة اختيارات بشرية، تبدأ من النفس وتنتهي إلى المجتمع. وإذا ما وُجد الإيمان، والضمير، والقانون العادل، فإن الإصلاح ممكن بل واجب. كما أن مكافحة الفساد مسؤولية جماعية، تتطلب شجاعة الفرد، ونزاهة المسؤول، ووعي المجتمع، ليكون الجميع شركاء في صناعة وطن لا يُظلم فيه أحد، ولا تُهدَر فيه خيرات الأجيال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلّكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيته"، فهل سنكون رعاة أمناء، أم شهود زور على وطن يُنهشه الفساد؟



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسول بين الفرد والدولة ...
- عبق الماضي
- الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهوربة الصين ...
- الشارع التونسي والحركات الأسلامية المعتدلة بين الحقيقة والوه ...
- الصحافة .حارسة الحقيقة
- اللعبة الأقتصادية من يحركها ولماذا لايعيش البشر سواسيه؟
- بين سطوة القوة وأنفلات الفكر .قرأة في عالم تحكمه المصالح بدو ...
- جريمة القتل ظاهرة تنذر بالخطر وتشريعات تحتاج وجهة نظر
- هل يتحقق الحلم العراقي بالوصول مرة ثانية لكأس العالم بكرة ال ...
- التيار الصدري وتحديث بطاقة الناخب هل تلويح للمشاركة في الأنت ...
- خور عبدالله بين المد الكويتي والجزر العراقي
- الحرية المطلقة وتفكك الأسرة المهاجرة في المجتمعات الغرببة ال ...
- الشرق الأوسط وتصاعد الأزمات وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الأزمات المتجددة في الشرق الأوسط وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الهند والباكستان. تصعيد عسكري وتحذيرات نوويه
- السويد بين مفترق طرق .هل تتحول العودة الطوعية الى تطهير ناعم ...
- الناتو بين الماضي والحاضر والمستقبل
- ماذا وراء انفجارات بندر عباس الأيراني
- أنتهاكات حقوق الأنسان ضد المرأة والطفل في مناطق النزاع السود ...
- هل تصريحات ترامب الأخيره بأنه على أستعداد لمقابلة القادة الأ ...


المزيد.....




- صورة متداولة لقاذفة B-2 الأمريكية عند ضرب منشآت إيران النووي ...
- -طريقي لرئاسة أمريكا سهل-.. نجل ترامب يلمّح إلى إمكانية ترشح ...
- تل أبيب تستعيد أنفاسها.. الحياة تعود رغم هشاشة الهدنة مع إير ...
- الجنوب الليبي .. كنز مدفون ومعاناة متواصلة
- مصادر طبية في غزة: مقتل عشرات بهجمات ووفاة أطفال بسوء تغذية ...
- R?ng th?n t?m kho b?u 789club – M? c?a huy?n tho?i s?n l?c l ...
- Loki’s Riches 789club – Khi th?n l?a g?t d?n l?i v?n may
- The Wild Gang 789club – Xông pha mi?n vi?n Tây, s?n th??ng r ...
- Beware the Deep 789club – S?n kho b?u d? d?i gi?a l?ng ??i d ...
- جامعة فرنسية تطرد طالبا من حفل تخرج بعدما اتهمها بدعم إبادة ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - الفساد الأداري بين الفجور والتقوى