رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)
الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 17:43
المحور:
المجتمع المدني
الاغتصاب الجنسي من أبشع الجرائم التي يتعرض لها الإنسان رجلاً كان أم امرأة، وهو في جميع الشرائع السماوية والقوانين الوضعية فعل محرّم ومجرّم لما يمثله من اعتداء صارخ على الكرامة الإنسانية وحرية الجسد وانتهاك للحرمات، إلا أن المأساة الحقيقية تكمن في أن كثيراً من الضحايا في المجتمعات الشرقية يتعرضون لهذه الجريمة ولا يبلغون عنها لأسباب متعددة منها الخوف من العار الاجتماعي أو فقدان السمعة أو الانتقام الأسري أو غياب الثقة بالقوانين والإجراءات القضائية، إذ تتحول الضحية في كثير من الحالات إلى متهمة أو مشبوهة وتُحمّل وزر فعل لم ترتكبه، في حين يفلت الجاني أحياناً من العقاب أو يجد من يبرر له فعله بدوافع ثقافية أو اجتماعية أو حتى ممارسات خاطئة باسم الدين، وهذه المعضلة تجعل الجريمة أكثر خطورة لأنها لا تنتهي بفعل الاعتداء فقط وإنما تستمر بتدمير نفسي ومعنوي للضحية وربما دفعها للعزلة أو الانتحار. والحقيقة أن المجتمعات الشرقية كثيراً ما تتعامل مع الاغتصاب من زاوية العار لا من زاوية العدالة، فتُخفى القضايا وتُدفن الأصوات، بينما المطلوب هو قلب المعادلة لتصبح وصمة العار مرتبطة بالمجرم لا بالضحية، وهذا يتطلب حلولاً قانونية ومجتمعية متكاملة، فمن الناحية القانونية ينبغي تشديد العقوبات على مرتكبي الاغتصاب وجعلها واضحة ورادعة، مع ضمان إجراءات حماية الضحايا خلال التحقيقات والمحاكمات، وإيجاد آليات لتقديم الشكاوى بسرية تامة تحمي كرامة المتضرر وتمنع تسرب المعلومات التي قد تستخدم ضده اجتماعياً، كما أن على التشريعات أن تعترف بضحايا الاغتصاب من الرجال أيضاً لأن الصمت حول معاناتهم يزيدهم ألماً ويمنح الجناة مساحة للإفلات، أما من الناحية المجتمعية فيجب نشر التوعية بأن الاغتصاب جريمة لا علاقة لها بشرف الضحية أو ملبسها أو سلوكها، وأن الواجب الديني والإنساني يقتضي دعمها لا محاسبتها، ويجب على المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية أن تعمل على تغيير المفاهيم المغلوطة وتثبيت ثقافة احترام الجسد وحرمة الاعتداء، إضافة إلى ذلك فإن إنشاء مراكز دعم نفسي واجتماعي للضحايا يساعدهم على تجاوز الصدمة وعدم الانكسار، وكذلك توفير خطوط هاتفية أو منصات إلكترونية آمنة لتلقي الشكاوى بسرية تامة، وفي النهاية فإن معالجة هذه الظاهرة في المجتمعات الشرقية تتطلب شجاعة جماعية لكسر حاجز الصمت والتأكيد أن الاغتصاب جريمة في الدين والقانون والأخلاق، وأن الصمت عنه جريمة ثانية بحق الضحية والمجتمع.
#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)
Raheem_Hamadey_Ghadban#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟