رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8350 - 2025 / 5 / 22 - 09:11
المحور:
قضايا ثقافية
في عالمٍ لا يعرف السكون، تتغير فيه ملامح كل شيء من حولنا، نُولد ونحن نشهد التحولات من لحظة خروجنا إلى الحياة، فنتبدل جسديًا وعقليًا ونفسيًا. فالتغير سُنّة الكون، من تقلب الفصول، إلى حركة الكواكب، إلى تغيّر وجوه الناس وأحوالهم. الإنسان ذاته، يتغير من حيث العمر، من حيث المشاعر، وحتى في أسلوب تفكيره وسلوكياته. يعيش بين التغيرات البيئية والاجتماعية، وبين ما يختار تغييره بنفسه وما يُفرض عليه دون إرادته.
لكن وسط هذا السيل المتدفق من التحول، تبقى حقيقة واحدة ثابتة لا تتغير، لا تُؤجّل ولا تُلغى، وهي الموت. إنه الحدّ الفاصل، والموعد المؤكد الذي لا يتأخر ولا يتقدّم، مكتوب على كل كائن حيّ منذ لحظة ميلاده. يختلف الناس في كل شيء، إلا في حقيقة أنهم راحلون.
الموت لا يعرف الفوارق، لا يفرق بين صغير وكبير، ولا بين عالم وجاهل، ولا بين غنيّ وفقير. هو الحقيقة التي تجعل الإنسان يعيد ترتيب أولوياته، ينظر إلى الحياة نظرة مختلفة، ويسأل نفسه: ما القيمة الحقيقية لما أفعله؟ إلى أين أسير؟ ما الذي سيبقى بعد أن أغادر؟
وقد يبدو الموت في ظاهره نهاية، لكنه في جوهره بداية لحياة أخرى في عقيدة المؤمنين. وهو تذكير دائم بأن الدنيا، مهما طال فيها المقام، ليست دار بقاء. كثيرون يهربون من الحديث عنه، وكأنه شيء غريب، بينما هو أقرب إلينا من أنفاسنا، وهو من يمنح لحياتنا معناها الحقيقي. فحين ندرك أن وقتنا محدود، نُحسن استغلاله، ونبتعد عن الأذى والعبث، ونقترب من المعنى والهدف.
الموت هو الحقيقة التي تقوّم سلوك الإنسان، وتدعوه للتفكر في مصيره، لا ليحزن وييأس، بل ليُعدّ العدّة، ويعيش حياة أكثر صدقًا وعمقًا. هو الحقيقة الثابتة وسط عالمٍ كلّه تغيّر، التي ما إن نتأملها، حتى نزداد إيمانًا، وتواضعًا، ويقينًا بأننا لسنا إلا عابرين، فلنحسن العبور.
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟