أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - التسول بين الفرد والدولة ...














المزيد.....

التسول بين الفرد والدولة ...


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8334 - 2025 / 5 / 6 - 12:10
المحور: المجتمع المدني
    


تُعد الظواهر الاجتماعية مرآة تعكس واقع المجتمعات وتحولاتها، ومن بين أبرز هذه الظواهر التي تثير جدلاً واسعاً في المجتمعات العربية هي ظاهرة التسول. فهل التسول سلوك فردي ناشئ عن اختيار شخصي؟ أم أنه نتيجة لظروف اجتماعية واقتصادية قاهرة؟ أم أنه حالة مرضية تستدعي التعاطف والعلاج؟ هذه الأسئلة تضعنا أمام جدلية متعددة الأبعاد، تتقاطع فيها المسؤولية الفردية مع سياسات الدولة وأحكام القانون.

التسول كسلوك فردي

يرى البعض أن التسول مجرد سلوك اختياري يمارسه بعض الأفراد لاستدرار عطف الآخرين وتحقيق مكاسب دون عناء، خصوصاً في حالات من يمارسون التسول كمهنة. ويستند هذا الرأي إلى مشاهد متكررة لأشخاص يتمتعون بصحة جيدة، ويلجأون للتسول دون دوافع حقيقية سوى الكسب السهل. من هذا المنطلق، يُحمَّل الفرد مسؤولية سلوكه، ويبرر البعض العقوبات القانونية المفروضة على المتسولين، إذ تُعدّ هذه الممارسة في نظر القانون إخلالًا بالنظام العام ومصدر إزعاج للمجتمع.

التسول كنتاج للسياسات الاقتصادية

في المقابل، يرى آخرون أن التسول هو نتاج مباشر لفشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية للدولة، وخصوصًا في ما يتعلق بالتوظيف، التعليم، والرعاية الاجتماعية. ففي دول تعاني من معدلات فقر وبطالة مرتفعة، يصبح التسول وسيلة اضطرارية للبقاء، وليس خيارًا. في هذه الحالة، يكون الفرد ضحية لظروف قاهرة، ولا يمكن تحميله كامل المسؤولية. وهنا تظهر المسؤولية المجتمعية والحاجة لإصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية.

التسول كظاهرة مرضية

من زاوية أخرى، هناك من يُدرج التسول ضمن الاضطرابات النفسية أو السلوكية، خاصة في الحالات التي يتقمص فيها المتسول دور الضحية رغم توفر بدائل للعيش الكريم. بعض الدراسات النفسية تشير إلى أن هناك أنماطاً من "الإدمان على التسول"، حيث يشعر الفرد بالراحة في الاعتماد على الآخرين. وهذا الطرح يدعو إلى برامج تأهيل نفسي واجتماعي، وليس فقط العقاب القانوني.

لماذا يعاقَب المتسول؟

السؤال المحوري هنا: إذا كانت هذه الظاهرة نتاجًا لخلل بنيوي أو حالة مرضية، فلماذا يُجرَّم صاحبها؟. الجواب ليس بسيطًا، فالقانون لا يُعاقب على التسول بحد ذاته بقدر ما يُعاقب على النتائج السلبية المرتبطة به، كالنصب، استغلال الأطفال، تعطيل حركة المرور، أو التشويه البصري للمدن. وبالتالي، تدخل العقوبة كوسيلة للردع لا للانتقام، مع ضرورة أن تُقرن بسياسات علاجية.

معالجات ممكنة للظاهرة

1. تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية: كالدعم النقدي المباشر للأسر الفقيرة وبرامج ضمان البطالة.


2. توفير فرص العمل والتدريب المهني للفئات الهشة.


3. التشريعات المتوازنة التي تميز بين من يمارس التسول اضطراراً ومن يمتهنه استغلالاً.


4. الرقابة على الجمعيات والمؤسسات الخيرية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.


5. برامج التوعية المجتمعية التي تشجع على العطاء المسؤول وعدم تشجيع التسول غير المشروع.



خاتمة

ظاهرة التسول في المجتمعات العربية ليست مجرد سلوك عابر، بل هي مؤشر على تراكمات اقتصادية واجتماعية وقانونية تتطلب معالجة متعددة الأبعاد. التعامل معها بعقلانية وتوازن بين القانون والرحمة، وبين الردع والمعالجة، هو ما يكفل الحد منها دون أن نفقد البوصلة الأخلاقية أو العدالة الاجتماعية.



#رحيم_حمادي_غضبان (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبق الماضي
- الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهوربة الصين ...
- الشارع التونسي والحركات الأسلامية المعتدلة بين الحقيقة والوه ...
- الصحافة .حارسة الحقيقة
- اللعبة الأقتصادية من يحركها ولماذا لايعيش البشر سواسيه؟
- بين سطوة القوة وأنفلات الفكر .قرأة في عالم تحكمه المصالح بدو ...
- جريمة القتل ظاهرة تنذر بالخطر وتشريعات تحتاج وجهة نظر
- هل يتحقق الحلم العراقي بالوصول مرة ثانية لكأس العالم بكرة ال ...
- التيار الصدري وتحديث بطاقة الناخب هل تلويح للمشاركة في الأنت ...
- خور عبدالله بين المد الكويتي والجزر العراقي
- الحرية المطلقة وتفكك الأسرة المهاجرة في المجتمعات الغرببة ال ...
- الشرق الأوسط وتصاعد الأزمات وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الأزمات المتجددة في الشرق الأوسط وتجدد الحديث عن حل الدولتين
- الهند والباكستان. تصعيد عسكري وتحذيرات نوويه
- السويد بين مفترق طرق .هل تتحول العودة الطوعية الى تطهير ناعم ...
- الناتو بين الماضي والحاضر والمستقبل
- ماذا وراء انفجارات بندر عباس الأيراني
- أنتهاكات حقوق الأنسان ضد المرأة والطفل في مناطق النزاع السود ...
- هل تصريحات ترامب الأخيره بأنه على أستعداد لمقابلة القادة الأ ...
- فشل اجتماع لندن حول الشأن الأوكراني. انقسام غربي بالمواقف وأ ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة في ليبيا تدعو إلى تحقيق مستقل في اختفاء عضو مج ...
- الأونروا: 66 ألف طفل في قطاع غزة يعانون سوء تغذية خطيرا
- مديرة المنظمة الدولية للهجرة تزور تونس وسط أزمة المهاجرين ال ...
- -حماس-: توسيع إسرائيل عملياتها البرية في غزة تضحية بالأسرى و ...
- حماس: مصادقة الاحتلال على توسيع عمليته البرية في غزة قرار صر ...
- -الأونروا-: مئات آلاف الفلسطينيين يتناولون وجبة واحدة كل يوم ...
- -الأونروا-: 66 ألف طفل في قطاع غزة يعانون سوء تغذية خطيرا
- الحصول على الجنسية الفرنسية : ثلاث تعميمات من وزير الداخلية. ...
- القمة في العراق فكرة لا تطاق /2من2
- روسيا تؤكد دعمها لتدقيق أداء الأمم المتحدة وتدعو لإصلاح البي ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - التسول بين الفرد والدولة ...