أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - أزدواجية المصالح عند ترامب














المزيد.....

أزدواجية المصالح عند ترامب


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 09:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والدبلوماسية العالمية، أعلن الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب قراره بوقف الصراع الإيراني الإسرائيلي بصفة مفاجئة، دون مشاورات إقليمية أو مفاوضات دولية، ودون حتى إصدار بيان مشترك مع أي من الأطراف المعنية. ترامب، كالعادة، لم يتردد في تقديم هذا القرار كإنجاز تاريخي للرئاسة الأمريكية، متباهياً بأن أوامره لطائرات الشبح الأمريكية قد نجحت في تدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل ونهائي، وواصفًا العملية بأنها ضربة قاصمة ستخلّد في تاريخ الحروب الإلكترونية والجوية. إلا أن ما تبع هذا التصريح من ردود فعل إسرائيلية متضاربة، طرح تساؤلات كبرى حول مدى صحة ما أعلنه ترامب.

عدد من المسؤولين الإسرائيليين، سواء في وزارة الدفاع أو المخابرات، سارعوا إلى التعبير – بشكل غير مباشر في بعض الأحيان – عن شكوكهم في فاعلية الضربة، مشيرين إلى أن العديد من منشآت إيران النووية لم تُستهدف أصلاً أو تعرضت لأضرار جزئية يمكن إصلاحها. هذا التضارب في التصريحات بين الحليفين الاستراتيجيين كشف عن فجوة غير مسبوقة في التنسيق الأمريكي الإسرائيلي، خاصة في قضية بحجم البرنامج النووي الإيراني، الذي لطالما اعتُبر تهديداً وجودياً لإسرائيل وخطًا أحمر لا يُمكن تجاوزه دون رد حاسم.

غير أن الصدمة الكبرى التي هزّت المجتمع الدولي تمثلت في إعلان ترامب بعد أيام قليلة من وقف الهجمات، أن الولايات المتحدة تخطط فعلياً لشراء النفط الإيراني ضمن اتفاق اقتصادي وصفه بـ"الضخم والاستراتيجي"، وهو ما بدا كمكافأة اقتصادية واضحة لطهران بعد نجاتها من التصعيد العسكري. هذا الإعلان لم يأتِ فقط خارج السياق المعروف للسياسة الأمريكية التي اعتمدت منذ عقود على فرض العقوبات الشديدة على صادرات إيران النفطية، بل شكّل تحوّلاً جذريًا في خريطة المصالح الإقليمية والدولية، لا سيما مع غضب الصين التي رأت في هذا التوجه الأمريكي تهديداً مباشراً لنفوذها الاقتصادي في طهران، وشكلاً من أشكال الاستحواذ المفاجئ على أحد أهم مصادر الطاقة المرتبطة بمبادرة "الحزام والطريق".

هنا يبرز سؤال جوهري: هل كانت صفقة النفط هي العامل الحاسم في قرار ترامب بوقف القصف الإسرائيلي على إيران؟ أم أن الصفقة جاءت نتيجة لمعادلة أوسع، قرر فيها ترامب الاستفادة من الموقف لتحقيق مكاسب ثلاثية: وقف حرب غير شعبية أمام الداخل الأمريكي، تأمين مصدر نفطي بسعر منخفض من دولة معزولة، والظهور بمظهر الزعيم الذي يفرض السلم كما يقرر الحرب؟ وفقاً لتحليل نمط سلوك ترامب السياسي والاقتصادي، فإن الدافع الاقتصادي ليس تفصيلاً ثانوياً بل هو في صلب منهجه في اتخاذ القرار. ترامب لا يرى في السياسة الخارجية سوى فرصة لعقد صفقات، تدر على الولايات المتحدة مكاسب اقتصادية واضحة، بصرف النظر عن المعايير الأخلاقية أو الالتزامات العسكرية تجاه الحلفاء.

من زاوية أخرى، فإن اختيار إيران – بالتحديد – كشريك اقتصادي بعد ضربة عسكرية محدودة يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الضربة نفسها جزءًا من سيناريو أوسع يهدف إلى إعادة إدماج إيران في السوق العالمية بشروط أمريكية صارمة. إن احتمال وجود تنسيق مسبق أو قنوات تواصل سرية بين واشنطن وطهران لم يعد مجرد نظرية مؤامرة، بل واقع تدعمه سوابق عديدة في تاريخ العلاقات الدولية حينما تتحول الضربات المحدودة إلى تمهيد لعقود اقتصادية.

أما بالنسبة لإسرائيل، فالمعادلة باتت أكثر تعقيداً. فقد وجدت نفسها فجأة في موقف المتفرّج، بعد أن كانت الطرف الأكثر حماسة لضرب البرنامج النووي الإيراني، وخسرت فرصة حاسمة لتقليص التهديد الإيراني من دون أن تحصل على مقابل سياسي أو عسكري واضح. وهذا قد يفتح الباب لاحقًا لتوترات غير مسبوقة في العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، لا سيما إن ثبت أن ترامب عقد صفقة نفطية مع إيران من دون علم أو موافقة الحكومة الإسرائيلية. وهو ما قد يدفع تل أبيب إلى التحرك بشكل منفرد في المستقبل، معتبرة أن المظلة الأمريكية لم تعد موثوقة بالشكل الذي كانت عليه.

وبين تضارب التصريحات، والمصالح المتقاطعة، والتقلبات السياسية، فإن الواضح حتى الآن أن إدارة ترامب وضعت الاقتصاد في قلب قراراتها الجيوسياسية، واستبدلت مبدأ "التحالفات الثابتة" بمبدأ "الصفقات المرنة". وإذا كانت صفقة النفط مع إيران قد دفعت بترامب إلى تعطيل آلة الحرب الإسرائيلية، فإن هذا يمثل تحوّلًا عميقاً في جوهر السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط: من الحسم العسكري إلى الاستغلال التجاري. وهنا لا يُمكن استبعاد أن نشهد في المستقبل إعادة رسم لخريطة التحالفات الإقليمية، حيث يصبح المال والنفط أكثر تأثيراً من الأيديولوجيا والتحالفات التاريخية.

في النهاية، الحقيقة الكبرى التي تتضح شيئاً فشيئاً هي أن الرئيس الأمريكي الحالي يتعامل مع العالم كما يتعامل مع السوق: من يدفع أكثر، يفوز. ومن يعارض الصفقة، يُهمَّش. وبينما تحاول إيران الصمود، وإسرائيل فهم الرسائل، والصين احتواء المفاجأة، يقف ترامب، متصدّراً المشهد، يعلن من جديد أنه هو من يملك مفاتيح القرار، سواء في السلم أو في الحرب، وأنه وحده من يعرف متى يطلق الصواريخ، ومتى يوقع العقود.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيران تكشر عن أنيابها عندما ضربت في الصميم وتفرجت عندما قتل ...
- -ما بعد الصواريخ: الشرق الأوسط بين نار الحرب وصمت الهزيمة-
- بين العناد الفارسي والخبث الأسرائلي كيف تنتهي الحرب بينهما؟
- بين الشراكة والخذلان الموقف الروسي أتجاه ايران
- أيران بين المعارضة والدعم الشعبي في ظل العدوان الإسرائيلي
- الشرق الأوسط بين ركام تحطيم أيران وطاولة التطبيع
- أمريكا والملف النووي الإيراني. سلطة القانون ام سلطة القوة
- صوت الشارع الأمريكي من المشاركة في الحرب الإسرائيلية الأيران ...
- هل نجحت اسرائیل في هجومها على أيران؟
- الأنحياز الأمريكي من حل الدولتين
- برد الشمال ....والدفئ المؤجل
- ماذا لو كنت انت غيرك؟
- الغربة موت مؤجل في الذاكرة
- الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم والتعلم
- مدينة خلقها العوز واستغلتها السلطة
- الأتفاقيات والمعاهدات والفرق بينهما
- المقاتلون الأجانب في الجيش السوري بين العقيدة العسكرية والان ...
- النظرة الغربية للعقل الأسلامي
- من السلطة الى التسلط كيف يتحول القائد الى مستبد
- قادة دول من المقاومة الى الزعامة


المزيد.....




- رئيس CIA الأسبق يعلق لـCNN على جدل الضربات الأمريكية على الم ...
- جنرال أمريكي عن الضربات على المنشآت النووية الإيرانية: -عملت ...
- الجيش الإسرائيلي يقتل فتى في الـ15 من عمره في بلدة اليامون ب ...
- حملة -تحالف أبراهام- الإسرائيلية تثير الجدل بين الناشطين الع ...
- إيران: مجلس صيانة الدستور يقر قانون تعليق التعاون مع الوكالة ...
- كييف ومجلس أوروبا يوقعان اتفاقا لإنشاء محكمة خاصة بالحرب في ...
- غموض يلف تأثير الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيران ...
- ما هي أهمية مشروع خط انابيب الغاز «قوة سيبيريا 2» بالنسبة إل ...
- سقوط أكثر من 50 قتيلا فلسطينيا بنيران إسرائيلية في قطاع غزة ...
- ريبورتاج: -قلبنا معهم-... كيف تنظر الجالية العربية بالولايات ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - أزدواجية المصالح عند ترامب