أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى - الجزء 2 - أكتوبر غيّر وجه الحضارة الإنسانية... أما فبراير فكان إنقلاباً في القصر















المزيد.....

بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى - الجزء 2 - أكتوبر غيّر وجه الحضارة الإنسانية... أما فبراير فكان إنقلاباً في القصر


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8517 - 2025 / 11 / 5 - 15:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حوار خاص مع المؤرخ الروسي يفغيني سبيتسين لموقع «نكانوني.رو» – 2017

ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

5 نوفمبر 2025

المحاولات لدمج ثورتي فبراير وأكتوبر في مفهوم واحد خطأ تاريخي فادح

بدأت في روسيا أعمال اللجنة التنظيمية لإحياء الذكرى المئوية لأحداث عام 1917، وقد اتّخذ القائمون عليها اتجاهاً يرمي إلى دمج ثورتي شباط (فبراير) وتشرين الأول (أكتوبر) ضمن إطارٍ واحد يسمّى «الثورة الروسية العظمى».(كان ذلك عام 2017 عشية الإحتفال بمئوية الثورة).
غير أنّ هذا المسعى، كما يرى المؤرخ يفغيني سبيتسين، يخالف المنطق التاريخي والوقائع الموضوعية، لأن الحدثين كانا بطبيعتهما مختلفين جذرياً.
«فبراير لم يكن ثورة شعبية، بل إنقلاباً في القصر أطاح بالقيصر وأبقى المُلْكِيَّة في أيدي القوى نفسها التي حكمت روسيا قبله.»

فبراير: إنقلاب برجوازي بوجهٍ إصلاحي

يشرح سبيتسين أنّ ما جرى في فبراير لم يكن ثورة إجتماعية بقدر ما كان «إنقلاباً كلاسيكياً» أطاح بالحكم القيصري من دون أن يمسّ جوهر النظام الاقتصادي أو يغيّر ملكية وسائل الإنتاج.
فقد بقيت السلطة الفعلية بيد الدوائر الصناعية والمالية والتجارية نفسها، التي كانت تدير الإقتصاد الروسي في العهد القيصري. ولهذا السبب، يصعب – من وجهة النظر الكلاسيكية للثورات – إعتبار ما جرى ثورة بالمعنى الكامل للكلمة.

في المقابل، كانت ثورة أكتوبر عملاً ثورياً حقيقياً لأنها قلبت بنية المُلْكِيَّة والسلطة رأساً على عقب، وأعادت صياغة الأسس الإقتصادية والسياسية للمجتمع.

أكتوبر: ثورة بالمعنى الكلاسيكي الكامل

منذ القرن السادس عشر، شهدت أوروبا سلسلة من الثورات البرجوازية التي مهدت الطريق لتحولات سياسية واجتماعية كبرى:
من الثورة الهولندية إلى الثورة الإنجليزية (1640–1649) بقيادة أوليفر كرومويل، وصولاً إلى الثورة الفرنسية الكبرى (1789–1799).
ومع القرن العشرين، كما تنبأ ماركس وإنجلز، انتقل مركز الزخم الثوري إلى روسيا، لتصبح ثورتا 1905 و1917 تجسيداً لهذا التحول التاريخي.
«أكتوبر لم يكن إنقلاباً كما زعم البعض في البداية، بل ثورة حقيقية أحدثت قفزة نوعية في مسار التطور الإنساني.»

ورغم أن البلاشفة في العشرينيات إستخدموا أحياناً مصطلح «الإنقلاب»، فإنّ مسار الأحداث أثبت أن ما جرى في أكتوبر كان ثورة إجتماعية مكتملة الأركان غيّرت وجه التاريخ.

نقطة تحوّل في تاريخ البشرية

من حيث المضمون، مثّلت ثورة أكتوبر منعطفاً عالمياً أثّر في تطوّر الحضارة الإنسانية ككلّ، وأسهم في نشر الأفكار الإشتراكية وإحداث تحوّلات عميقة داخل النظام الرأسمالي نفسه، بل في المشهد الأيديولوجي للدول الأوروبية والولايات المتحدة وبلدان الشرق على السواء.
«عندما قيل إن أكتوبر فتح عصراً جديداً في تاريخ البشرية، لم يكن ذلك شعاراً حماسياً بل حقيقة تاريخية موضوعية.»
فبفضل أكتوبر، بدأ تفكّك النظام الإستعماري الإمبريالي الذي حكم العالم قروناً. ولولا هذه الثورة، كما يؤكد سبيتسين، لكانت آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية لا تزال حتى اليوم تحت وطأة الإستعمار الأوروبي.

من الحرب الإمبريالية إلى المواجهة الأيديولوجية الكبرى

لقد كانت الحرب العالمية الأولى نتيجة مباشرة لأزمة الرأسمالية الكلاسيكية، ودخولها مرحلة الإحتكار والإمبريالية، حين باتت الشركات متعددة الجنسيات تتحكم بسياسات دولها الوطنية.
وبعد الحرب، تعدّدت الإتجاهات الأيديولوجية للخروج من الأزمة: الليبرالية، الفاشية، والاشتراكية.
إلا أنّ المواجهة الحاسمة جرت بين التيارين الأخيرين، وإنتهت بإنتصار الإشتراكية في الحرب العالمية الثانية، التي شكّلت إنتصارًا إنسانياً ثانياً بعد أكتوبر.

لكن القوى الغربية، كما يقول سبيتسين، أدركت أن تدمير النظام الإشتراكي لا يمكن أن يتحقق بالحرب المباشرة، بل بتفكيكه من الداخل عبر إضعاف النخب السياسية والثقافية في دول المعسكر الإشتراكي، وعلى رأسها الإتحاد السوفياتي.

خيانة النخب وسقوط الإتحاد السوفياتي

يرى المؤرخ الروسي أنّ خيانة النخب السوفياتية كانت السبب الجوهري في الإنهيار.
فقد إختارت هذه النخب التسوية مع البرجوازية الغربية والإنخراط في مشروع «اليوروكوميونيزم» وشعارات «التقارب»، ما أدى إلى تفكيك المنظومة الإشتراكية وإقصاء أفكارها ومبادئها عن مسرح التاريخ – وإن مؤقتاً.
«إنّ إنهيار الإتحاد السوفياتي لم يكن نهاية الإشتراكية، بل نتيجة إنحرافٍ مؤقت في مسارها التاريخي.»

الرأسمالية إلى طريقٍ مسدود

يؤكد سبيتسين أنّ هذه المرحلة لا يمكن أن تدوم، لأن النظام البرجوازي الإحتكاري لم يعد قادراً على توفير أيّ أفقٍ للتقدّم.
فالرأسمالية بطبيعتها تولّد التهديد الدائم بالحروب والأزمات البنيوية، التي أصبحت اليوم تمسّ جميع شعوب الكوكب.

الإنسانية أمام مفترق طرق

يختم سبيتسين تحليله برؤية مستقبلية واضحة:
إنّ البشرية ستدرك، عاجلاً أم آجلاً، أنّ إستمرارها على هذا النحو غير ممكن، وأنّ بقاءها مرهون بالإنتقال إلى مبادئ جديدة لتنظيم المجتمع والنظام السياسي.
«لا بديل واقعيّاً عن الرأسمالية سوى الإشتراكية».

خاتمة
في ضوء ما تقدّم، يمكن القول إنّ ما عُرف بثورة فبراير لم تكن سوى إنقلابٍ في القصر أطاح بالنظام القيصري من دون أن يمسّ جوهر السلطة أو طبيعة المُلْكِيَّة. أمّا ثورة أكتوبر، فقد كانت الحدث الفاصل الذي أعاد تشكيل البنية السياسية والإقتصادية للمجتمع، وأطلق عصراً جديداً في التاريخ الإنساني، تجاوز حدود روسيا إلى العالم بأسره. لقد كانت الإشتراكية التي إنبثقت عن أكتوبر رافعةً لتحرّر الشعوب ولتحوّلٍ عميق في النظام العالمي، إذ أعادت تعريف مفاهيم العدالة والسيادة والكرامة الوطنية. وحين إنهار الإتحاد السوفياتي، لم يكن ذلك سقوطاً للفكرة الإشتراكية بقدر ما كان ثمرة خيانة النخب التي إنحرفت عن مبادئها وإرتضت التسوية مع الغرب. واليوم، وقد بلغت الرأسمالية طريقاً مسدوداً لا يُنتج سوى الأزمات والحروب، تبدو الإشتراكية من جديد كخيارٍ إنسانيٍّ وحتميٍّ لمستقبل البشرية الباحثة عن العدالة والإستقرار.
*****
هوامش

1) يفغيني سبيتسين
مؤرخ روسي معاصر، من مواليد عام 1966، يُعدّ من أبرز الباحثين في التاريخ السوفياتي الحديث. عمل مدرساً ومؤلفاً للمناهج التعليمية في التاريخ، واشتهر بقراءاته النقدية لمرحلة تفكك الإتحاد السوفياتي ولإصلاحات غورباتشوف ويلتسين.
يركّز سبيتسين في أبحاثه ومحاضراته على الدفاع عن الإرث السوفياتي ورؤية ستالين للتنمية، ويرى في ثورة أكتوبر نقطة تحوّل كبرى في مسار الحضارة الإنسانية. له مؤلفات عدّة أبرزها «التاريخ الوطني في المناهج المدرسية» و«روسيا: قرن من المعارك»، و«موسوعة تاريخ روسيا»* وهو من الأصوات البارزة في التيار الفكري الروسي المحافظ ذي النزعة الوطنية والاجتماعية.

2) موقع «نكانوني.رو» (Накануне.RU) منصةٌ إخبارية وتحليلية روسية تأسست مطلع الألفية الجديدة، تُعنى بنشر المقالات السياسية والاجتماعية ذات الطابع النقدي والفكري.
يتميّز بخطه التحريري المحافظ والقريب من الرؤية الوطنية الروسية، ويستضيف بانتظام كتاباً ومؤرخين يناقشون قضايا التاريخ السوفياتي والسياسة المعاصرة.

3) «موسوعة تاريخ روسيا» هي عمل موسوعي من إعداد المؤرخ يفغيني سبيتسين، تتألف من أربعة مجلدات صدرت بين عامي 2015 و2018، وتغطي التاريخ الروسي من العصور القديمة حتى إنهيار الإتحاد السوفياتي.
يقدّم فيها سبيتسين قراءةً وطنية شاملة للأحداث، تسعى لإعادة الإعتبار للدور الحضاري والدولتي لروسيا بعيداً عن التأويلات الغربية.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى 760 - إسرائيل تحت «القبّعة» الأميركية
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى 1 - أكتوبر العظيم
- طوفان الأقصى 759 - هل يستطيع العراق أن يحلّ محلّ سوريا في من ...
- ألكسندر دوغين - كيف تخطط روسيا لصدم الغرب؟
- طوفان الأقصى 758 - غزة: هذه الأرض النازفة – مراجعة لرواية جو ...
- ألكسندر دوغين: «توماهوك، المقامرة النووية، ووداع ترامب لأمري ...
- طوفان الأقصى 757 - لماذا يخاف ترامب من نتنياهو؟
- ألكسندر دوغين: الصراع الأوكراني أشعله دعاة العولمة؛ وروسيا، ...
- طوفان الأقصى 756 - غزة اليوم هي غيتو وارسو بالأمس
- طوفان الأقصى 755 - غزة كما تراها روسيا: عن المعايير المزدوجة ...
- ألكسندر دوغين - السيادة والحرب
- طوفان الأقصى 754 - الإنسانية الإنتقائية: مقارنة بين حرب كوسو ...
- ألكسندر دوغين - السيادة الفلسفية أساس إستقلال الدولة
- طوفان الأقصى 753 - قبرص في لعبة الأمم
- طوفان الأقصى 752 - صحيفة ديلي ميل: من -فندق حماس- إلى نفي ال ...
- ألكسندر دوغين - اليابان “لنا”؟ موسكو أمام فرصة لإعادة ضبط ال ...
- طوفان الأقصى 751 - ميكو بيليد: ابن الجنرال الذي تمرّد على أس ...
- ألكسندر دوغين - الغرب المنقسم على ذاته: بين الليبرالية العال ...
- طوفان الأقصى 750 - روسيا وسوريا: ما هو الجديد؟
- ألكسندر دوغين – لروسيا أهداف جديدة في العملية العسكرية الخاص ...


المزيد.....




- -نيويورك سلّمت مفاتيحها لمؤيد لحماس-.. فوز زهران ممداني يشعل ...
- أوكرانيا تضرب مصفاة نفط في عمق روسيا.. شاهد لحظات الهجوم
- بعد تهديده بخفض التمويل.. ترامب يلمح إلى انفتاحه على مساعدة ...
- مصر..-المال السياسي- يثير جدلا مع اقتراب التصويت في انتخابات ...
- ما هو مؤتمر -كوب30-؟ وما أهميته على صعيد التغير المناخي؟
- -إما دفع الفدية أو الموت-: بي بي سي توثق شهادات -صادمة- من أ ...
- رحلة العودة تنتهي بمأساة: مصرع 30 شخصاً في حادث سير مروّع جن ...
- المكسيك: القبض على رجل تحرش بالرئيسة كلاوديا شينباوم أثناء ل ...
- بعد تعرضها للتحرش في الشارع - رئيسة المكسيك تقرر مقاضاة المع ...
- السورية راما دوجي.. -القوة الناعمة- خلف فوز زهران ممداني برئ ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى - الجزء 2 - أكتوبر غيّر وجه الحضارة الإنسانية... أما فبراير فكان إنقلاباً في القصر