أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - السياسة بين المفهوم والممارسة..قرأة في الواقع العراقي المعاصر














المزيد.....

السياسة بين المفهوم والممارسة..قرأة في الواقع العراقي المعاصر


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السياسة، في معناها العام، هي فن تدبير شؤون الناس وإدارة المصالح العامة بما يحقق الأهداف المشتركة، سواء على مستوى الدولة أو الحزب أو الجماعة أو حتى الأفراد الذين يتخذون لأنفسهم منهجاً وخط سيرٍ معيناً في التعامل مع الواقع ومشكلاته. فهي تعني باختصار المنهج الذي يُتّبع لتحقيق غايات محددة وتنظيم العلاقات الداخلية والخارجية ضمن إطارٍ من المبادئ والمصالح. أما السياسي فهو الشخص الذي يتولى تنفيذ السياسة ورسم ملامحها العملية، فهو المعبّر الواقعي عن المنهج السياسي، والمترجم لأفكاره إلى قرارات ومواقف وإجراءات ملموسة. وإذا كانت السياسة هي الفكر والخطة، فإن السياسي هو الأداة التنفيذية التي تُظهر ذلك الفكر على أرض الواقع. ومن هنا ينشأ الفرق بين الاثنين؛ فـالسياسة تمثل الإطار النظري أو الرؤية الشاملة، بينما السياسي يمثل الجانب العملي والتطبيقي لتلك الرؤية.

نجاح السياسة أو فشلها يتوقف على مجموعة من الأدوات والعوامل، من أبرزها: وضوح الرؤية والأهداف، إذ إن كل سياسة غامضة أو متناقضة في غاياتها محكوم عليها بالاضطراب. كذلك القدرة على قراءة الواقع بدقة، فنجاح السياسي في تقييم الظروف الداخلية والخارجية يجعله أقدر على اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب. كما أن الأخلاق والشفافية من الركائز الأساسية في كل عمل سياسي ناجح، فكل سياسة تخلو من المبدأ سرعان ما تنهار أمام أول اختبار حقيقي. ويُضاف إلى ذلك حسن القيادة والإدارة، لأن ضعف الإدارة قد يفسد حتى أعظم الأفكار، فضلاً عن أهمية الانفتاح والتواصل مع الشعب، فحين تنعزل السياسة عن الناس وتتعالى عليهم تتحول إلى سلطة قهر لا إلى وسيلة خدمة.

أما أسباب الفشل السياسي فتتمثل غالباً في غياب التخطيط، وتغليب المصالح الشخصية والحزبية على المصلحة العامة، وضعف الكفاءة الإدارية، والانقسام الداخلي، وفساد البنية الأخلاقية والسياسية للنخب. وعند النظر إلى الساحة السياسية العراقية المعاصرة نجد أنها مثال حي لتقاطع هذه العوامل. فمنذ عام 2003 وحتى اليوم، لم تستقر السياسة في العراق على خط واضح أو مشروع وطني جامع، إذ تعددت الولاءات والانتماءات الحزبية والطائفية والقومية حتى غابت الهوية الوطنية الواحدة التي يمكن أن تشكل أساساً لسياسة مستقلة. السياسي العراقي اليوم – في كثير من الحالات – أصبح أسير التحالفات المؤقتة والمصالح الفئوية أكثر مما هو ممثل لمشروع وطني شامل، وهذا ما جعل السياسة العراقية تدور في دائرة مغلقة من الأزمات المتكررة، وانعدام الثقة بين الشعب والطبقة الحاكمة، وضعف المؤسسات.

ورغم وجود كفاءات وطنية تحاول استعادة المسار الصحيح، إلا أن غلبة منطق المحاصصة والفساد الإداري والسياسي تجعل من الصعب تحقيق نجاح مستدام. فالسياسة – كفكر ومنهج – قد تكون سليمة في أصلها، لكن السياسيين الذين يُفترض بهم تنفيذها قد يفرغونها من مضمونها إذا ما غابت عنهم روح المسؤولية والولاء للوطن. وفي الختام يمكن القول إن السياسة بلا أخلاق تتحول إلى سلطة قهر، والسياسي بلا رؤية يتحول إلى موظف مصالح. فنجاح الأمم لا يتحقق بالخطط وحدها، بل برجال صادقين يحولون الفكر إلى واقع والمبدأ إلى سلوك. والعراق، كساحة مليئة بالفرص والتحديات، ما زال ينتظر تزاوجاً حقيقياً بين السياسة الراشدة والسياسي النزيه ليبدأ صفحة جديدة من تاريخه المعاصر.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القانون يحمي الفاسدين عندما يتحول مبدأ عدم التشهير إلى غطاء ...
- الفرق بين اللقاء والاجتماع والمؤتمر والندوة
- القيادة بين الصرامة والغرور
- ترامب بين السياسة والتجارة صفات لا أتفاقات
- الوهم والأيهام بين الإدراك والتأثير الأجتماعي
- جذور الانتماء بين الغريزة والوعي من العائلة إلى الوطن
- بين الغريزة والعقل هل يضبط الأنسان سلوكه
- مفهوم الثقافة والحضارة
- السيطرة والقيادة بين الأرادة والقيم
- مستقبل الدولة الفلسطينية
- جيل Z العربي بين النهوض وضياع الهوية
- كرم الصمت
- مكارم الأخلاق والقيم عند الشعوب في عصر العولمة الحديثة
- البيروقراطية الأدارية
- التصعيد الأوربي ضد روسيا هل هو اشارة لحرب على الأبواب؟
- من بلفور إلى بلير .دولة أسرائيل الكبرى
- أعمار غزة بين العدوان والأبتزاز السياسي
- التأمر الخارجي والداخلي في مسار الدولة الأسلامية والأمة العر ...
- الأمن الوقائي ودور المواطن
- رمزية الخوف في النفس البشرية


المزيد.....




- فيديو لسباق غير قانوني بين سيارتين في فلوريدا ينتهي بكارثة م ...
- قبل لقائه ترامب.. أحمد الشرع: العقوبات على سوريا في -مراحلها ...
- شهرٌ على وقف إطلاق النار في غزة: تحذيرات من تفاقم شحّ الإمدا ...
- العراق: قوات الأمن تدلي بصوتها عشية انطلاق سادس انتخابات بر ...
- زيارة بن سلمان للولايات المتحدة...ما الشروط التي تصر عليها ا ...
- استقالة مبكرة لرئيسة بعثة الأمم بالكونغو الديمقراطية
- مقتل لبناني بغارة إسرائيلية جنوبي لبنان
- -غلاكسي إس 26 ألترا-.. كل ما نعرفه عن الهاتف الرائد القادم م ...
- وزراء دفاع الساحل يجتمعون في النيجر لتفعيل القوة الموحدة
- أمام استفحال القمع: لا حل إلاّ في التصدّي للجور والظلم


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - السياسة بين المفهوم والممارسة..قرأة في الواقع العراقي المعاصر