أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الذيولُ والبندقية: مهرجانُ الطوائف في بلادٍ لا تبرح أن تكون وطنًا














المزيد.....

الذيولُ والبندقية: مهرجانُ الطوائف في بلادٍ لا تبرح أن تكون وطنًا


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8497 - 2025 / 10 / 16 - 12:00
المحور: قضايا ثقافية
    


ها هو الوطن يوقظنا كل صباحٍ على نفسِ الكابوسِ، صفاءٌ يخرجُ من بيتهُ ليجمعَ أصواتَ الناسِ — فيُجنِّدُهُ البارودُ للغياب. اغتيالُ المرشح صفاء المشهداني جاء كآخر فصلٍ في روايةٍ مكتوبةٍ بالحلقومِ والدمِ، فصلٌ لم يَعُد غريبًا على صفحاتِ السياسة المعطوبة التي تَصنعها أيادٍ تعرفُ جيدًا كيف تبيعُ الوطنَ لأجلِ ورقةٍ انتخابيةٍ متسخة. هم يصرخون: «صندوقٌ أم بندقية؟» ونحن نردُّ: اتركوا للشعبِ كلمتهُ، فالصندوقُ وحدهُ يخرِجُ منّا مواطنين لا جثثًا تُلقى في الطرقاتِ كقطعِ لحمٍ تُرمى على قارعةِ العار. لكنّهم يصرّون على أن يجعلوا من الانتخاباتِ ميدانًا للانتقام، ومن الانتخاباتِ مهرجانًا للتصفيةِ الشوفينية. إنهم يزرعون شتلاتِ الفتنةِ، ثمّ يتحسّسونَ ثمارَها حين تنضجُ محاصيلُ الدمِ ويشكونَ أن البلدَ قد فسدَ. هل فسدَ الوطنُ أم أن من فينا هم من زرعوا الفسادَ في صدرِ الوطن؟الطائفيُ لا يقرأُ التاريخَ إلاّ ليعيدَهُ صفحةً صفحةً، يحفظُ أسماءَ المجازرِ كما يحفظُ الأطفالُ أسماءَ الألعابِ، فقط ليستخدمها في موسمِ الانتخاباتِ القادمةِ — «تذكّروا»، يقولون، «منذُ ذاكَ اليومِ...»، وكأنهم بذلكَ يضعونَ تذكرةً لمسرحٍ لا يعيدُ إلينا أحدًا. أما التاريخُ الحقيقيُّ فيتكلمُ عنهم: عن ذيولٍ تَلعقُ أحذيةَ الأجنبيِ وتلتحقُ بجبانةِ السلطةِ، عن أيادٍ لا تُنبتُ إلاّ ألغامًا في طرقاتِ المدن، عن وجوهٍ تبتسمُ للصباحِ بينما تُرسِلُ المساءَ بثوبٍ من رصاص.لا تُلبسوا الدمَ طائفةً؛ الدمُ لا يفرقُ بين شيعيٍ وسنيٍ، ولا يسألُ عن ولاءٍ قبل أن يقطعَ مسافةً بين قلبٍ ورصاصة. من قتلَ وهو يرددُ الشهادتين وسط ذهولِ منقذينَ؟ من قطعَ أوصالَ الوطنِ وهو يُخَلِّفُ وراءهُ حكاياتٍ بلا فصول؟ إنّها ليست داعشَ وحدها — كلمةٌ سخيفة إذا أردنا تقليلَ الجريمةِ إلى تسميةٍ سهلةٍ — بل هي تصفيةٌ سياسيةٌ تُنَفَّذُ تحتَ عباءةِ الدفاعِ عن مبدأٍ أو فصيلٍ، لكي يظلّ صنمُ السلطةِ قائمًا على ركامِ الخوفِ.أيُّ وطنٍ هذا الذي تُرياناهُ يصبحُ فيه الوطنُ ذيلاً للاجنبي؟ أيُّ وطنٍ هذا الذي تتفتّتُ فيهُ الأُسرُ على شواطئِ الدموعِ لأنّ مقعدًا نيابيًا أريدَ أن يُصبحَ مقبرةً؟ إنّ العراقَ واحدٌ — لا كلمةَ أكثرَ من حقِ الشعبِ أن تقالَ — وأهلهُ شرفاء، لا مكانَ لطائفيٍّ يحاولُ أن يحوّلَ خريطةَ الانتماءِ إلى خطٍّ فاصلٍ بينَ إنسانٍ وإنسان.أيتها الطوائفُ المتهالكة، أيتها الجماعاتُ التي ترى في القتلِ وسيلةً للنجاةِ: توقفوا عن تحويلِنا إلى تيةٍ من الحزنِ! كفى اختلاقَ أعذارٍ لقتلِ الأفكارِ، وتركِ المساحاتِ للعنفِ لكي ينبتَ كالفطرِ في أروقةِ الانتقام. لا تُعيدوا بنا إلى «جثثِ الشوارع» و«سدةِ المستشفيات» المكتظةِ بالأسفِ؛ دعوا للناسِ حقّها في الحديثِ والاختيارِ والتصويتِ دون سيفٍ مُرخَّصٍ فوقَ رؤوسِهم.التهكمُ هنا لا يُستعملُ كسلاحٍ ضدّ الضحاياِ، بل كمرآةٍ تعكسُ سخافةَ أولئك الذين يظنونَ أنّ التاريخَ سيحميهم إن هم أبدعوا في سلبِ الوطنِ من أهلهِ. أضحكوا إن شئتم؛ فسخريةُ الضميرِ أصدقُ ردٍّ على من يقنعونَ أنفسَهم بأنهم بناتُ اللحظةِ الخاطئةِ، بينما هم بناتُ الخيانةِ الطويلةِ.في النهايةِ، لا أرى عباءةً تليقُ بكم سوى عباءةِ الخجلِ. ارفعوا أيديكم عن الدماءِ، دعوا الشعبَ يختارُ بدلاً من أن تَصنعوا اختياراتٍ بالموتِ. إنّ الصندوقَ ليس مجردَ قطعةِ خشبٍ وصندوقٍ من ورقٍ، بل هو ساقُ العدالةِ التي تظلّ واقفةً حين ينهارُ كلُّ شيءٍ آخر. فإذا كنتم تريدونَ أن تكونوا ذاكرةَ هذا البلدِ، فلتكنْ ذاكرةً نظيفةً لا قذرةً برائحةِ البارودِ. أما إن بقيتم ذيولًا للأجنبيِ — فالتاريخُ سيكتبُ عنكم ليلًا ونهارًا، وسيحفظُ أسماءَكمِ فقط لتذكرَ الأجيالِ كيفَ لا يُبنَى وطنٌ.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا امرأةً تمشي على حرير الغواية
- الغيرة الشريفة... فلسفة النقاء في زمن الابتذال
- الشرق الأوسط بين إعادة التوازن وتفكيك النفوذ الإيراني
- في ذكرى المجزرة..مدرسة بلاط الشهداء وجريمة إيران
- العراق.. حلم اللقاء المتحقق في مرايا النفط والسياسة
- عطرُ حضوركِ
- ريما… الجنون الذي أحببتُه بلا حدود
- اعذريني يا بنت الحرير-
- سامي آغا شامي الجيزاني.. ابن البصرة الذي كتب المنافي على جدا ...
- العراق.. جمهورية الجسور المكسورة
- حين بدأ الحب يتفتّت بصمت
- لماذا نجعل دائمًا من هزائمنا انتصارًا؟
- -الخنجر المتكرر… سردية الغدر عبر العصور-
- غزة: أنين الروح المحاصرة
- أنتخبهم… حتى يُباع الوطن في سوق الوهم
- البستان الذي ينام في الخراب
- ريما...
- حين يتكلّم الركام ويصمت العالم
- عندما تعزف طبول الحرب لحن الفلسفة
- إياد الطائي.. حين يترجّل المسرح عن صهوته


المزيد.....




- طرق الشحن وبيانات الرحلات الجوية.. CNN تحقق في رصد طائرات در ...
- اندلاع العنف في مظاهرة مؤيدة لفلسطين في برشلونة
- محمد وخليل يعودان إلى والدتهما في غزة بعد أن ظنت أنهما قد قُ ...
- عدوى الرغبة: ما هي الفلسفة التي تفسر هوس لابوبو و-وجه إنستغر ...
- سوريا: خمسة قتلى وعشرات الإصابات في تفجير عبوة ناسفة استهدف ...
- اندلاع احتجاجات في بيرو مطالبة باستقالة الرئيس
- مشروع عملاق بجوار الحرم .. -بوابة الملك سلمان- تتسع لنحو ملي ...
- العولمة منذ كريستوف كولمبس، فاسكو دي غاما و فيرديناند دو ماج ...
- خبراء روس يقيّمون للجزيرة نت زيارة الشرع الأولى إلى موسكو
- ترحيب أممي بوقف إطلاق النار بين أفغانستان وباكستان


المزيد.....

- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الذيولُ والبندقية: مهرجانُ الطوائف في بلادٍ لا تبرح أن تكون وطنًا