أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - رحيم حمادي غضبان - المقاومة بين شرعية التحرر وتهمة الأرهاب














المزيد.....

المقاومة بين شرعية التحرر وتهمة الأرهاب


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8353 - 2025 / 5 / 25 - 09:40
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


منذ قرون، كانت المقاومة بجميع أشكالها، وعلى رأسها الكفاح المسلح، وسيلة الشعوب المستعمرة والمقهورة لنيل الحرية والدفاع عن الأرض والكرامة. لم تُولد المقاومة من فراغ، بل جاءت ردًّا على الاحتلال، والظلم، والاستعباد، وسلب الثروات، وانتهاك السيادة. ورغم أن القانون الدولي يكفل حق الشعوب في مقاومة المحتل، فإن العالم اليوم يشهد ازدواجية في النظرة إلى هذا الحق، بين من يراه نضالًا مشروعًا ومن يوسمه بالإرهاب.

لقد شهد التاريخ الحديث أمثلة كثيرة على شعوب نهضت في وجه المستعمر رغم فقرها وقلة حيلتها، مؤمنة بأن الدم قد يكون الثمن الوحيد للتحرر. ومن أبرز هذه التجارب، تجربة الشعب الجزائري الذي خاض ثورة شرسة ضد الاستعمار الفرنسي بين عامي 1954 و1962، وقدم خلالها أكثر من مليون شهيد. لم يكن الكفاح الجزائري مجرد صراع مسلح، بل كان تعبيرًا عن هوية منهوبة، وكرامة مداسة، وسيادة مسلوبة، حيث لم يكن أمام الجزائريين خيار آخر بعد عقود من الاستعمار الدموي.

وفي فلسطين المحتلة، لم تنقطع جذوة المقاومة منذ نكبة عام 1948، التي شُرّد خلالها مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرضهم. وعلى مدى عقود، اتخذت المقاومة الفلسطينية أشكالًا مختلفة، من الانتفاضات الشعبية، إلى العمل المسلح، إلى المقاومة السياسية والدبلوماسية. ومع كل محاولة للدفاع عن الأرض والوجود، تُقابل هذه الأفعال باتهامات بالإرهاب، مدعومة إعلاميًا وسياسيًا من قوى كبرى تتبنى الرواية الإسرائيلية، متجاهلة أن الاحتلال ذاته هو الجذر الحقيقي للعنف والاضطراب.

وإذا وسّعنا دائرة الرؤية، سنجد أن شعوبًا عديدة عبر العالم اتخذت المقاومة المسلحة سبيلًا للتحرر. في فيتنام، قادت جبهة التحرير الوطنية (الفيت كونغ) مقاومة شرسة ضد الاحتلال الأمريكي خلال حرب فيتنام، التي أصبحت رمزًا عالميًا لصمود الشعوب أمام قوى عظمى. ورغم الدمار الهائل، انتصر الفيتناميون، وطُرد المحتل.

أما في جنوب إفريقيا، فكانت منظمة المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) بقيادة نيلسون مانديلا، واحدة من أبرز حركات المقاومة ضد نظام الفصل العنصري. لجأت المنظمة في مراحل معينة إلى الكفاح المسلح بعد أن سُدّت سبل التفاوض، واعتُبر مانديلا نفسه "إرهابيًا" في بعض القوائم الغربية، قبل أن يتحول لاحقًا إلى رمز عالمي للحرية والسلام بعد زوال النظام العنصري.

وفي الهند، رغم أن المقاومة ضد الاستعمار البريطاني اتخذت في أغلب مراحلها طابعًا سلميًا بقيادة المهاتما غاندي، إلا أن هناك فصائل هندية مارست العمل المسلح، واعتُبرت ضمن السياق الوطني مقاومة مشروعة ضد القوة الاستعمارية.

لكن حين ننظر إلى تعامل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي مع هذه القضايا، نجد مفارقة صارخة. فمع أن ميثاق الأمم المتحدة يؤكد على حق الشعوب في تقرير المصير، ومع أن القانون الدولي الإنساني، وتحديدًا البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، يقر بشرعية نضال الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، فإن التطبيق على أرض الواقع يخضع في الغالب لاعتبارات سياسية وانتقائية.

في القضية الفلسطينية، على سبيل المثال، صدرت عشرات القرارات من الأمم المتحدة تدين الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي وتدعو لحقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن هذه القرارات بقيت بلا تنفيذ فعلي، بسبب الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن، الذي يشل أي خطوة دولية فعّالة. هذه الازدواجية تُفقد المنظمة الدولية مصداقيتها، وتجعلها في نظر كثير من الشعوب مجرد أداة في يد الأقوياء.

وفي حالات أخرى، تدخل مجلس الأمن بسرعة وفعالية – كما حدث في غزو العراق للكويت عام 1990 – عندما كانت المصالح الغربية مهددة، بينما بقي صامتًا أمام الاحتلال الإسرائيلي المستمر، والعدوان على غزة، وتهجير السكان، والحصار المفروض منذ أكثر من 17 عامًا.

هذا التناقض في مواقف المجتمع الدولي جعل الكثير من الشعوب تُدرك أن العدالة لا تُمنح، بل تُنتزع. وأن الحق إن لم يكن مسنودًا بالقوة، فإن العالم سيتغافل عنه. ولذلك تستمر المقاومة، رغم القصف والتجويع والتشويه الإعلامي، لأنها قبل كل شيء موقف أخلاقي وإنساني يعبّر عن إرادة الحياة في وجه الموت المفروض.

إن وصم الكفاح المسلح بالإرهاب دون النظر في أسبابه وسياقاته هو تقزيم لتاريخ البشرية الذي شهد آلاف الأمثلة على شعوب نالت استقلالها عبر النضال المسلح. والتمييز بين "الإرهاب" و"المقاومة" يجب أن يقوم على أساس احترام القانون الدولي وحق الشعوب في التحرر، لا على أساس المصالح السياسية للقوى الكبرى.

وفي الختام، فإن العالم لن يعرف السلام الحقيقي ما دام يقف مع الجلاد ويشيطن الضحية. وإن الأمم المتحدة ومجلس الأمن مدعوان اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة الاعتبار لحق الشعوب في المقاومة، وتجريم الاحتلال، بدلًا من دعم أنظمة القمع وشرعنة الطغيان تحت شعارات الأمن والاستقرار. فالمقاومة ليست جريمة، بل صرخة حياة في وجه من يريد دفن الأوطان تحت ركام الهيمنة.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقبض من دبش
- الطبع والتطبع ببن الفطرة والأكتساب
- الثراء نعمة ام نقمة؟
- الرأي العام
- الحقيقة الثابتة
- الأحتيال المالي
- طرق الوصول إلى السلطة
- الوعد والعهد هل مازال من يعمل بهما
- الأنتحار بين الجريمة والظاهرة والمرض
- بكاء الجوع
- الصداقة بين الأمس واليوم
- القمم العربية مابين قمة دمشق وقمة بغداد
- دفتر ابو الثلاثين
- بين قوسين من الصمت
- التقارب السعودي التركي الى أين؟
- أخر المحطات
- دمشق وبغداد والتوجه الأمريكي
- غياب العراق عن القمة الخليجية الأمريكية الأسباب والتداعيات
- نجاح الدبلوماسية السعودية
- التيارات القومية العربية من جديد


المزيد.....




- سقوط طائرة ركاب صغيرة في سان دييغو بسبب الضباب الكثيف.. وهذه ...
- الأردن.. الملك عبدالله يثير تفاعلا بفيديو في ذكرى الاستقلال ...
- عملاء إسرائيل في لبنان.. الثقب الأسود‎
- بيان صادر عن حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني بمناسبة ي ...
- مقتل صحفي فلسطيني وعدد من أفراد عائلته في قصف إسرائيلي على ج ...
- ألمانيا.. رئيس اتحاد الأطباء يحذر من -حالة طوارئ في الرعاية- ...
- تقنية مبتكرة تبشّر بآفاق لعلاج إصابات النخاع الشوكي
- ليست مشكلتي: ترامب، بهذه العبارة يترك أوكرانيا أمام خيارين
- لحظات من الرعب.. راكب مجنون يحاول قتل ركاب طائرة يابانية متج ...
- الكرملين: التحضيرات جارية لزيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي ا ...


المزيد.....

- علاقة السيد - التابع مع الغرب / مازن كم الماز
- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - رحيم حمادي غضبان - المقاومة بين شرعية التحرر وتهمة الأرهاب