أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - وهم الثورة وخداع الذات














المزيد.....

وهم الثورة وخداع الذات


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هناك من شك بعد عامين من اندلاع الانتفاضة الشعبية العارمة في تونس أن نتمكن من توصيف ذلك الحراك الاجتماعي وإعطائه صبغته النهائية وقد طفت عل السطح بعض الحقائق والمعطيات رغم الغموض الذي مازال يكتنف عملية سقوط النظام بتلك الكيفية وسيبقى الأمر كذلك إلى حين الاصداح بالحقيقة كاملة من جانب الأطراف الفاعلة والتي بقيت في الظل.
أما الحقيقة الواضحة هي أن الانتفاضة كانت صادقة ونابعة من إرادة شعبية أصيلة انطلقت في الوقت المناسب وفي المكان الصحيح حيث الفقر والتهميش والبطالة والبؤس وكانت ديناميكيتها القمع الشديد والاستشهاد والدماء حيث انتقلت الشرارة من حي إلى حي ومن قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة بحكم الترابط الأسري والعشائري في تلك الربوع التي مازالت تعيش نقاوة العرق والتلاحم الاجتماعي.
وهروب بن علي فجأة لم يكن في حقيقة الأمر صدفة بل بفعل فاعل وضمن مخطط محكم وذلك لتوجيه مصير الأحداث نحو صيرورة يمكن التحكم فيها وتعديلها نحو الوجهة المعلومة حسب مصالح الأطراف المتنفذة خارجية كانت أم داخلية.
فالأطراف الداخلية ليس من مصلحتها أن تحترق البلاد وتزهق الأرواح من أجل عيون نظام فاسد ومستبد وحاشيته تغولت إلى حد أن مصالحهم الذاتية أصبحت مهددة بالزوال زد على ذلك الاحتقار مع العلم بوجود صراع عائلي على السلطة ومسألة حسمه باتت وشيكة بعد أن فقد الرئيس نفوذه ولم يعد يتحكم إلا في القليل من الصلاحيات.
أما العامل الخارجي الذي يرى في تونس بوابة إفريقيا لأوروبا والقابعة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط بما يعطيها بعدا استراتيجيا هاما على مستوى الصراعات الدولية إضافة إلى وجودها بين ليبيا والجزائر بما يملكانه من ثروة نفطية هائلة، لا يمكن أن يكون محايدا أو متفرجا دون التدخل ولو بطريقة ناعمة ولوجستية.
كل هذه العوامل أجهضت الثورة حسب المفهوم المعرفي للكلمة وهو التغيير الجذري للنظام ووصول الثوار للحكم وبذلك يمكن توصيف الأمر بنصف ثورة أو بالانتفاضة الثورية أو بالثورة المغدورة والدليل على ذلك أن من قاموا بالثورة مازالوا يعانون التهميش والفقر والحاجة ويستجدون التعويضات وينظمون الاعتصامات لتحقيق مطالبهم المشروعة ومن أتوا بعد ذلك للسلطة ينعمون بالرواتب والامتيازات رغم عدم صلتهم لا من قريب أو بعيد بالانتفاضة المباركة.
كما إنه إلى حد الآن لم نر توجها ثوريا نحو تحقيق الأهداف التي نادت بها الانتفاضة الثورية وبقيت أسباب اندلاعها قائمة وما تعدد الاعتصامات والاحتجاجات إلا مظهر من مظاهر السخط الاجتماعي على البطء في انجاز المشاريع التنموية في تلك الربوع المهمشة والبائسة.
وبدل ذلك اتجه الساسة الجدد إلى تقاسم الكعكة والمناصب والأدوار وذهب جل اهتمامهم إلى السيطرة على دواليب الدولة في انتظار استحقاقات الانتخابات القادمة بحيث لم يتم الاهتمام بالمناطق المحرومة والثائرة بما فيه الكفاية ولم ينل الثوار وعائلاتهم ما يستحقونه من تبجيل وعناية.
والشيء الوحيد الذي تحقق هو حرية الإعلام والرأي مما مكن المواطنين من تبليغ صوتهم والصحفيين من إنارة الرأي العام وكشف الحقائق رغم أن المادة المعروضة فيها الغث والسمين والكثير من الدجل السياسي والتلاعب بالعقول وبيع الأوهام.
وأغلب الظن أن هذه الفترة الذهبية من الحرية لن تدوم طويلا وقد بدأت منذ الآن محاولة تكميم الأفواه والسيطرة على القطاع بشتى الطرق وما عاشته دار الصباح لخير دليل على ذلك. فالسلطة إن لم تكن تؤمن بالديمقراطية الحقيقة لا يمكنها ترك السلطات الأخرى دون رقابة واحتواء لأنها لا تعطي قيمة للرأي الآخر ولا يهمها شأن المواطن.
ويمكن القول أن هذه الطفرة من الحرية الاعلامية تدخل في باب تلهية المواطن وتشتيت اهتمامه وتسليته فيعيش في أوهام كأحلام اليقظة فينسى واقعه المرير وكوابيس الحياة اليومية إلى حين التمكن من الحكم والسيطرة على المجتمع والدولة.
فليس هناك من ضمان لديمومة حرية الصحافة والرأي خاصة بعد التلكؤ في تفعيل القوانين ودسترتها كما إنه ليس كل الثورات أنجزت شعاراتها وأهدافها وحققت الديمقراطية بل الكثير منها تحول إلى كارثة وخراب واستبداد لأن الأمر متعلق بعقول الناس وأفكارهم وتوجهاتهم ومذاهبهم.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية الإقتصادية والطبقات المهمشة
- الحراك الشبابي صورة لمجتمع مهزوم وبائس
- الاقتصاد الموازي في تونس
- أمريكا تدفع أوروبا للتهلكة والفناء
- المهمشون المنسيون في العالم العربي
- دولة الفساد وإنتاج الفقر والتخلف
- ديمقراطية الموت
- تأكد مقولة العرب ظاهرة صوتية
- الديمقراطية ليست سلعة جاهزة يمكن استيرادها من الخارج
- الجمعيات عين الخارج على الداخل : حالة تونس
- خطر فائض القوة لدى النقابات العمالية
- النقابات المنفلتة خطر على الدولة والمجتمع : حالة تونس
- الإتحاد والنهضة والإنقلاب
- متى ستنزع المنظمة الشغيلة في تونس جبة حشاد وعاشور؟
- هل يمكن للنقابات في تونس تغيير خطابها وآليات عملها؟
- ما هدف إتحاد الشغل من المواجهة مع الدولة والشعب؟
- أمة الدعاء والعويل والبؤس الوجودي
- مكانة المرأة الدونية في النصوص الدينية
- كيف يتم وضع حد لفوضى النقابات في تونس
- إتحاد الشغل في تونس وتحديات المرحلة


المزيد.....




- تيار هابط شديد يضرب منطقة أمريكية.. ما هي هذه الظاهرة؟
- بعد فيضانات مدمرة.. انهيارات أرضية تهدد حياة السكان في المكس ...
- السعودية.. فيديو لسيدتين ترتديان -جرابين لحمل الأسلحة- والأم ...
- الشرع يلتقي بوتين في موسكو: نحاول أن نعرف بسوريا الجديدة في ...
- المحاكمات عن بعد في أنظمة العدالة
- المحاكمات عن بُعد: قلب العلاقة بين القاعدة والاستثناء
- حماس تنفذ إعدامات علنية في غزة والسلطة الفلسطينية تصفها بـ-ا ...
- الأمطار الغزيرة تدمر المكسيك: 64 قتيلاً وعشرات المفقودين
- إسرائيل تفتح معبر رفح للسماح بدخول شاحنات المساعدات إلى غزة ...
- الشرع يلتقي بوتين في أول زيارة له إلى موسكو وتسليم الأسد يتص ...


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - وهم الثورة وخداع الذات