أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - بين سطوة القوة وأنفلات الفكر .قرأة في عالم تحكمه المصالح بدون عدالة














المزيد.....

بين سطوة القوة وأنفلات الفكر .قرأة في عالم تحكمه المصالح بدون عدالة


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 08:51
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمن يموج بالتغيرات السياسية، والانقلابات الفكرية، والانفجارات الإعلامية، باتت بعض الحقائق القديمة تستيقظ من سباتها لتؤكد أن العالم لا يُدار دائمًا بمنطق العدل، بل بمنطق القوة والمصلحة. مقولتان تلخصان هذا الواقع المعقّد، وتكشفان عن طبيعة الصراع القائم في جوهره: "البقاء للأقوى لا للأعدل"، و"الخطر الحقيقي ليس السلاح إنما الأفكار التي تخرج عن السيطرة". وبين هاتين الحقيقتين، نقرأ مشهدًا عالميًا يشهد على تحولات تُنذر بأن الفكر والقوة قد يتكاملان… أو يتحاربان.

العدالة المغيبة خلف ستار القوة

لطالما كانت العدالة هي الحلم الإنساني الأول، لكنها نادرًا ما كانت هي المنتصر في ميادين السياسة والاقتصاد والحروب. المقولة الأولى، "البقاء للأقوى لا للأعدل"، ليست تبريرًا لهذا الواقع بل توصيفًا صادقًا له. في عوالم السياسة الدولية، تقف الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، روسيا، أو الصين، لاعبين أساسيين في تقرير مصير شعوبٍ بأكملها، غالبًا عبر أدوات القوة العسكرية أو الاقتصادية، وليس عبر منطق الحق أو القانون الدولي.

غزو العراق عام 2003 مثال صارخ على ذلك. تدخل تمّ دون تفويض أممي واضح، وبحجج ثبت لاحقًا بطلانها، ليسقط النظام، وتدخل البلاد في دوامة من الفوضى والتفكك، دون أن تنال شعوبها نصيبها من "العدالة" الموعودة. في هذا المشهد، لم تكن العدالة هي المنتصرة، بل كانت القوة، بوجوهها المختلفة، هي من تحكم.

وفي ميادين الاقتصاد، نرى شركات التكنولوجيا العملاقة تفرض هيمنتها على حياة البشر اليومية. إنها لا تقدم بالضرورة ما هو أعدل أو أفضل للناس، لكنها الأقوى: من حيث الموارد، والبيانات، والقدرة على التغلغل في سلوك المستخدمين وتشكيل وعيهم. هنا أيضًا، القوة هي التي تبقى وتُهيمن، لا العدالة.

الفكر حين يتحول إلى سلاح فتاك

إذا كانت القوة هي التي تحكم الواقع، فإن الفكر هو الذي يصنع المستقبل… سواء كان نورًا أو نارًا. المقولة الثانية "الخطر الحقيقي ليس السلاح إنما الأفكار التي تخرج عن السيطرة" تلفت نظرنا إلى أن الأسلحة مهما بلغت فتكها، تظل أدوات محدودة التأثير ما لم يقف خلفها فكر موجّه. أما حين يُترك الفكر ليتغذى على الغضب أو الظلم أو الأيديولوجيات المتطرفة، فإنه يتحول إلى سلاح جماهيري لا يمكن احتواؤه بسهولة.

الفكر النازي الذي اجتاح ألمانيا في الثلاثينيات لم يبدأ كجيوش مدججة، بل كخطاب محموم عن "العرق المتفوق"، ثم تحول إلى آلة حرب أبادت ملايين البشر. السلاح لم يكن البداية، بل النهاية. البداية كانت فكرة… خرجت عن السيطرة.

وفي عالمنا المعاصر، شاهدنا كيف أن تنظيمات إرهابية مثل "داعش" لم تكن لتشكل خطرًا عالميًا لو لم تتأسس على فكر متشدد انتشر عبر الإنترنت، واستقطب شبابًا من مختلف الثقافات. لم يكن السلاح هو الذي غيّر المعادلات، بل كانت الفكرة هي القنبلة الحقيقية، وكل من حملها صار في حد ذاته سلاحًا بشريًا.

لقاء الفكرة بالقوة: الخطر الأعظم

عندما تلتقي القوة مع فكر متطرف أو منفلت، تكون النتيجة كارثية. النظم الاستبدادية لا تكتفي بالبطش العسكري، بل تروّج لأفكار تُشرعن القمع وتُؤله الزعيم. وفي المقابل، الجماعات المتطرفة لا تبقى في حيّز "الفكرة" فقط، بل تسعى دائمًا إلى امتلاك السلاح لفرض رؤيتها على الواقع.

من هنا، تتجلى خطورة الجمع بين المقولتين. فحين يحكم العالم منطق "البقاء للأقوى"، فإن المظلومين والمقصيين يبحثون عن أفكار تعويضية، وغالبًا ما تكون هذه الأفكار حادة، ناقمة، وثورية. وعندما تخرج هذه الأفكار عن السيطرة، نجد أنفسنا أمام طوفان لا يوقفه الرصاص، ولا يحتويه القانون.

نحو توازن يعيد الاعتبار للعدالة

الخروج من هذا المأزق لا يتم بالقمع، ولا بالاستسلام لمنطق القوة، بل بإعادة الاعتبار إلى العدالة، وتمكين الفكر المعتدل، وفتح قنوات الحوار. العالم يحتاج إلى توازن جديد: قوة تُضبط بالعدالة، وفكر يُصاغ بالعقلانية والمسؤولية.

وفي الختام، لعل السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: كيف نعيد للفكرة قيمتها البناءة، ونكبح جموح القوة حين تُغري أصحابها بالهيمنة؟ فالعالم لن يستقر إلا حين تتوازن فيه القوة بالعدل، وتُوجَّه الأفكار نحو البناء لا التدمير.
بين



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة القتل ظاهرة تنذر بالخطر وتشريعات تحتاج وجهة نظر
- هل يتحقق الحلم العراقي بالوصول مرة ثانية لكأس العالم بكرة ال ...
- التيار الصدري وتحديث بطاقة الناخب هل تلويح للمشاركة في الأنت ...
- خور عبدالله بين المد الكويتي والجزر العراقي
- الحرية المطلقة وتفكك الأسرة المهاجرة في المجتمعات الغرببة ال ...
- الشرق الأوسط وتصاعد الأزمات وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الأزمات المتجددة في الشرق الأوسط وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الهند والباكستان. تصعيد عسكري وتحذيرات نوويه
- السويد بين مفترق طرق .هل تتحول العودة الطوعية الى تطهير ناعم ...
- الناتو بين الماضي والحاضر والمستقبل
- ماذا وراء انفجارات بندر عباس الأيراني
- أنتهاكات حقوق الأنسان ضد المرأة والطفل في مناطق النزاع السود ...
- هل تصريحات ترامب الأخيره بأنه على أستعداد لمقابلة القادة الأ ...
- فشل اجتماع لندن حول الشأن الأوكراني. انقسام غربي بالمواقف وأ ...
- الدبلوماسية العراقية بين باريس واشنطن ماذا ورائها ؟
- تونس بين كماشة القمع وتوق التغيير. هل هناك ربيع تونسي يفوق ف ...
- روسيا والملف النووي الأيراني .بين الوساطة الفاعلة وتثبيت الح ...
- عمان والدور الدبلوماسي الصاعد من الوساطات الهادئه الى التأثي ...
- ليبيا على أعتاب قمة بغداد
- الأردن في عين العاصفة


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - بين سطوة القوة وأنفلات الفكر .قرأة في عالم تحكمه المصالح بدون عدالة