أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد الطيب - دولة الجسور والمولات... وجنازة الصناعة العراقية














المزيد.....

دولة الجسور والمولات... وجنازة الصناعة العراقية


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 06:35
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ أكثر من اثنين وعشرين عامًا والحكومات العراقية تتفنن في إبهارنا بمشاريعها “العملاقة”، تلك التي لا تتجاوز تبليط شارع هنا، وافتتاح جسر هناك، وقص شريط لمول جديد تتكدس فيه البضائع الأجنبية التي تقتل ما تبقى من أنفاس الصناعة المحلية. وكأننا في مهرجان دائم لقص الأشرطة وليس لبناء وطن!
يبدو أن تعريف “المشروع الاستراتيجي” في القاموس الحكومي العراقي يعني رصيفًا مبلطًا أو عمود إنارة جديدًا، بينما تُركت المصانع تصدأ كما تصدأ ذاكرة مسؤولينا عن معنى التنمية. فالصناعة العراقية التي كانت يومًا ما تملأ الأسواق بمنتجاتها، أصبحت اليوم موضوعًا تاريخيًا يُدرّس في كتب الاقتصاد من باب "الذكريات الجميلة".
الحكومات تتفاخر بأنها افتتحت مولات عملاقة، وكأنها تقول للمواطن: “خذ تسوّقك واصمت”، بينما البلاد بلا إنتاج، وبلا اكتفاء، وبلا رؤية. المولات تزداد، والصناعة تتناقص، والزراعة تودع آخر مواسمها، أما الجسور فتربط فقط بين فشلٍ قديم وآخر جديد.
أما خطط “المشاريع الكبرى”، فهي لا تزال في مرحلة "الدراسة"، وهذه الدراسة أطول من عمر مشروع سد الموصل نفسه! كل حكومة تأتي لتبدأ من الصفر، وتنتهي قبل أن تصل إلى الواحد. المواطن ينتظر مشروعًا وطنيًا حقيقيًا، فيُفاجأ بافتتاح "حديقة عامة" احتُفل بها كما لو كانت إطلاق صاروخ نحو المريخ.
يا سادة الحكم، لا نريد مزيدًا من الجسور التي تعبر بنا إلى اللاشيء، ولا مزيدًا من المولات التي تبيعنا منتجات الآخرين. نريد جسرًا واحدًا يعبر بنا إلى المستقبل، ومصنعًا واحدًا يُعيد لنا الثقة بأن العراق لا يزال قادرًا على أن يصنع لا أن يستهلك فقط.
فإلى أن تتحول الرؤية إلى فعل، ستبقى الحكومات تتباهى بـ"منجزات" الإسفلت، بينما تسير الصناعة العراقية في موكبٍ مهيب إلى مثواها الأخير... مع الأسف، دون حتى إعلان حداد رسمي.
وفي كل مرة يُعقد فيها مؤتمر “تنموي” أو “استثماري”، يتحدث المسؤولون بوجوه متجهمة وكأنهم يعلنون اكتشاف النفط من جديد. وعود كثيرة، وابتسامات مصطنعة، وشاشات تعرض خرائط لمشاريع “قيد الدراسة”!.
يتحدثون عن “رؤية 2030” و”استراتيجية 2050”، بينما المواطن لا يعرف كيف يعبر 2025 بسلام. كل مؤتمر ينتهي بصورة جماعية وبيان ختامي يتضمن جملة عبقرية: “تمت مناقشة سبل النهوض بالواقع الاقتصادي”… وكأن النقاش وحده يصنع مصانع ويُشغّل آلاف العاطلين!
يخرج المسؤول بعدها أمام الكاميرات، مزهوًّا كمن بنى سور الصين العظيم، ليعلن أنه افتتح جسرًا جديدًا في مدينة مزدحمة، أو شارعًا بطبقة إسفلت لامعة تذوب عند أول مطرة. وهكذا تتحول التنمية إلى حفلات قص شريط، وتتحول الخطط إلى أوراق مؤطرة على جدران المكاتب الحكومية، بينما يبقى العراق ينتظر مشروعًا استراتيجيًا واحدًا… لا ينتهي مع عمر الحكومة، ولا يُدفن مع تصريحاتها.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فراسة الحب
- الصمت الانتخابي... الهدوء الذي فضح كل شيء
- اعلام الضجيج
- الحقائب المدرسية .. حقائب اثقل من طفولة اطفالنا
- أكتب كي احيا
- حمورابي… رز ولحم بطعم الحضارة
- ارتجافة الحب الاول
- الشهادة بين الرصانة والابتذال العلمي
- المستشفيات الأهلية وشرف المهنة
- مهرجانات للتهريج
- سقوط الذائقة الفنية في الفن المسرحي والتلفزيوني
- لماذا نجحت المرأة الامية وفشلت المرأة العصرية ؟!!
- لاتظلموا
- حب في مدار الزمن
- ردهات الطوارئ.. المريض بين الإهمال والديكور الطبي
- الطالب والكتاب .. خصومة مع الحياة
- القائمة الحمراء تطيح بالجامعات العراقية
- أبو صابر المسكين على موائد الطهاة
- جامعة للبيع .. والرصانة في إجازة !
- ارتباك الإدارة العراقية بين تعليمات الوزارات وغياب الثوابت


المزيد.....




- زلزال في -بي بي سي-: فيلم وثائقي عن ترامب يطيح بالمدير العام ...
- صورة -الجلابية- في المتحف تثير النقاش حول ملابس المصريين
- مهرجان -القاهرة السينمائي- يعلن عن أفلام المسابقة الدولية في ...
- زلزال في -بي بي سي-: فيلم عن ترامب يطيح بالمدير العام ورئيسة ...
- 116 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة.. الإعلان التشويقي لفيلم مايكل ...
- -تحيا مصر وتحيا الجزائر-.. ياسر جلال يرد على الجدل حول كلمته ...
- منتدى مصر للإعلام يؤكد انتصار الرواية الفلسطينية على رواية ا ...
- بابكر بدري رائد تعليم الإناث في السودان
- -على مدّ البصر- لصالح حمدوني.. حين تتحول الكاميرا إلى فلسفة ...
- هل تحلم بأن تدفن بجوار الأديب الشهير أوسكار وايلد؟ يانصيب في ...


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عماد الطيب - دولة الجسور والمولات... وجنازة الصناعة العراقية