رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 09:52
المحور:
الادب والفن
في أقصى شمال أوروبا، حيث لا شمس تُشرق إلا خجلى، ولا قمر يظهر إلا كذكرى بعيدة، كان كريم يعيش منذ عشرين عامًا. الحرب حملته من وطنه إلى هذا المنفى البارد، بعد أن ترك خلفه بيتًا في قلب العاصمة، ومكانة لم يشترها يومًا بل بناها بالصبر والاجتهاد. كانت حياته هناك كريمة، محاطة بالناس، بالعائلة، بأحاديث المساء والمكانة الاجتماعية. ثم تغيّر كل شيء.
هنا، لا شيء يشبه دفء ذلك الماضي، سوى رسائل قليلة تصل من حين لآخر. في هذا البرد الطويل، يصبح للكلمات وقع مختلف، كأنها حطب يُلقى في موقد القلب.
منذ فترة، كتب لأحدهم. صديق جاء من بعيد، من الخليج العربي، تعرّف عليه قبل سنوات عبر صديق مشترك. تلاقت أرواحهما في فكرة ما، وافترقت قليلًا في أخرى، لكن ظل بينهما خيط من الاحترام والمودة. كان بينهما حديث، ووعد… وعد يشبه نافذة صغيرة يُطلّ منها نور.
مرت الأيام، والصمت تمدد. لم يكن ينتظر بلهفة، لكنه كان كلما نظر إلى صندوق بريده، يشعر بشيء خافت… كمن ينتظر شيئًا لا يريد أن يعترف بانتظاره.
في ليلةٍ شتوية، جلس كعادته بجوار النافذة، يرقب الثلج وهو يغطي الأرصفة والقلوب، وهمس لنفسه:
"بعض الكلمات تُقال في لحظة دفء، لكن أثرها يتأخر كما يتأخر الربيع في هذا الشمال…"
ثم ابتسم ابتسامة خفيفة، وقال في سرّه:
"ربما تأخر الوعد، لكنه لا يُنسى… تمامًا كما لا يُنسى دفء الشمس، وإن طال ليل الشتاء."
وفي عينيه، كان هناك ضوء صغير… كأن شيئًا قادمًا بالفعل.
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟