أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الدور العراقي كوسيط في الملف الأيراني النووي هل يجدي بنفع؟














المزيد.....

الدور العراقي كوسيط في الملف الأيراني النووي هل يجدي بنفع؟


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 19:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيش إيران لحظة فارقة في مسار ملفها النووي، إذ أن جميع المناورات السياسية وأساليب المماطلة التي اعتادت اتباعها مع الأطراف الغربية قد وصلت إلى مرحلة الإشباع ولم تعد قادرة على إنتاج مساحة إضافية للمناورة. ومع بدء العد التنازلي للمهلة الممنوحة من قبل الاتحاد الأوروبي، وجدت طهران نفسها أمام مأزق حقيقي يهدد بنيتها السياسية الداخلية ويضع النظام القائم أمام اختبار البقاء. هذا الاستشعار بالخطر دفعها إلى البحث عن منافذ بديلة عبر قنوات إقليمية قادرة على التواصل مع الغرب وتقديم رسائل مقنعة أو على الأقل كفيلة بتأجيل المواجهة. وفي هذا السياق برز العراق كخيار أساسي، سواء نتيجة ضغط القوى السياسية الموالية لإيران داخل بغداد، أو بسبب قناعة إيرانية بأن الدبلوماسية العراقية يمكن أن توفر مساحة آمنة للتواصل مع الأطراف الدولية.

العراق في عهد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لم يعد مجرد ساحة نزاع وصراع بين القوى الخارجية كما كان في مراحل سابقة، بل حاول أن يعيد صياغة حضوره من خلال اعتماد سياسة متوازنة قائمة على الدبلوماسية الهادئة والبراغماتية العملية. الغرب، ولا سيما باريس، ينظر إلى السوداني باعتباره شخصية قادرة على الحوار وذات نزعة واقعية بعيدة عن الأدلجة، الأمر الذي جعله محاوراً مقبولاً يمكن أن يقوم بدور الوسيط غير المباشر في الملفات المعقدة. ومن هذا المنطلق جاءت زيارة السوداني إلى مسقط ذات أبعاد تتجاوز الطابع البروتوكولي، إذ أن العاصمة العمانية تعد تاريخياً مركزاً للوساطة في النزاعات الإقليمية والدولية، وهي منذ سنوات تمثل القناة الخلفية للتواصل بين إيران والغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة. نقل السوداني لرسائل دبلوماسية عبر مسقط يعكس محاولة بغداد توظيف موقعها السياسي والجغرافي لفتح قنوات تواصل جديدة وإعادة إنتاج صورتها كطرف فاعل لا مجرد متلقٍ للتجاذبات.

من منظور تحليلي، يمكن القول إن العراق يقف اليوم على أعتاب دور جديد في الساحة الإقليمية والدولية. هذا الدور يجد جذوره في عوامل عدة، أبرزها الموقع الجغرافي الذي يجعل من العراق نقطة توازن بين الخليج وإيران وتركيا وسوريا، إضافة إلى شبكة علاقاته المتعددة التي تمنحه القدرة على التواصل مع واشنطن وطهران والرياض وباريس في آن واحد. كما أن اعتماده على خطاب سياسي أقل حدة وأكثر ميلاً إلى البراغماتية عزز صورته كوسيط محتمل في الملفات الساخنة، بما في ذلك الملف النووي الإيراني الذي يشكل اليوم أحد أكثر الملفات حساسية على المستوى الدولي.

وعند إدماج البعد القانوني الدولي في هذا التحليل يتضح أن الوساطة ليست مجرد ممارسة سياسية، بل هي آلية راسخة في القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية. فميثاق الأمم المتحدة يشجع الدول على تسوية خلافاتها بالوسائل السلمية مثل المفاوضات والوساطة والمساعي الحميدة، مما يمنح أي دولة تقوم بهذا الدور مشروعية دولية خاصة. العراق إذاً أمام فرصة لتعزيز مكانته من خلال ثلاث مستويات مترابطة: المستوى الأممي حيث يمكنه التحول إلى شريك معترف به في مسارات مدعومة من الأمم المتحدة أو القوى الكبرى، المستوى الإقليمي حيث يرسخ مكانته في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي عبر لعب أدوار تهدئة ونزع فتيل الأزمات، والمستوى الثنائي حيث يمنحه دوره كوسيط علاقات اقتصادية وأمنية أوسع مع القوى المستفيدة من وساطته، ولا سيما الدول الأوروبية التي تبحث عن قنوات مستقرة للتواصل مع إيران.

إلا أن هذا المسار ليس خالياً من التحديات، إذ يشترط القانون الدولي أن يلتزم الوسيط بمبدأ الحياد وألا يتحول إلى طرف منحاز، وهو ما يشكل معضلة بالنسبة للعراق نظراً لعلاقته المعقدة والعضوية مع إيران. وأي انحراف عن هذا المبدأ قد يفقده شرعيته الدولية ويقوض صورته كوسيط مستقل، ليتحول إلى مجرد أداة ضمن صراع أوسع. لذلك فإن نجاح القيادة العراقية في التوفيق بين التزامها القانوني بالحياد وواقعها السياسي الذي يفرض عليها ضغوطاً داخلية وخارجية سيكون هو العامل الحاسم في تحديد مستقبل هذا الدور.

إن إدماج الاعتبارات القانونية بالدور السياسي يبرز أن العراق يمتلك فرصة تاريخية لإعادة تعريف ذاته في النظام الدولي. فإذا نجح في استثمار موقعه الجغرافي وعلاقاته المتشابكة ضمن الأطر القانونية والدبلوماسية المعترف بها، فإنه سينتقل من موقع المفعول به إلى موقع الفاعل، مما يفتح أمامه آفاقاً أوسع لتعزيز استقراره الداخلي وتثبيت حضوره كجسر بين الشرق والغرب. أما إذا أخفق في اختبار الحياد أو لم يتمكن من إدارة التوازنات الدقيقة، فسوف يخسر هذه الفرصة النادرة ويعود إلى مربع التبعية والتجاذب. وفي كل الأحوال، فإن اللحظة الراهنة تمثل اختباراً لمقدرة العراق على أن يتحول من ساحة للصراع إلى وسيط في إدارة الصراع، ومن دولة مأزومة إلى دولة صانعة للمعادلات الإقليمية والدولية.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحالفات الكبار بين أحلال السلام والهيمنة (مجموعة شنغهاي)
- الفجور والتقوى لدى النفس البشرية
- التخنث وسط الشباب العراقي
- حزب الله بين الأيدلوجية المذهبية وشعار المقاومة
- الأغتصاب الجنسي بين التحريم والتجريم والعار الأجتماعي
- البداوة وأثرها في بناء المجتمعات
- البداوة وأثرها في نشأت المجتمعات
- الأنتخابات البرلمانية العراقية ٢٠٢٥ ...
- القوات الأمريكية تغادر العراق...قرأة موجزة
- قمة ترامب وبوتين… خارطة نفوذ جديدة وتوازنات خفية
- الاندماج والتعنصر لدى المهاجرين في المجتمعات الحديثة
- أحلام قسد المستقبلية
- الاثباتات الجنائية في جريمة الزنا
- بريطانيا ودولة فلسطين
- الوحدة 8200
- خور عبدالله نزاع سياسي ام حق جغرافي
- خور عبدالله صراع سياسي ام حق جغرافي؟
- ليل بغداد
- الرجولة والذكورية والفرق بينهما
- المذهبيه وأثرها السلبي على وحدة الشعوب الاسلامية


المزيد.....




- وفاة مصمم الأزياء الإيطالي جورجيو أرماني عن عمر يناهز 91 عام ...
- أسلوبه المميز جعله المفضل لمشاهير هوليوود.. نظرة على حياة مص ...
- قمة -تحالف الراغبين-: ماكرون يؤكد استعداد 26 دولة لإرسال قو ...
- نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية تنتقد ما يحصل في غزة وتدين -ص ...
- شين إن تفتح تحقيقا بعد استخدام وجه متهم بالقتل في الترويج لم ...
- تنظيف عميق يمحو أثر كيم جونغ أون بعد لقائه فلاديمير بوتين في ...
- ابتسام لشكر.. حكم بسجن ناشطة مغربية بتهمة الإساءة للدين
- مقتل تونسي برصاص الشرطة الفرنسية يثير غضبا تونسيا، ما التفاص ...
- نتنياهو يجتمع لـ-تقييم الوضع- في الضفة الغربية -دون طرح ملف ...
- ماكرون وزيلينسكي يعقدان مؤتمرا صحفيا بعد اجتماع ضم 35 دولة د ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - الدور العراقي كوسيط في الملف الأيراني النووي هل يجدي بنفع؟