رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 12:45
المحور:
قضايا ثقافية
في عالم السياسة، تختلف الطرق التي يصل بها الأفراد أو الجماعات إلى كرسي السلطة. ما بين الثورة التي تنبع من الشارع، والانقلاب الذي يأتي غالبًا من ثكنة عسكرية، والانتخابات التي تنطلق من صناديق الاقتراع، تبقى الغاية واحدة: الحكم. لكن هل تختلف النتائج باختلاف الوسائل؟ وهل تؤدي كل الطرق إلى دولة عادلة؟
الثورة: حين يصرخ الشارع
الثورة هي الصرخة الأخيرة للشعوب حين تُسدّ أمامها الطرق السلمية. عندما تتراكم الأزمات، وتُكبت الحريات، ويتجاهل الحاكم صوت الناس، تنفجر الشوارع. كما حدث في تونس عام 2011 حين أشعل محمد البوعزيزي النار في جسده، لتشتعل بعدها نار التغيير.
لكن الثورة سلاح ذو حدين. في سوريا وليبيا، تحوّلت المطالب المشروعة إلى حروب أهلية وصراعات دولية، بسبب غياب القيادة الواعية وتدخلات الخارج. لذا، نجاح الثورة لا يتوقف على لحظة اندلاعها، بل على ما يليها من تنظيم وبناء.
الانقلاب: الحل العسكري السريع
الانقلاب يأتي غالبًا من داخل المؤسسة العسكرية، ويُنفذ باسم "إنقاذ الوطن". بعض الانقلابات أحدثت تحولات تاريخية، كما في مصر عام 1952 حين أنهى الضباط الأحرار الملكية، وأسسوا الجمهورية.
لكن في دول مثل غينيا ومالي، تكررت الانقلابات دون نتائج ملموسة، بل زادت من هشاشة الدولة. وفي تركيا عام 2016، فشل الانقلاب لكنه منح النظام فرصة لتعزيز قبضته على مفاصل الدولة. الانقلاب قد يغيّر الواجهة، لكنه نادرًا ما يغيّر الجوهر.
الانتخابات: الخيار الديمقراطي... بشرط
الانتخابات هي الوسيلة الأكثر قبولاً عالمياً لتداول السلطة. في ألمانيا والسويد، تُنتج الانتخابات أنظمة مستقرة ومتقدمة. أما في الهند، فإن الديمقراطية - رغم تعقيداتها - صمدت كأكبر تجربة انتخابية في العالم.
لكن في بعض الدول، مثل العراق ولبنان، تُجرى الانتخابات دون أن تُنتج تغييراً حقيقياً، بسبب الطائفية والمحاصصة والفساد. وفي فنزويلا، أدت انتخابات ظاهرها ديمقراطي إلى ترسيخ حكم استبدادي.
من يقرر النتيجة؟
الوسيلة وحدها لا تصنع الفرق، بل إرادة الشعب وقدرته على المراقبة والمحاسبة. فثورة بلا مشروع، أو انقلاب بلا انتقال مدني، أو انتخابات بلا نزاهة، كلها طرق تنتهي إلى ذات المصير: الفشل.
النجاح لا يكمن في كيف نصل إلى الحكم، بل في ما نفعله بعد الوصول إليه.
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟