أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الشرق الأوسط بين المطرقة والسندان














المزيد.....

الشرق الأوسط بين المطرقة والسندان


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8397 - 2025 / 7 / 8 - 09:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمر الشرق الأوسط اليوم بمرحلة حرجة من تاريخه، تتسم بعدم الاستقرار السياسي والتوترات الإقليمية والدولية، وذلك في أعقاب الحرب الأخيرة التي اندلعت بين إسرائيل وإيران، والتي جاءت تحت غطاء أمريكي واضح، بل بمساهمة مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ الضربة الحاسمة التي أنهت المواجهة بعد اثني عشر يومًا فقط، عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف العمليات العسكرية بشكل مفاجئ، مثيرًا تساؤلات عديدة حول طبيعة هذه الحرب وأهدافها الخفية. جميع الأطراف المعنية بالحرب، سواء إيران أو إسرائيل أو حتى أمريكا، تحدثت عن النصر، كلٌّ من زاويته، لكنّ ما يُجمع عليه المراقبون أن الأمور ما زالت غامضة ومكتنفة بسرية شديدة، مما فتح الباب واسعًا أمام الشكوك والتكهنات حول وجود اتفاقات سرية مسبقة بين هذه القوى هدفها إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وفق توازنات جديدة تخدم مصالح معينة وتستهدف أطرافًا بعينها.

هذه الشكوك تعززت مع تزايد المؤشرات على وجود مساعٍ مشتركة للسيطرة على المنطقة عبر ضرب القوى والتيارات القومية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل، وعلى رأسها القوى القومية العربية التي بقيت لعقود متمسكة بمبدأ تحرير فلسطين ورفض أي تسوية تقوم على الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي. هذه الحرب، رغم قصر مدتها، يبدو أنها حملت رسائل استراتيجية، فكان هدفها الأعمق هو كسر شوكة حركات المقاومة في فلسطين المحتلة، عبر توجيه ضربة غير مباشرة لها من خلال تحجيم الداعم الأكبر لها، أي إيران، وفي الوقت ذاته إضعاف أي حاضنة شعبية أو سياسية قد تؤمّن لها الاستمرار في مشروعها المقاوم. من جهة أخرى، تضع هذه التطورات الشعوب والحكومات العربية في موقف شديد التعقيد، فهي أمام خيارين أحلاهما مر: إما دعم إيران باعتبارها الراعية لمشروع المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بما يحمله ذلك من تبعات دينية وطائفية وجيوسياسية قد تُضعف التماسك الداخلي في دول المنطقة، وإما الاصطفاف مع أمريكا التي تقدم نفسها كراعية للسلام وحل الدولتين، رغم تاريخها الطويل في دعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.

هكذا يجد الشرق الأوسط نفسه اليوم بين المطرقة والسندان، بين نار الاحتلال الإسرائيلي ومشروعه التوسعي من جهة، ومطرقة التحالفات الدولية التي تسعى إلى إعادة هندسة المنطقة سياسيًا عبر تغييب إرادة شعوبها الحقيقية، والتلاعب بخرائط الولاء والانتماء، بل وحتى الهوية الثقافية. لم يعد الصراع فقط على الأرض أو النفوذ، بل تحول إلى صراع على الوعي وعلى الحقائق، فمع انتشار التضليل الإعلامي واستخدام أدوات الحرب النفسية والدبلوماسية الناعمة، أصبح من الصعب على المواطن العادي فهم ما يجري فعلًا خلف الكواليس، وما إذا كان ما يُقال على المنصات الإعلامية يعكس حقائق ميدانية أم مجرد مسرحيات سياسية تُدار عن بُعد. وهكذا تبقى المنطقة رهينة للقرارات الكبرى التي تُتخذ في العواصم العالمية، بينما تستمر شعوبها في دفع أثمان الصراعات والتحالفات والتحولات التي تُفرض عليها من دون أن تكون لها الكلمة الفصل فيها، أو حتى الحق في الاعتراض عليها.

إن الشرق الأوسط يعيش الآن لحظة مفصلية في تاريخه الحديث، لحظة تتطلب وعيًا شعبيًا ونخبويًا يعيد قراءة المشهد السياسي خارج الأطر التقليدية، ويضع أولويات جديدة تقوم على مصلحة الشعوب، لا مصلحة الأنظمة أو القوى الأجنبية. وفي خضم هذا التخبط، تبقى القضية الفلسطينية، التي كانت ولا تزال بوصلة الصراع في المنطقة، في مهب الريح، وسط محاولات مستميتة لتحييدها أو تصفيتها سياسيًا من خلال حلول مفروضة أو اتفاقات مطبوخة في الخفاء. لقد أصبح واضحًا أن بقاء الشرق الأوسط في هذه الحالة من الارتهان والضبابية لن يخدم سوى مشاريع الهيمنة الخارجية، بينما الشعوب العربية تدفع ثمنًا باهظًا من أمنها واستقرارها وهويتها. وبين المطرقة والسندان، قد يُسحق الحلم العربي إذا لم يتوفر الوعي الجماهيري الكافي والقيادة الرشيدة القادرة على فهم المعادلة وتغيير قواعد اللعبة.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقيدة الشخصية. بين الحرية الفردية وأحترام الأخرين والمجتمع
- الضابطة التي ودعت الحلم على الأسفلت
- هل تتخلى إيران عن اذرعها في العراق ضمن صفقة مع أمريكا؟
- هل تتخلى إيران عن أذرعها في العراق مقابل صفقة مع أمريكا؟
- ترامب والحرب الإسرائيلية الإيرانية: حرب إعلامية بغطاء ناري و ...
- أزدواجية المصالح عند ترامب
- أيران تكشر عن أنيابها عندما ضربت في الصميم وتفرجت عندما قتل ...
- -ما بعد الصواريخ: الشرق الأوسط بين نار الحرب وصمت الهزيمة-
- بين العناد الفارسي والخبث الأسرائلي كيف تنتهي الحرب بينهما؟
- بين الشراكة والخذلان الموقف الروسي أتجاه ايران
- أيران بين المعارضة والدعم الشعبي في ظل العدوان الإسرائيلي
- الشرق الأوسط بين ركام تحطيم أيران وطاولة التطبيع
- أمريكا والملف النووي الإيراني. سلطة القانون ام سلطة القوة
- صوت الشارع الأمريكي من المشاركة في الحرب الإسرائيلية الأيران ...
- هل نجحت اسرائیل في هجومها على أيران؟
- الأنحياز الأمريكي من حل الدولتين
- برد الشمال ....والدفئ المؤجل
- ماذا لو كنت انت غيرك؟
- الغربة موت مؤجل في الذاكرة
- الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم والتعلم


المزيد.....




- -إحراق مسجد في برشلونة-.. ما هي حقيقة الفيديو المنسوب للحادث ...
- بسنت شوقي ومحمد فرّاج بطلا كليب أغنية حسين الجسمي -مستنّيك- ...
- مفاجأة سارة من نيل دايموند للجمهور بعد سنوات على إعلان اعتزا ...
- الحرب في أوكرانيا: هل سيغير ترامب سياساته حيال روسيا؟
- فرنسا - أوروبا: لماذا عسكرة السياسة؟
- ترامب يمنح روسيا مهلة 50 يوما لإنهاء الحرب ويرسل شحنة أسلحة ...
- حماس: نتنياهو لا يريد التوصل إلى أيّ اتفاق لوقف إطلاق النار ...
- بسبب وثائقي حول غزة.. الـ-بي بي سي- تفتح تحقيقًا داخليًا حول ...
- في مشيكان، احتفال بالذكرى السابعة والستين لثورة الرابع عشر م ...
- خلال السنوات القادمة.. مهن قد لا يوجد من يشغلها في ألمانيا! ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الشرق الأوسط بين المطرقة والسندان