أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - بريطانيا ودولة فلسطين














المزيد.....

بريطانيا ودولة فلسطين


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعلنت بريطانيا مؤخرًا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة بدت للكثيرين وكأنها محاولة لتصحيح خطأ تاريخي، إلا أن السؤال الأخلاقي والسياسي الأهم الذي يطرح نفسه هو: هل من قتل القتيل يمكنه المطالبة بدمه؟ بريطانيا، التي أطلقت وعد بلفور عام 1917، كانت أول من منح "وطناً قومياً لليهود في فلسطين"، متجاهلة تمامًا الوجود التاريخي والسياسي والديمغرافي للفلسطينيين على أرضهم، ومؤسسة بذلك للحظة التأسيس الأولى للمأساة الفلسطينية الحديثة. لقد كان وعد بلفور حجر الأساس القانوني والسياسي الذي شرعن التهجير القسري والتطهير العرقي الذي جرى في النكبة عام 1948، كما مهّد لاحتلال الأرض الفلسطينية وتحويلها إلى ساحة صراع دموي ما زال مستمرًا إلى يومنا هذا. يأتي اليوم اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين وكأنه اعتراف متأخر بخطأ تاريخي جسيم، إلا أن الاعتراف بحد ذاته لا يمحو سجلًا طويلاً من التواطؤ والدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لكيان استيطاني قام على أنقاض شعب وبيوت ومزارع وأحلام، ولا يلغي حجم الانتهاكات التي ارتُكبت تحت صمت دولي أو دعم مباشر من قوى الاستعمار الحديث. وإذا ما نظرنا إلى نص وعد بلفور نفسه، فسنجد أنه تضمن فقرة تنص على ألا يُنتقص من الحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية في فلسطين، وهو أمر خالفته بريطانيا نفسها منذ لحظة التطبيق، إذ لم تحفظ للفلسطينيين حقوقهم لا كمواطنين ولا كأصحاب أرض، بل سهّلت تهجيرهم وتفكيك بنيتهم السياسية والاجتماعية، وفتحت الأبواب أمام هجرة يهودية منظمة مسنودة بالسلاح والمؤسسات والبنى التحتية، في الوقت الذي كانت فيه تقمع أي مقاومة فلسطينية لهذا المخطط. من هنا، فإن الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين، إن لم يكن مقرونًا بإجراءات عملية مثل الضغط على الاحتلال لإنهاء الحصار، ووقف الاستيطان، وتقديم الدعم القانوني والسياسي لمحاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب، فإن هذا الاعتراف سيظل خطوة رمزية لا تعيد الحق لأصحابه ولا تعوّض عن قرن كامل من المعاناة. وعلى المستوى الدولي، فإن هذا الاعتراف قد يشكّل ضغطًا على دول أوروبية أخرى للقيام بخطوات مماثلة، كما قد يدفع نحو تحريك المياه الراكدة في المحافل الأممية، لكن فعاليته تبقى رهينة بموازين القوى ومصالح الدول الكبرى، خاصة في ظل الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، والذي غالبًا ما يحول دون صدور قرارات حقيقية في مجلس الأمن تلزم الاحتلال بإنهاء سياساته العنصرية والعدوانية. أما القانون الدولي، فقد أصبح في حالة اختبار حقيقي، إذ تتوفر اليوم آلاف الأدلة على ارتكاب الاحتلال لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من قتل جماعي، واستخدام مفرط للقوة، وتدمير ممنهج للبنى التحتية، وفرض حصارات جماعية، وانتهاك حق العودة، وكلها موثقة من قبل منظمات دولية مستقلة. غير أن غياب آلية إلزامية لتنفيذ هذه القوانين، وضعف الإرادة السياسية، يجعل من القانون الدولي مظلة شكلية لا أكثر، ما لم يتم تحويل هذه القوانين إلى أدوات حقيقية للمساءلة والمحاكمة والمحاسبة. الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين لا يلغي الماضي، ولا يُسقِط المسؤولية، بل يفتح ملفًا كبيرًا من الأسئلة عن العدالة التاريخية، وعن إمكانية إنصاف شعب سُرق منه وطنه، وقُتل منه مئات الآلاف، وشُرّد الملايين، ولا يزال يعاني حتى اليوم من الاحتلال والتهويد والتجويع والقتل اليومي. فهل يكون هذا الاعتراف نقطة تحوّل حقيقية نحو إنهاء الاحتلال، أم مجرد محاولة لتبييض وجه استعمار قديم بلغة دبلوماسية حديثة؟ هذا ما ستكشفه الأحداث القادمة، ومدى صدق المجتمع الدولي في احترامه لمبادئه، وفي قدرته على فرض العدالة لا المتاجرة بها.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحدة 8200
- خور عبدالله نزاع سياسي ام حق جغرافي
- خور عبدالله صراع سياسي ام حق جغرافي؟
- ليل بغداد
- الرجولة والذكورية والفرق بينهما
- المذهبيه وأثرها السلبي على وحدة الشعوب الاسلامية
- التدخل الأسرائلي في السويداء
- الاقتتال الشيعي المحتمل في العراق
- العلمانية والمجتمع الأسلامي
- المودة سبيل النجاة والصلح منهج العقلاء
- الكرد.ماذا بعد تسليم السلاح؟
- السلاح المنفلت بين الارادة الداخلية والأوامر الخارجية(لبنان. ...
- أمي ثم أمي
- بريكس والدولار
- الشرق الأوسط بين المطرقة والسندان
- العقيدة الشخصية. بين الحرية الفردية وأحترام الأخرين والمجتمع
- الضابطة التي ودعت الحلم على الأسفلت
- هل تتخلى إيران عن اذرعها في العراق ضمن صفقة مع أمريكا؟
- هل تتخلى إيران عن أذرعها في العراق مقابل صفقة مع أمريكا؟
- ترامب والحرب الإسرائيلية الإيرانية: حرب إعلامية بغطاء ناري و ...


المزيد.....




- كامالا هاريس تكشف عن موقف -لم تتوقعه- في ولاية ترامب الثانية ...
- ايه آي2027: هل يمكن أن تكون هذه هي الطريقة التي قد يدمر بها ...
- مصادر أممية: إسرائيل قتلت في يومين 105 من الباحثين عن المساع ...
- قادة ديمقراطيون يدعون ترامب لإنهاء الحرب على غزة
- حماس: ترامب لا يمل من ترديد أكاذيب إسرائيل ولن نمل من تفنيده ...
- أفغانستان..زلزال يهز منطقة هندوكوش
- الرئيس الأميركي يعلق على زيارة مبعوثه ويتكوف إلى غزة
- -تيسلا- مطالبة بـ 242 مليون دولار كتعويض عن حادث مميت
- مصدر لـCNN: نتنياهو يؤجل قراره بشأن العملية العسكرية في غزة ...
- أميركا والناتو يطوران آلية تمويل جديدة لتسليح أوكرانيا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - بريطانيا ودولة فلسطين