أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - مادة الثقافة الجنسية هل أصبحت ظرورة في المدارس؟














المزيد.....

مادة الثقافة الجنسية هل أصبحت ظرورة في المدارس؟


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 12:58
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمن الانفتاح الرقمي والمعلومات المتدفقة من كل حدب، لم يعد من الممكن عزل المراهقين عن قضايا تتعلق بأجسادهم وتكوينهم النفسي والجنسي. وفي ظل هذا الواقع، تبرز قضية تدريس الثقافة الجنسية في المدارس كواحدة من أكثر الموضوعات إثارة للجدل بين مؤيد يرى فيها حماية ووقاية، ومعارض يراها مدخلًا للانفلات الأخلاقي والانحراف الجنسي.

في جوهرها، الثقافة الجنسية ليست مادة لإثارة الغرائز أو تحفيز الفضول، بل هي علم يسعى إلى توعية المراهقين بمراحل البلوغ، والخصوصية الجسدية، والعلاقات الصحية، وطرق الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيًا، كما تساعد على تكوين وعي نفسي واجتماعي سليم يراعي الفروق الفردية، ويُحترم من خلاله الجسد والحدود الشخصية. ومن المؤسف أن بعض المجتمعات لا تزال تُجرّم الرغبة الجنسية لدى الفتاة أو تنظر إليها باعتبارها تهديدًا للشرف والأسرة، بينما تعتبرها لدى الذكر أمرًا طبيعيًا لا يستدعي النقاش. هذه النظرة غير العادلة تضع الفتاة في دائرة من القمع والكبت، وقد تدفعها إلى البحث عن إجابات ومخارج خارج الإطار السليم، مثل ممارسة العادة السرية بشكل مفرط أو الدخول في علاقات مؤذية أو حتى التوجه نحو ممارسات لا تتفق مع الفطرة.

الاعتقاد بأن تدريس الثقافة الجنسية يؤدي إلى الانحراف أو يشجع على الشذوذ هو طرح لا يستند إلى دليل علمي، بل إن الدراسات الحديثة أثبتت أن المراهقين الذين يتلقون تعليمًا جنسيًا متوازنًا يكونون أكثر وعيًا وقدرة على اتخاذ قرارات مسؤولة، ويؤخرون في الغالب انخراطهم في العلاقات الجنسية مقارنة بمن حُجب عنهم هذا النوع من المعرفة. الصمت لا يحمي، بل يترك فراغًا يُملأ بمعلومات مغلوطة من الإنترنت أو الأصدقاء، وقد يكون هذا الفراغ مدخلًا للانحراف أو الاستغلال.

لا يمكن أيضًا تجاهل أن بعض الآباء والمعلمين يتجنبون الحديث عن هذه المواضيع بدافع الحياء أو الخوف من فتح الباب للفضول، لكن التربية الحقيقية لا تعني الصمت، بل تعني التوجيه. إن إدراج الثقافة الجنسية في المناهج لا يعني دعوة إلى الانفلات، بل هو فرصة لحماية الفطرة وضبط الغريزة ضمن أطر صحية ونفسية وأخلاقية. والوقاية من الشذوذ الجنسي والانحرافات السلوكية لا تأتي من الإنكار أو الحظر، بل من خلال تقديم محتوى علمي متوازن يجمع بين العلم والدين، ويؤصل الفطرة بشكل تربوي لا عنيف ولا متشدد. كما أن تعزيز الهوية الجنسية السوية يبدأ من البيت والمدرسة، من خلال الحوار المفتوح والقدوة السليمة، وتجنب شيطنة الأسئلة أو تخويف الأبناء من أجسادهم أو ميولهم الفطرية.

للتحصين الحقيقي من الانحراف، لا بد من إشراك الأسرة في هذا الدور، ومتابعة المحتوى الرقمي الذي يتعرض له الأبناء، وتنمية وعيهم النقدي تجاه ما يُعرض عليهم من مفاهيم مشوشة أو مغلوطة تحت غطاء الحرية أو الحداثة. كذلك، فإن دعم الصحة النفسية لدى المراهقين ومعالجة مشاعر الرفض أو العزلة، من أهم أدوات الوقاية، فالمراهق الذي يشعر بالأمان والانتماء والتقدير، أقل عرضة للانجراف خلف تيارات غير سوية.

إن إدراج الثقافة الجنسية في المدارس لا يُعد ترفًا تربويًا، بل ضرورة لحماية الأجيال من الجهل والاستغلال. هذه الثقافة، حين تُقدَّم بشكل علمي ومحترم، لا تحرّض على الفساد، بل تحصّن الفرد والمجتمع من التفكك والتجريب العشوائي. هي ليست دعوة للرغبة، بل دعوة للفهم والوعي والمسؤولية. إنها مادة تُدرس لحماية الكرامة الإنسانية، وتنظيم الفطرة، وتوجيه الغريزة، لا لقمعها أو إطلاقها بلا ضابط.

الخلاصة أن المراهق الذي يعرف جسده ويعرف حدوده يكون أكثر قدرة على احترام ذاته واحترام الآخرين، وأكثر استعدادًا لبناء علاقات صحية وآمنة مستقبلًا. أما تركه في دوامة الصمت والجهل والخوف، فليس إلا تهيئة له ليقع ضحية لمعلومة مغلوطة، أو تجربة مؤلمة، أو انحراف يمكن تجنبه بقليل من الشجاعة والصدق في التربية. وبين أن نسأل: "هل نُعلم أبناءنا؟" أو "كيف نُعلمهم؟" علينا أن نختار السؤال الثاني، ونجيب عنه بوعي ومسؤولية.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خذ الحكمة من أفواه المجانين
- كلكم خەڵکەکم
- مقابر العراق تتحول الى مسرح لصناع المحتوى
- الأم البديلة واشكالات منح الجنسية للمولود
- التغيب القسري في العراق جريمة مستمرة بين ضعف الدولة وصمت الع ...
- التسامح قوة الأخلاق
- الأبادة الجماعية
- العقل الباطن
- المقاومة بين شرعية التحرر وتهمة الأرهاب
- تقبض من دبش
- الطبع والتطبع ببن الفطرة والأكتساب
- الثراء نعمة ام نقمة؟
- الرأي العام
- الحقيقة الثابتة
- الأحتيال المالي
- طرق الوصول إلى السلطة
- الوعد والعهد هل مازال من يعمل بهما
- الأنتحار بين الجريمة والظاهرة والمرض
- بكاء الجوع
- الصداقة بين الأمس واليوم


المزيد.....




- نائب وزير الدفاع البريطاني: النزاع الأوكراني كشف تخلف نظام ا ...
- ارتفاع أسعار -الدوارة- في المغرب قبل عيد الأضحى
- هل انتهى مشوار كريستيانو رونالدو في الدوري السعودي وما الذي ...
- لماذا هاجمت وسائل إعلام في الجزائر سفير الإمارات؟
- احتجاجات في طرابلس تطالب برحيل حكومة الدبيبة، ودول الجوار تج ...
- شركة المثلجات -بن آند جيري- تصف الحرب الإسرائيلية على غزة بـ ...
- وزير خارجية ألمانيا: تزويد إسرائيل بالسلاح -سيخضع للتقييم-
- -سي إن إن-: واشنطن وبكين تتفاوضان على محادثة هاتفية بين ترام ...
- لغة الجسد تفضح حقيقة علاقة الزوجين أوباما رغم إنكار شائعة ال ...
- الجوازات السعودية تعلن وصول أكثر من 1.3 مليون حاج للمملكة عب ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحيم حمادي غضبان - مادة الثقافة الجنسية هل أصبحت ظرورة في المدارس؟