أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - -ما بعد الصواريخ: الشرق الأوسط بين نار الحرب وصمت الهزيمة-














المزيد.....

-ما بعد الصواريخ: الشرق الأوسط بين نار الحرب وصمت الهزيمة-


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أكثر من عشرة أيام من التصعيد المتبادل، حين كانت الصواريخ والمسيرات تملأ الأجواء بين طهران وتل أبيب كأنها شهبٌ نارية تمزق سماء الشرق الأوسط، بدا المشهد وكأنه انفجار طويل الأمد لتاريخ من التوترات المكبوتة. لم تكن المعارك مجرد ضربات عسكرية متبادلة، بل كانت تعبيرًا صارخًا عن صراع وجودي بين مشروعين، أحدهما يسعى لترسيخ هيمنته على المنطقة عبر التفوق العسكري والتحالفات الدولية، والآخر متمسك بأحقيته الإقليمية ودوره كقوة رادعة في وجه ما يسميه "الكيان الصهيوني وحلفائه". في خضم هذا التراشق المتسارع، انهارت بنايات، واحترقت منشآت عسكرية، وتضررت البنى التحتية في كل من إيران وإسرائيل، مما أعاد للأذهان مشاهد الحروب الشاملة التي كانت تبدو حتى الأمس القريب من مستحيلات السياسة.

ولكن اللحظة الفاصلة جاءت عندما تدخلت الولايات المتحدة، لا كوسيط وإنما كقوة حاسمة، حين أطلقت قاصفاتها الشبح محملة بأطنان من القنابل الموجهة نحو أهداف دقيقة، في عملية بدا واضحًا أنها مخطط لها مسبقًا ضمن استراتيجية إدارة ترمب العائدة إلى الواجهة بثوب جديد. الضربة لم تكن فقط موجهة لإيران، بل كانت بمثابة رسالة صريحة مفادها أن أي تهديد لاستقرار إسرائيل سيواجه بردّ ناري كاسح، بغض النظر عن الحسابات الإقليمية أو المواقف الدولية. الرد الإيراني جاء باهتًا، أقرب إلى مشهد تمثيلي منه إلى عملية عسكرية حقيقية، حيث أطلقت طهران صواريخ محدودة على قاعدة العديد الأمريكية في قطر، دون أن تسفر عن خسائر تُذكر، ما جعل المراقبين يرون أن إيران أرادت فقط حفظ ماء وجهها أمام جمهورها الداخلي ومحورها الممتد في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

لكن السؤال الأهم هنا ليس ما حدث، بل ما سيحدث. هل توقفت الحرب فعلًا؟ الظاهر أن العمليات العسكرية خفت وتيرتها، لكن الحقيقة أن الصراع لم ينته، بل دخل مرحلة أكثر خطورة: الصراع الصامت، حرب الظلال، وتبادل الرسائل عبر الوكلاء، والضغوط الاقتصادية، والاختراقات السيبرانية، وعمليات الاغتيال الخفية. هذا النوع من الصراع، رغم هدوئه الظاهري، قد يكون أكثر تدميرًا على المدى البعيد، لأنه يتسلل إلى مؤسسات الدول ويصيب بنيتها من الداخل، ويؤدي إلى زعزعة أمن المنطقة دون أن تُطلق رصاصة واحدة.

وفي خضم هذا كله، يبقى الخاسر الحقيقي هم العرب، ودول الخليج والعراق تحديدًا. فالمنطقة تحولت إلى ساحة صراع تتبادل فيها القوى الكبرى والاقليمية رسائلها الدموية، بينما يقف العرب على الهامش، إما متفرجين أو أدوات تُستخدم لتحقيق أهداف الآخرين. العراق، على وجه الخصوص، يدفع الثمن الأكبر، ليس فقط لأنه ساحة نفوذ مزدوجة بين إيران وأمريكا، بل لأنه فقد قراره السيادي، وصار رهينة لصراع لا يملك أدواته ولا قراره. دول الخليج من جهتها، وإن حاولت تعزيز أمنها عبر التحالفات الغربية، فإنها باتت أكثر هشاشة أمام أي تصعيد محتمل، لأن أمنها القومي بات مرهونًا بمزاج القوى الكبرى لا بإرادة الشعوب أو الحكومات.

الرؤية المستقبلية لهذا الواقع تشير إلى أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة ما بعد الدولة الكلاسيكية، حيث لم تعد الحدود السياسية ولا السيادة الوطنية كافية لضمان الاستقرار. المنطقة تتجه نحو تشكل خرائط جديدة غير مرئية، تُرسم بالقوة الناعمة أحيانًا، وبالنار والبارود أحيانًا أخرى. وإذا لم تتحرك الأنظمة العربية بسرعة نحو بناء مشروع سياسي وأمني مشترك، يعيد للعرب دورهم المفقود، فإن العقود القادمة ستشهد مزيدًا من التفكك والارتهان، وستبقى العواصم العربية مسرحًا لتصفية الحسابات بين طهران وتل أبيب وواشنطن، بينما يُمنح العرب فقط دور المتفرج الذي لا يملك حتى حق الاعتراض.

باختصار، الحرب لم تنتهِ، بل تبدلت أشكالها، والخاسر الحقيقي هو من لا يملك قراره، والمستقبل لمن يملك الشجاعة في بناء رؤية إقليمية مستقلة لا تُدار من العواصم البعيدة.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين العناد الفارسي والخبث الأسرائلي كيف تنتهي الحرب بينهما؟
- بين الشراكة والخذلان الموقف الروسي أتجاه ايران
- أيران بين المعارضة والدعم الشعبي في ظل العدوان الإسرائيلي
- الشرق الأوسط بين ركام تحطيم أيران وطاولة التطبيع
- أمريكا والملف النووي الإيراني. سلطة القانون ام سلطة القوة
- صوت الشارع الأمريكي من المشاركة في الحرب الإسرائيلية الأيران ...
- هل نجحت اسرائیل في هجومها على أيران؟
- الأنحياز الأمريكي من حل الدولتين
- برد الشمال ....والدفئ المؤجل
- ماذا لو كنت انت غيرك؟
- الغربة موت مؤجل في الذاكرة
- الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم والتعلم
- مدينة خلقها العوز واستغلتها السلطة
- الأتفاقيات والمعاهدات والفرق بينهما
- المقاتلون الأجانب في الجيش السوري بين العقيدة العسكرية والان ...
- النظرة الغربية للعقل الأسلامي
- من السلطة الى التسلط كيف يتحول القائد الى مستبد
- قادة دول من المقاومة الى الزعامة
- التغيير الموعود...حين تتحول الشعارات إلى وسيلة للثراء
- من تحت الركام تولد المقاومة


المزيد.....




- مشاهد تخطف الأنظار لأشجار معمرة على قمة جبلية في سلطنة عُمان ...
- هل وافقت إيران على إنهاء الحرب مع إسرائيل؟
- -بعدما وبخها-.. ترامب: إسرائيل لن تهاجم إيران وطياروها سيلقو ...
- هكذا فاجأ ترامب كبار مسؤوليه بإعلان وقف إطلاق النار بين إيرا ...
- قمة لحلف الناتو لرص صفوف الحلف واسترضاء ترامب
- ترامب -يفجّر مفاجأة- بوقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل.. ...
- أكثر فعالية وأقل كُلفة من القُبة الحديدية: ما هي منظومة الشّ ...
- إيران: تزايد القمع خلال الحرب تحت غطاء -مطاردة الجواسيس-
- بلدة قصرنبا اللبنانية.. موطن الورد ومائه
- التحول العظيم في العالم ونظرية النهايات


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - -ما بعد الصواريخ: الشرق الأوسط بين نار الحرب وصمت الهزيمة-