رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8378 - 2025 / 6 / 19 - 13:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو افترضنا أن إيران تمتلك السلاح النووي فعلاً، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تتفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأنه؟ ولماذا تبدو أمريكا كما لو أنها الجهة الوصية على هذا الملف رغم وجود مؤسسات دولية مختصة؟ الإجابة تكمن في أن الملف النووي ليس مسألة تقنية أو قانونية بحتة، بل هو ملف سياسي – استراتيجي بامتياز، إذ حتى لو امتلكت إيران هذا السلاح، فإنها لا تستطيع تجاهل الولايات المتحدة لأنها القوة الأكبر في العالم عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، والتفاوض معها يُعد وسيلة لتجنب المواجهة العسكرية المحتملة، ورفع أو تخفيف العقوبات الخانقة التي أثرت على اقتصادها، وكسب نوع من الشرعية الدولية غير المباشرة لفرض أمر واقع كما فعلت كوريا الشمالية، بالإضافة إلى تفكيك التحالفات الدولية المناوئة لها والتي تقودها واشنطن منذ سنوات. من الناحية الشكلية والقانونية فإن الجهة المسؤولة عن مراقبة البرامج النووية حول العالم هي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة وتقوم بالتفتيش والتدقيق الفني للدول الموقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي، إلا أن الوكالة لا تملك صلاحيات تنفيذية أو قدرة على فرض عقوبات، بل تقدم تقاريرها إلى مجلس الأمن الدولي، وهو الجهة الوحيدة المخولة قانوناً بفرض عقوبات أو اتخاذ قرارات ملزمة دولياً إذا رأى أن أي برنامج نووي يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، أما الجمعية العامة للأمم المتحدة فقراراتها غير ملزمة وتبقى في إطار التوصيات العامة. هنا تبرز الولايات المتحدة كلاعب غير رسمي لكنه فعّال، فهي ليست الجهة القانونية الحصرية، ولكنها تمارس دور الشرطي النووي بسبب مكانتها العالمية، فهي عضو دائم في مجلس الأمن وتملك حق النقض، وتمتلك ترسانة نووية ضخمة، ولعبت دوراً أساسياً في صياغة معاهدة عدم الانتشار، وتملك شبكة واسعة من التحالفات الاستراتيجية، كما أنها أكبر ممول للوكالة الدولية للطاقة الذرية وتملك نفوذاً كبيراً في مؤسسات النظام الدولي، وبالتالي فمن الناحية الواقعية لا أحد خوّل أمريكا صراحة بهذا الدور، لكنها منحت نفسها إياه بحكم القوة والهيمنة، وفرضت سلطتها على الملف النووي الإيراني بحكم الأمر الواقع، بينما قبلت كثير من الدول هذا الدور إما رغبة في الحماية أو خوفاً من العقاب، وهكذا تبدو السياسة النووية اليوم محكومة أكثر بميزان القوة لا بميزان القانون، وهو ما يجعل إيران تدرك جيداً أن مفتاح الحل الحقيقي ليس في فيينا أو نيويورك، بل في واشنطن.
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟