أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الديمقراطية وتبادل المصالح قرأة ببن الناخب ومن يمثله في التجربة العراقية ط














المزيد.....

الديمقراطية وتبادل المصالح قرأة ببن الناخب ومن يمثله في التجربة العراقية ط


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 14:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُعرّف الديمقراطية بأنها نظام حكم يقوم على مشاركة الشعب في اتخاذ القرار السياسي عبر آليات مؤسساتية، أهمها الانتخابات الدورية الحرة. وتعدّ الديمقراطية، في جوهرها، تعبيرًا عن إرادة المواطنين، إذ يُمنح كل فرد الحق في التصويت واختيار من يمثله في السلطة التشريعية والتنفيذية. ومن بين أبرز أدوات هذه المشاركة السياسية تأتي عملية الاقتراع، وهي الإجراء الذي يعبّر فيه الناخب عن اختياره من بين المرشحين، في صندوق انتخابي يفترض فيه أن يكون نزيهًا وشفافًا. في هذا السياق، تتأسس علاقة معقدة بين الناخب ومنتخبه، قوامها التمثيل من جهة، والمصلحة المتبادلة من جهة أخرى، ما يدفعنا لطرح سؤال بالغ الأهمية: هل يمكن اعتبار هذه العلاقة نفعية بطبيعتها؟ أم أنها علاقة تعاقدية أخلاقية هدفها خدمة الصالح العام؟

للإجابة عن هذا السؤال، لا بد من التمييز بين نوعين من النفع. النوع الأول هو النفع المشروع، الذي يتجسد عندما يصوّت المواطن لمرشح يرى فيه من يعبّر عن مطالبه ويعمل على تحسين ظروفه المعيشية، سواء من خلال توفير فرص العمل أو إصلاح البنى التحتية أو تعزيز العدالة الاجتماعية. في هذه الحالة، لا تعدّ العلاقة النفعية سلبية، بل إنها تمثل جوهر العملية الديمقراطية، حيث يكون التصويت أداة لتبادل الثقة والبرامج والسياسات التي تصب في خدمة المجتمع. أما النوع الثاني فهو النفع الضيق، غير المشروع، الذي يظهر حين يتحول الصوت الانتخابي إلى سلعة تُشترى وتُباع، سواء بالمال أو بالوعود الشخصية، كالتعيينات أو العقود الحكومية. وهذا النوع من العلاقة يقوّض أسس الديمقراطية، ويحوّلها من منظومة تشاركية إلى شبكة فساد ومحسوبية.

في النظر إلى التجارب العالمية، نجد أن الديمقراطية الحقيقية تنجح حين تُصان هذه العلاقة بين الناخب ومنتخبه ضمن أطر قانونية ومؤسساتية صارمة، كما في دول مثل السويد وكندا وألمانيا، حيث ترتكز العملية الانتخابية على برامج واقعية ومحاسبة صارمة، ويشعر الناخب بأن صوته له وزن فعلي في رسم السياسات العامة. أما في بعض الدول التي تعاني من هشاشة مؤسساتية أو انقسامات طائفية وقبلية، فإن العلاقة بين الناخب والمرشح كثيرًا ما تنزلق نحو التبادل النفعي الضيق، وتُستخدم الانتخابات أداة لترسيخ السلطة بدل تداولها.

ويعد العراق مثالًا معبّرًا عن هذا النوع من التعقيد. فمنذ العام 2003، وبعد سقوط النظام السابق، تبنّى العراق نظامًا ديمقراطيًا برلمانيًا يقوم على التعددية السياسية والاقتراع العام. وعلى الرغم من النجاحات النسبية التي تحققت، مثل إجراء عدة دورات انتخابية متتالية وتداول السلطة سلميًا، إلا أن الواقع العملي يكشف عن وجود فجوة كبيرة بين النظرية والتطبيق. فقد تحوّلت العلاقة بين الناخب والمرشح في كثير من الأحيان إلى علاقة قائمة على المصالح الضيقة، حيث يلجأ بعض المرشحين إلى شراء الأصوات بشكل مباشر أو عبر تقديم وعود بالتعيين أو تقديم خدمات فردية لا ترتقي إلى مستوى السياسات العامة.

وقد أسهم النظام الانتخابي القائم على القوائم المغلقة سابقًا، ثم شبه المفتوحة، في تعزيز تبعية الناخبين للأحزاب الكبرى أو الزعامات الطائفية، بدل التقييم الموضوعي لبرامج المرشحين. كما أن ضعف الوعي الانتخابي في بعض المناطق، والانتشار الواسع للبطالة والفقر، جعلا من السهل استغلال احتياجات الناس في مقابل أصواتهم، مما أدى إلى إنتاج طبقة سياسية لا تتمتع غالبًا بالكفاءة أو النزاهة اللازمة، وهو ما انعكس سلبًا على مستوى الخدمات والاستقرار العام.

لكن رغم كل التحديات، لا يمكن إغفال وجود محاولات إصلاح حقيقية، سواء من داخل البرلمان أو من قبل حركات شبابية ومدنية، سعت إلى تعزيز مفهوم المواطنة ومساءلة المسؤولين على أساس الأداء لا الانتماء. فقد شهد العراق في السنوات الأخيرة حركات احتجاجية واسعة، طالبت بمحاسبة الفاسدين، وتعديل قانون الانتخابات، وتحقيق تمثيل عادل لجميع فئات الشعب. وهذا الحراك يعكس وعيًا متزايدًا لدى فئة من الناخبين بأن العلاقة بينهم وبين من ينتخبونه لا يجب أن تكون علاقة مصلحة آنية، بل شراكة طويلة الأمد لبناء دولة قوية وعادلة.

إن بناء ديمقراطية حقيقية في العراق أو في غيره من الدول يتطلب إعادة تعريف العلاقة بين المواطن والسياسي على أساس من الشفافية والمحاسبة. نعم، لا يمكن نفي وجود البعد النفعي في هذه العلاقة، لكنه يجب أن يبقى في إطار المصلحة العامة لا الشخصية، ويجب أن يكون دافعًا للإصلاح لا سببًا للفساد. فحين يدرك الناخب أن صوته أمانة، ويدرك المنتخب أن مكانه في السلطة ليس امتيازًا بل مسؤولية، فقط حينها نستطيع القول إننا أمام علاقة ديمقراطية ناضجة تتجاوز الحسابات الضيقة إلى آفاق الدولة المدنية الحقيقية.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقيدة الأدارية في العراق بين زمن التأسيس وزمن المحاصصة
- مادة الثقافة الجنسية هل أصبحت ظرورة في المدارس؟
- خذ الحكمة من أفواه المجانين
- كلكم خەڵکەکم
- مقابر العراق تتحول الى مسرح لصناع المحتوى
- الأم البديلة واشكالات منح الجنسية للمولود
- التغيب القسري في العراق جريمة مستمرة بين ضعف الدولة وصمت الع ...
- التسامح قوة الأخلاق
- الأبادة الجماعية
- العقل الباطن
- المقاومة بين شرعية التحرر وتهمة الأرهاب
- تقبض من دبش
- الطبع والتطبع ببن الفطرة والأكتساب
- الثراء نعمة ام نقمة؟
- الرأي العام
- الحقيقة الثابتة
- الأحتيال المالي
- طرق الوصول إلى السلطة
- الوعد والعهد هل مازال من يعمل بهما
- الأنتحار بين الجريمة والظاهرة والمرض


المزيد.....




- -اكتفيت إلى هنا-.. دانا مارديني تعلن اعتزالها -كممثلة في مجا ...
- اليابان: رئيس الوزراء ينوي البقاء في منصبه بعد توقعات بهزيمة ...
- إسرائيل تأمر الفلسطينيين في وسط غزة بالتوجه جنوبًا.. ومنتدى ...
- -آليات لأعداء الأمة-.. ضاحي خلفان يحذر من مخاطر الميليشيات و ...
- أزمة السويداء: ما الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في سوريا؟
- إذا اندلعت حرب جديدة مع إيران.. ما الجديد في حسابات تل أبيب؟ ...
- ألمانيا ودول أوربية أخرى تستعد لبدء محادثات جديدة مع إيران
- طواف فرنسا: البلجيكي تيم ويلينس بطلا للمرحلة الخامسة عشرة
- غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث
- دمشق تعلن تهدئة الأوضاع في السويداء وقلق أميركي من سياسات نت ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الديمقراطية وتبادل المصالح قرأة ببن الناخب ومن يمثله في التجربة العراقية ط