أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - الاقتصاد الموازي في تونس














المزيد.....

الاقتصاد الموازي في تونس


عزالدين مبارك

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 20:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الأحاجي التي لم تجد لها الحكومات المتعاقبة حلا جذريا أو حتى مقاربة موضوعية لفك طلاسمها ورموزها المشفرة حتى أصبح الأمر كلعبة الغميضة بحيث تعلم بوجود الشيء ولا تراه ولا تستطيع الإمساك به وكأنه الهواء هي ظاهرة الاقتصاد الموازي.
وللاقتصاد الموازي تعاريف كثيرة نذكر منها الاقتصاد المهمش والاقتصاد اللاقانوني والاقتصاد الخفي والاقتصاد ما تحت الأرضي والاقتصاد الغير مهيكل وهو كل نشاط اقتصادي ممنوع لا يخضع لترخيص قانوني من طرف أجهزة الدولة ورقابتها و لا يؤدي ما عليه من واجبات الأداءات الجبائية المستوجبة.
وأكثر أنواع النشاطات الاقتصادية الموازية شيوعا هو نشاط التهريب الحدودي وقد ازدهر وتطور بصفة ملحوظة بعد انتفاضة 2014 مع تراخي القبضة الأمنية والديوانية في ظل الانفلات السياسي والاضطرابات الاجتماعية.
وقد أجمع الكثير من الخبراء أن قيمة معاملات الاقتصاد الموازي تمثل نسبة 40 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد ويمكن أن تكون هذه النسبة أكبر من ذلك بكثير في غياب معطيات دقيقة في هذا الشأن لصعوبة حصر وتتبع النشاطات الممنوعة والتي تتحرك عشوائيا وتحت جنح الظلام.
ويفسر البعض تطور هذه الظاهرة وعجز الحكومات المتعاقبة بالإمساك بخيوطها وآلياتها، حتى استفحلت كثيرا وأصبحت تهدد الاقتصاد الوطني بأن وراءها هياكل قوية النفوذ داخليا وخارجيا تتمعش من ريعها ومن الامكانيات المالية التي تدرها على أصحابها دون تعب وشقاء.
كما أن الحالة الاقتصادية والاجتماعية المتدنية لغالبية سكان الجهات الحدودية وتفشي البطالة والفقر ساهمت في انخراط هؤلاء في منظومة الاقتصاد الموازي رغم المخاطر المحدقة والتتبعات العدلية لغياب بديل عن هذه الأنشطة الممنوعة.
فالاقتصاد الموازي يشكل عائقا كبيرا أمام التنمية لأنه يحرم خزينة الدولة من عائدات جبائية كبيرة ومؤثرة كما يحرم البنك المركزي من العملة الصعبة التي لا تمر داخل الجهاز البنكي زد على ذلك التأثير السلبي على توازنات السوق الداخلية بحيث تنعدم فرص المزاحمة الشريفة بين قطاع يخضع للضريبة وآخر لا يلتزم بها مع انعدام المراقبة وجودة السلع مما يقلل من الانتفاع الأمثل ورفاهية المستهلك.
لكن في المقابل أن هذه الظاهرة التي ربما وراءها حيتان كبيرة لا تستطيع الدولة الوليدة في ظل تجاذبات سياسية ورهانات انتخابية مقبلة التصدي لها وإخضاعها لمنطق القانون والمساءلة بصفة جذرية وحاسمة يبقى السكوت عنها أمرا محيرا وعملية كر وفر دون تحديد استراتيجية شاملة لمعالجتها ليس إلا ذر الرماد في العيون وتأجيل الموضوع لوقت ربما لن يأت أبدا.
والتفسير الموضوعي لهذه الغفلة هومن خلال المقاربة السياسية بحيث أن هذه الظاهرة الشائكة تؤدي عملا إيجابيا رغم مضارها الاقتصادية الثابتة والمعروفة ألا وهو امتصاص البطالة بحيث يعد الاقتصاد الموازي رافدا مهما لتشغيل الأعداد الهائلة من البطالين وأصحاب الشهائد العليا والمحتاجين واليد العاملة الغير ماهرة مما يساهم في الحد من المطلبية الشعبية والاحتجاجات والمصادمات والاضطرابات الاجتماعية.
وهذا الأمر يعد في السياسة غض طرف وحسب المفهوم الشعبي المتداول لعبة غميضة وكأن الأمر متفق عليه ضمنيا بين الأطراف المتواجدة على الساحة وبيدها الحل والعقد في ظل غياب استراتيجية شاملة وواضحة للحسم مع هذه المسألة بصفة جذرية.
ولا بد لنا أن نعترف أن علاجها من الأمور الشائكة والمستعصية لكن الأمر غير مستحيل إذا وجدت الإرادة والعزيمة والبداية تكون بحصر الظاهرة من كل جوانبها وتحديد الهياكل المتحكمة فيها والأشخاص الذين بيدهم خيوط اللعبة ثم وضع استراتيجية تنفذ على مراحل مع تمكين الناشطين في هذا القطاع المهمش من حوافز للعمل والنشاط القانوني المهيكل كمنحهم القروض للانتصاب الخاص ووضع الفضاءات التجارية وتهيئتها على ذمتهم في المدن والقرى ومتابعتهم من طرف هياكل تبعث للغرض تقدم لهم المشورة والدعم التقني والإداري والمالي.
وبهذا يتم استعادة الاقتصاد الموازي لحضيرة الاقتصاد الوطني فيكون بذلك رافدا من روافد التنمية خاصة في الجهات المحرومة والتي تنخر شبابها البطالة وتتفشى فيها مظاهر الفقر والخصاصة والعوز والجريمة المنظمة.
كما أن إعادة الاقتصاد الموازي إلى حضن الاقتصاد الوطني يساهم في محاربة ظاهرة الارهاب وذلك بتجفيف منابعه لأن أهم مصدر لتمويل الإرهاب يأتي من التهريب الحدودي والنشاطات المختلفة للاقتصاد الموازي.



#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا تدفع أوروبا للتهلكة والفناء
- المهمشون المنسيون في العالم العربي
- دولة الفساد وإنتاج الفقر والتخلف
- ديمقراطية الموت
- تأكد مقولة العرب ظاهرة صوتية
- الديمقراطية ليست سلعة جاهزة يمكن استيرادها من الخارج
- الجمعيات عين الخارج على الداخل : حالة تونس
- خطر فائض القوة لدى النقابات العمالية
- النقابات المنفلتة خطر على الدولة والمجتمع : حالة تونس
- الإتحاد والنهضة والإنقلاب
- متى ستنزع المنظمة الشغيلة في تونس جبة حشاد وعاشور؟
- هل يمكن للنقابات في تونس تغيير خطابها وآليات عملها؟
- ما هدف إتحاد الشغل من المواجهة مع الدولة والشعب؟
- أمة الدعاء والعويل والبؤس الوجودي
- مكانة المرأة الدونية في النصوص الدينية
- كيف يتم وضع حد لفوضى النقابات في تونس
- إتحاد الشغل في تونس وتحديات المرحلة
- نهاية الريع النقابي
- لا تنمية مستدامة بدون إدارة فعالة
- للتاريخ والعبرة


المزيد.....




- حماس تحدد مطالبها الرئيسية بمباحثات وقف إطلاق النار في غزة.. ...
- هل ينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة؟ شاهد كيف علق وزير إسرائيلي ...
- رحيل الدكتور أحمد عمر هاشم.. عالم الأزهر وصوت الوسطية الذي ج ...
- خلال لقاء الشرع.. مظلوم عبدي يرفع سقف المطالب الكردية ويدعو ...
- نتنياهو يخطئ في عدد الرهائن الإسرائيليين بغزة مرتين.. و-منتد ...
- منظمات دولية ترحب بالحكم التاريخي ضد -علي كوشيب- وتدعو لتوسي ...
- طعن عمدة ألمانية قرب منزلها وميرتس يصف الحادث بـ-العمل الشائ ...
- غزة:ورشات تُعيد للأطفال ابتسامتهم التي سرقتها الحرب
- هل تشعر بالتشتت طوال الوقت؟ إليك 3 خطوات لإتقان فن الانتباه ...
- كم زاد الإنفاق في قطر على العطلات الصيفية؟


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين مبارك - الاقتصاد الموازي في تونس