أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - أعمار غزة بين العدوان والأبتزاز السياسي














المزيد.....

أعمار غزة بين العدوان والأبتزاز السياسي


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8480 - 2025 / 9 / 29 - 12:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يدور في الأفق السياسي والإعلامي الأمريكي–الإسرائيلي حديث متصاعد عن نية وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بعد أن حوّلتها آلة الحرب إلى ركام. لم تترك الصواريخ والقنابل الإسرائيلية حجراً على حجر، فالمباني سويت بالأرض، والمستشفيات والمدارس لم تسلم، والأطفال قُتلوا بلا ذنب، والكبار جُوّعوا وحُرموا من أبسط مقومات الحياة. النساء انتهكت حرماتهن، والشباب غُيّبوا بين الاعتقال والقتل، وحتى الحيوان لم يسلم من نار الحرب والحصار. إنها حرب إبادة مكتملة الأركان، غايتها إخضاع الإنسان وتفريغ الأرض من أهلها.

ومع كل هذه المآسي، يخرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو مدعوماً من حليفه الأمريكي دونالد ترامب، ليضع شرطاً فجّاً ومهيناً: إعادة إعمار غزة ينبغي أن يتحملها العرب! وكأن العرب ملزمون بدفع فاتورة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال، ومكافأته على عدوانه الوحشي. هذا الطرح لا يمثل سوى شكل جديد من أشكال الابتزاز السياسي والاقتصادي، يضاف إلى سلسلة طويلة من محاولات تحميل الأمة العربية تبعات المشروع الصهيوني.

من وجهة نظر عربية، فإن الموافقة على هذا الشرط تعني القبول الضمني بالرواية الإسرائيلية والأمريكية التي تسعى لتصوير ما جرى وكأنه كارثة طبيعية أو نتيجة حتمية لصراع لا بد من دفع ثمنه. بينما الحقيقة أن الاحتلال هو الجاني، وهو وحده الذي يجب أن يتحمل تبعات ما اقترفت يداه. إن تحميل العرب كلفة الإعمار يفرغ العدالة من معناها، ويحوّل الضحية إلى مموّل للجلاد.

ثم إن الإعمار ليس مجرد إعادة حجارة فوق بعضها، بل هو قضية سياسية وأخلاقية مرتبطة بالمسؤولية الدولية. ما دُمنا نتحدث عن حرب نفذتها دولة احتلال مدعومة بغطاء أمريكي وغربي واسع، فإن المنطقي أن يتحمل الاحتلال ومعه حلفاؤه تكلفة إعادة إعمار غزة، لا أن تُلقى على عاتق الأمة العربية وحدها. فإذا كان العالم يدّعي الحرص على "القيم الإنسانية"، فليترجم ذلك بدعم صادق وشامل لإعمار غزة، تحت إشراف يضمن عدم ربط العملية بأجندات سياسية تخدم إسرائيل.

إن العرب، في حال مشاركتهم، يجب أن يكونوا جزءاً من جهد عالمي شامل، لا أن يُختزل دورهم في دفع الفاتورة وتبييض صفحة الاحتلال. بل إن الموقف العربي الأجدر أن يرفض صراحة هذه الصيغة الملتوية، ويؤكد أن القضية الفلسطينية ليست قضية إنسانية مجردة، بل قضية سياسية استعمارية جوهرها الاحتلال والتهجير والقتل.

في ضوء ذلك، لا يجوز للعرب أن ينخرطوا في مخطط إعادة الإعمار بشروط أمريكية–إسرائيلية، لأن ذلك سيكرّس معادلة الظلم ويمنح الاحتلال جائزة على جرائمه. المطلوب هو مقاربة عربية واضحة تنطلق من أن إسرائيل هي المسؤولة المباشرة عن الخراب، وأن إعادة الإعمار يجب أن تُربط بمحاسبة الاحتلال ورفع الحصار وضمان حقوق الفلسطينيين في العيش بكرامة على أرضهم.

الخلاصة أن القضية ليست إعمار حجارة غزة فقط، بل إعمار الكرامة الفلسطينية التي يحاول الاحتلال محوها. ومن هنا، فإن الموقف العربي يجب أن يكون ثابتاً: لا إعمار على حساب العرب وحدهم، ولا مكافأة للجلاد على دماء الضحايا. بل يجب أن يتحمل الاحتلال ومعه حلفاؤه المسؤولية كاملة، وإن شارك العرب في الجهد، فليكن ذلك جزءاً من موقف عالمي جامع، لا ذراعاً لأجندة أمريكية–إسرائيلية.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التأمر الخارجي والداخلي في مسار الدولة الأسلامية والأمة العر ...
- الأمن الوقائي ودور المواطن
- رمزية الخوف في النفس البشرية
- المملكة العربية السعودية وأنتزاع الأعتراف الدولي بدولة فلسطي ...
- التسويق السياسي في السياسة الأمريكية والغربية
- التبني وأثاره على المتبنى بين الأيجابية والسلبية
- غسيل الدماغ بين الواقع العلمي والخيال
- هل ستحصل الدوحة على حق الرد على أسرائيل؟
- أدارة الوقت بين ظاهرة التسويف وضغط اللحظات الأخيرة
- أمريكا ببن الجدار الأخضر والتخبط السياسي
- الأنسان بين الانتماء الطبيعي والمكتسب
- العدو الصغير والقائد الثائر
- القصف الأسرائلي على الدوحة بين الأستهتار الأسرائلي والخنوع ا ...
- أحتمالات المواجهة الفينزوالية الأمريكية وتأثيرها على الساحة ...
- الدور العراقي كوسيط في الملف الأيراني النووي هل يجدي بنفع؟
- تحالفات الكبار بين أحلال السلام والهيمنة (مجموعة شنغهاي)
- الفجور والتقوى لدى النفس البشرية
- التخنث وسط الشباب العراقي
- حزب الله بين الأيدلوجية المذهبية وشعار المقاومة
- الأغتصاب الجنسي بين التحريم والتجريم والعار الأجتماعي


المزيد.....




- الحكومة السورية تصدر بيانا عن -هتافات مسيئة لمصر ترددت خلال ...
- ترامب: لا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل للفلسطينيين.. وإيران ست ...
- ترامب يعلن عن خطة لإنشاء -مجلس السلام-.. شاهد كيف وصفه ومن س ...
- إنهاء حرب غزة والسلام الأبدي والشرق الأوسط الجديد والاتفاقيا ...
- هل يستنزف أصدقاؤك طاقتك؟ ثلاث طرق للتعامل مع الأشخاص السلبيي ...
- ترامب ونتنياهو يتفقان على خطة لإنهاء الحرب في غزة وينتظران م ...
- كوريا الشمالية: لن نتخلى أبدا عن ترسانتنا النووية
- إصابة شخصين جراء هجوم على سفينة شحن قرب عدن
- سيلفيا ساليس من رمي المطرقة إلى عمدة جنوة إلى غزة
- ميديا بارت: جولة مغن مؤيد لحرب إبادة غزة تثير جدلا في أوروبا ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - أعمار غزة بين العدوان والأبتزاز السياسي