أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رحيم حمادي غضبان - الحرية المطلقة وتفكك الأسرة المهاجرة في المجتمعات الغرببة السويد نموذج لذلك















المزيد.....

الحرية المطلقة وتفكك الأسرة المهاجرة في المجتمعات الغرببة السويد نموذج لذلك


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8329 - 2025 / 5 / 1 - 14:07
المحور: حقوق الانسان
    


مقدمة

تشهد المجتمعات الغربية في العقود الأخيرة تحولات عميقة على الصعيدين الاجتماعي والثقافي، خاصة في ظل استقبالها أعدادًا كبيرة من المهاجرين من خلفيات ثقافية ودينية متنوعة. وبينما تفتخر هذه المجتمعات بقيم الحرية الفردية والمساواة، فإن هذه القيم حين تُطبق بشكل مطلق دون مراعاة للبُنى الثقافية للمهاجرين، قد تفرز نتائج سلبية، أبرزها تفكك الأسر، ضياع الأطفال، وتنامي الجريمة بين القاصرين.

تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الظواهر المرتبطة بتأثير التشريعات الغربية، خاصة في الدول الإسكندنافية، على الأسرة المهاجرة، وتسليط الضوء على ظاهرة تصاعد الجريمة والانحراف بين القُصّر، مع تقديم السويد كنموذج واقعي لهذه الظواهر، واقتراح حلول ومعالجات توازن بين الحقوق الفردية والتماسك الاجتماعي.


---

أولاً: أبرز العوامل المؤثرة في التفكك الأسري والانحراف بين القُصّر

1. الحرية المطلقة وتآكل السلطة الأبوية
العديد من السياسات الغربية تشجع على حرية الطفل في التعبير والقرار، ما يجعل سلطة الوالدين في تربية الأبناء موضع شك دائم. حين يُمنع التأديب أو يُجرّم أي أسلوب حازم في التربية، يفقد الوالدان أدواتهم الأساسية في التوجيه.


2. قوانين حماية القُصّر والتدخل الأسري
تنص قوانين حماية الطفل في دول مثل السويد على أحقية المؤسسات الحكومية (مثل السوسيال) في التدخل وسحب الأطفال من ذويهم، أحياناً بناءً على تقارير مدرسية أو شكاوى من الأطفال أنفسهم. هذا التدخل، وإن كان في ظاهره لحماية القُصّر، إلا أنه يؤدي أحياناً إلى تمزيق الأسر دون معالجات واقعية للأسباب.


3. تشجيع الاستقلال المبكر وحرية العلاقات
تمنح بعض الدول الأوروبية للشباب حق الاستقلال منذ سن 16، بما في ذلك العيش بمفردهم، وتكوين علاقات خارج إطار الزواج دون قيود. هذا يؤدي إلى تفكك الرابط الأسري، خاصة في الأسر ذات المرجعيات الدينية أو الثقافية المحافظة.


4. ضعف برامج الاندماج وتعليم اللغة للمهاجرين
على الرغم من الجهود التي تبذلها الدول الغربية في مجال تعليم اللغة وتعزيز الاندماج، إلا أن كثيرًا من هذه البرامج تبقى شكلية، ولا تراعي الفروقات الثقافية، ولا تقدم حلولاً واقعية لمعضلة العزلة اللغوية التي يعاني منها كثير من الأهل، مما يُفاقم الفجوة بين الأجيال داخل الأسرة الواحدة.


5. الثقافة الفردية مقابل ثقافة الجماعة
تروج الثقافة الغربية لفكرة الاستقلال التام عن الأسرة والمجتمع، وهو ما يصطدم مع الثقافات الجماعية التي ترى في الأسرة وحدة أساسية للحماية والتنشئة. هذا التنافر يُفضي إلى صراعات داخلية، وفقدان للانتماء، وسلوكيات متطرفة أحيانًا.




---

ثانياً: السويد كنموذج تطبيقي

1. قوانين الرعاية الاجتماعية "السوسيال"

تمتلك السلطات السويدية، ممثلة بـ"السوسيال"، صلاحيات واسعة في التدخل العائلي، تصل إلى سحب الأطفال من أسرهم. وقد تعرضت هذه السياسات لانتقادات كبيرة، خاصة من المهاجرين، الذين يعتبرون أن بعض القرارات تفتقر إلى الفهم الثقافي، وتُمارس أحيانًا استنادًا إلى بلاغات غير دقيقة أو سوء فهم لسلوكيات الأهل.

2. تشجيع الانفصال والاستقلال المبكر

في السويد، يستطيع المراهق أن يستقل عن أسرته، ويستلم دعماً حكوميًا للعيش بمفرده، حتى في سن 16. هذا القانون الذي يبدو داعمًا لحرية الفرد، ساهم في تمزيق الروابط الأسرية، وفتح الباب أمام تأثيرات خارجية خطيرة كالعصابات أو رفاق السوء.

3. ضعف فعالية برامج تعليم اللغة والاندماج

برامج مثل SFI (السويدية للمهاجرين) غالبًا ما تكون محدودة في فاعليتها، وتعاني من بيروقراطية شديدة. هذا يؤدي إلى تأخر اندماج الأهل، وبقائهم في عزلة لغوية وثقافية تخلق فجوة عميقة بينهم وبين أبنائهم الذين يندمجون بسرعة في المجتمع السويدي.

4. تصاعد الجريمة بين القُصّر

تشير التقارير الأمنية السويدية في السنوات الأخيرة إلى تورط متزايد للقُصّر في جرائم منظمة، تشمل تجارة المخدرات، السطو، وحتى القتل، خاصة في ضواحي المدن الكبرى مثل ستوكهولم ويوتوبوري ومالمو. وغالبًا ما يتم تجنيد هؤلاء الأطفال من قبل عصابات تستغل فراغهم الأسري، وجهلهم بالقوانين.


---

ثالثاً: الآثار الاجتماعية الخطيرة

تفكك الأسرة وضعف سلطتها التربوية

ارتفاع نسب الطلاق والعنف الأسري داخل الجاليات المهاجرة

انتشار الاضطرابات النفسية والانتحار بين المراهقين

ظهور "هوية ممزقة" بين القيم الأصلية وقيم المجتمع الجديد

تراجع ثقة الأسر المهاجرة بالمؤسسات الحكومية



---

رابعاً: الحلول والمعالجات المقترحة

1. مراجعة السياسات والقوانين

ضرورة مراجعة قوانين حماية الطفل بحيث تضمن حماية حقيقية دون المساس غير المبرر بالأسرة.

وضع معايير ثقافية مرنة تراعي تنوع الخلفيات الاجتماعية عند التدخل في القضايا الأسرية.


2. تعزيز برامج الاندماج الفعالة

تقوية برامج اللغة بحيث تشمل الجوانب الثقافية والقانونية، وتُشرف عليها مؤسسات متعددة الثقافات.

دعم مبادرات الاندماج المجتمعي التي تجمع بين المهاجرين والسكان الأصليين على أسس الاحترام المتبادل.


3. تمكين الأسرة

توفير برامج دعم وتدريب للأهالي على قوانين التربية الحديثة.

إنشاء مراكز استشارية أسرية متعددة اللغات والثقافات، تتوسط بين الأسر والمؤسسات الرسمية.


4. حماية القُصّر من الانزلاق

دعم المدارس والبلديات لإنشاء نوادٍ شبابية، وأنشطة بديلة تستوعب طاقات المراهقين.

سن قوانين تمنع استغلال القُصّر من قبل العصابات، وتزيد الرقابة على المناطق المهمشة.


5. تعزيز الحوار بين الثقافات

تشجيع الحكومات على إقامة شراكات مع منظمات المجتمع المدني من خلفيات متعددة.

تنظيم حملات إعلامية توعوية مشتركة تشرح الفروق الثقافية دون شيطنة أو تبجيل مطلق.



---

خاتمة

ليست القضية صراعًا بين القيم الغربية والقيم المهاجرة، بل هي صراع بين الإطلاق المطلق للحرية، والحاجة إلى توازن يحمي الإنسان كأسرة وفرد. إن التحديات التي تواجه الأسرة المهاجرة، خاصة في السويد، لا تُحل بإجراءات أمنية أو قوانين حماية فقط، بل تتطلب رؤية شاملة، تراعي البُعد الثقافي والاجتماعي، وتعترف بأن الاستقرار الحقيقي يبدأ من داخل البيت.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق الأوسط وتصاعد الأزمات وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الأزمات المتجددة في الشرق الأوسط وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الهند والباكستان. تصعيد عسكري وتحذيرات نوويه
- السويد بين مفترق طرق .هل تتحول العودة الطوعية الى تطهير ناعم ...
- الناتو بين الماضي والحاضر والمستقبل
- ماذا وراء انفجارات بندر عباس الأيراني
- أنتهاكات حقوق الأنسان ضد المرأة والطفل في مناطق النزاع السود ...
- هل تصريحات ترامب الأخيره بأنه على أستعداد لمقابلة القادة الأ ...
- فشل اجتماع لندن حول الشأن الأوكراني. انقسام غربي بالمواقف وأ ...
- الدبلوماسية العراقية بين باريس واشنطن ماذا ورائها ؟
- تونس بين كماشة القمع وتوق التغيير. هل هناك ربيع تونسي يفوق ف ...
- روسيا والملف النووي الأيراني .بين الوساطة الفاعلة وتثبيت الح ...
- عمان والدور الدبلوماسي الصاعد من الوساطات الهادئه الى التأثي ...
- ليبيا على أعتاب قمة بغداد
- الأردن في عين العاصفة
- الوضع الراهن في السودان ودور الجامعة العربيه في الخارطة السي ...
- قمة بغداد القادمة بين رهانات الأستقرار وتحديات الأقليم
- الغارات الأمريكية على اليمن. حرب على الأرهاب ام هي تصفية حسا ...
- زيلينسكي يتهم بوتين بالخداع
- بين الواقع والطموح هل ينجح محمد شياع السوداني بتحقيق ولاية ث ...


المزيد.....




- قتلى قرب مواقع توزيع مساعدات في غزة، والأمم المتحدة تدعو إلى ...
- -اليونيسف-: يدخل غزة من القنابل والصواريخ أكثر بكثير من المو ...
- بوتين: العلاقات المثلية ليست محظورة في روسيا بل فقط الترويج ...
- إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد
- أُصارع العجز والألم بيد واحدة
- ردود جديدة بشأن أماكن احتجاز 203 معتقلين من غزة في سجون الاح ...
- الاستخبارات الإيرانية تعلن اعتقال شخصين يعملان لصالح الموساد ...
- الأمن الداخلي الإيراني يعلن اعتقال عنصرين -تابعين للموساد-
- وصول دفعة جديدة من الأسرى العسكريين الروس إلى مقاطعة موسكو
- سلطات الاحتلال تؤجل محاكمات الأسرى الفلسطينيين إلى الأربعاء ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رحيم حمادي غضبان - الحرية المطلقة وتفكك الأسرة المهاجرة في المجتمعات الغرببة السويد نموذج لذلك