أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - ترامب بين السياسة والتجارة صفات لا أتفاقات














المزيد.....

ترامب بين السياسة والتجارة صفات لا أتفاقات


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 14:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ عودة دونالد ترامب إلى واجهة المشهد السياسي الأمريكي، ظلّ الجدل محتدماً حول طبيعة شخصيته وأسلوبه في إدارة الدولة، إذ يجمع كثير من المراقبين على أن ترامب لا يفكر بعقلية السياسي التقليدي، بل بعقلية رجل الأعمال الذي يقيس كل خطوة بميزان الربح والخسارة. هذه السمة التي ميّزته منذ دخوله عالم السياسة لم تتبدل مع مرور الزمن، بل تعمّقت أكثر لتصبح السمة الأبرز في منهجه الدولي والإقليمي. ينظر ترامب إلى العلاقات الدولية كما ينظر إلى سوق استثماري مفتوح، يرى في كل أزمة فرصة وفي كل حرب صفقة يمكن عقدها، فهو لا يتعامل مع الملفات السياسية بمنطق التوازنات الدبلوماسية أو التحالفات طويلة الأمد، بل بمنطق المقايضة: ما الذي يمكن أن تجنيه الولايات المتحدة مقابل أي دعم أو موقف؟

في الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي استمرت اثني عشر يوماً، حاول ترامب أن يوازن بين التهديد العسكري والمبادرة الدبلوماسية، فصرّح بأن الولايات المتحدة قد تتدخل عسكرياً إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، وفي الوقت نفسه أكد أنه يفضّل نهاية حقيقية للنزاع عبر صفقة تضمن مصالح جميع الأطراف. وقد أعلن لاحقاً أن الولايات المتحدة نفّذت ضربات محددة ضد مواقع نووية إيرانية بالتنسيق مع إسرائيل، قائلاً إن واشنطن وتل أبيب "عملتا كفريق ربما لم يعمل مثل هذا الفريق من قبل". وبعد إعلان الهدنة بين البلدين، صرّح بأن كلاً من إسرائيل وإيران أراد إنهاء الحرب بشكل متساوٍ، في إشارة إلى أن تدخله ساهم في صياغة وقف إطلاق النار. هذا الموقف يجسّد عقلية ترامب التجارية التي ترى في الحروب فرصة للمقايضة السياسية والاقتصادية، فهو لا يسعى إلى حلول دبلوماسية طويلة الأمد بقدر ما يبحث عن نتائج سريعة يمكن تسويقها كإنجاز أو صفقة ناجحة أمام الداخل الأمريكي والعالم.

وفي المقابل، اتخذ ترامب موقفاً مشابهاً في الأزمة التي اندلعت مؤخراً بين الهند والباكستان، إذ أعلن أن الولايات المتحدة "مستعدة للمساعدة" في إنهاء النزاع، وأشار إلى أنه مارس ضغوطاً تجارية على الطرفين للمساهمة في التهدئة، مدّعياً أن قوته الاقتصادية كانت العامل الرئيس في وقف التصعيد. وأكد في أكثر من مناسبة أنه "لولا قوة التعريفات الجمركية الأمريكية لما توقفت أي من هذه الحروب"، ملمحاً إلى أن واشنطن استخدمت نفوذها التجاري كوسيلة ضغط لإجبار الطرفين على التراجع. غير أن الحكومة الهندية نفت أن تكون واشنطن قد لعبت دوراً محورياً في الوساطة أو أن وقف القتال كان نتيجة لتدخل مباشر من ترامب، وهو ما يعكس ميله الدائم لتصوير نفسه كصانع صفقات حتى في الحالات التي لم يكن فيها تأثيره فعلياً أو مباشراً.

هذه المواقف تؤكد أن ترامب يتعامل مع النزاعات الدولية كفرص اقتصادية أكثر منها أزمات سياسية، فهو يفضل استخدام أدوات الضغط التجاري والعقوبات الاقتصادية على التدخل العسكري المباشر، ويرى أن النفوذ الأمريكي يجب أن يُقاس بقدرة واشنطن على فرض إرادتها عبر الأسواق لا عبر الجيوش. لقد تحولت الولايات المتحدة في عهده من "شرطي العالم" إلى "رجل أعمال العالم"، حيث تُدار العلاقات الدولية بعقلية السوق المفتوحة، وتُستبدل التحالفات طويلة الأمد بتحالفات آنية تتبدل وفق المصلحة.

وإذا ما استمر ترامب أو تياره في قيادة أمريكا خلال السنوات القادمة، فإن السياسة الخارجية ستتجه نحو براغماتية مطلقة تجعل التحالفات مؤقتة والعداوات قابلة للمساومة. فالرجل لا يتحدث بلغة القيم أو المبادئ، بل بلغة الأرقام والمكاسب، وستسعى الولايات المتحدة في ظل هذا التوجه إلى تقليص كلفة تدخلاتها العسكرية مقابل توسيع هيمنتها الاقتصادية والتقنية، معتمدة على مبدأ الصفقات المرحلية بدل الاستراتيجيات طويلة الأمد.

إن هذه العقلية التجارية جعلت السياسة الأمريكية تتحول من مشروع عالمي ذي رؤية استراتيجية إلى مجموعة من الصفقات المتناثرة التي تبحث عن المكسب الآني. ورغم ما تحمله هذه المقاربة من فعالية اقتصادية قصيرة المدى، إلا أنها تضع مستقبل النفوذ الأمريكي في موضع الشك، إذ إن الدول لا تُدار كالشركات، والسياسة لا تُربح دائماً كما تُربح الأسواق. ومع ذلك، فإن عصر ترامب، سواء في الحكم أو في التأثير، قد رسّخ واقعاً جديداً في السياسة الدولية، قوامه أن أمريكا لم تعد تقود العالم، بل تتاجر به.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوهم والأيهام بين الإدراك والتأثير الأجتماعي
- جذور الانتماء بين الغريزة والوعي من العائلة إلى الوطن
- بين الغريزة والعقل هل يضبط الأنسان سلوكه
- مفهوم الثقافة والحضارة
- السيطرة والقيادة بين الأرادة والقيم
- مستقبل الدولة الفلسطينية
- جيل Z العربي بين النهوض وضياع الهوية
- كرم الصمت
- مكارم الأخلاق والقيم عند الشعوب في عصر العولمة الحديثة
- البيروقراطية الأدارية
- التصعيد الأوربي ضد روسيا هل هو اشارة لحرب على الأبواب؟
- من بلفور إلى بلير .دولة أسرائيل الكبرى
- أعمار غزة بين العدوان والأبتزاز السياسي
- التأمر الخارجي والداخلي في مسار الدولة الأسلامية والأمة العر ...
- الأمن الوقائي ودور المواطن
- رمزية الخوف في النفس البشرية
- المملكة العربية السعودية وأنتزاع الأعتراف الدولي بدولة فلسطي ...
- التسويق السياسي في السياسة الأمريكية والغربية
- التبني وأثاره على المتبنى بين الأيجابية والسلبية
- غسيل الدماغ بين الواقع العلمي والخيال


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يعلن عن تكريم نبيل شعيل وعبدالرب إدريس في موسم ...
- جاريد كوشنر: لن تخصص أموال لإعادة إعمار مناطق سيطرة حماس في ...
- حاكم إقليم دارفور لبي بي سي : -الأوضاع في الفاشر كارثية، وال ...
- استراتيجية روسيا الجديدة للهجوم على الطاقة تدفع أوكرانيا إلى ...
- فانس من إسرائيل: تفاؤل بوقف النار .. خطة ترامب تتقدم وسط دعو ...
- فانس يعلن من إسرائيل تفاؤله بهدنة غزة.. ماذا عن سلاح حماس؟
- البرهان يزور مطار الخرطوم بعد استهدافه بمسيّرات
- ويتكوف يتحدث عن شهر حاسم باتفاق غزة وفانس يبحث مرحلته الثاني ...
- تحقيق للغارديان: صينيون في خنادق أوكرانيا بحثا عن معنى للحيا ...
- نتنياهو يقيل رئيس مجلس الأمن القومي.. والأخير يتحدث عن الفشل ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - ترامب بين السياسة والتجارة صفات لا أتفاقات