أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - كولومبيا والولايات المتحدة من التحالف إلى العداء















المزيد.....

كولومبيا والولايات المتحدة من التحالف إلى العداء


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 14:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خَلْفِيّة تاريخية

تميزت العلاقات بين الولايات المتحدة وكولومبيا بهيمنة أمريكية شبه مطلقة، واستخدمت الولايات المتحدة هذه العلاقات لتجعل من كولومبيا قاعدة لمحاربة الشيوعية خلال الحرب الباردة، ثم استمرت الهيمنة العغسكرية والسياسية والإقتصادية بذريعة مكافحة المخدّرات، وتعود هذه العلاقات إلى فترة اشتداد عود الإمبريالية الأمريكية التي شنت حربًا على المكسيك وضمن نحو 55% من أراضيها، خلال نهاية النصف الأول من القرن التاسع عشر، ووقعت حكومتا الولايات المتحدة وكولومبيا سنة 1846، معاهدة تسمح للجيش الأمريكي باستخدام أراضي ومياه كولومبيا للتّدخّل العسكري لقمع الثورات الإجتماعية في عدد من بلدان أمريكا الجنوبية، ومن ضمنها بنما التي كانت تابعة لكولومبيا حتى سنة 1902، وفصلته الولايات المتحدة لشق القناة، وسمحت حكومة كولومبيا سنة 1942 بالتّدخل العسكري الأمريكي في كولومبيا، دون إذن مسبق، ثم كانت كولومبيا الدّولة الوحيدة من نصف القارة الأمريكية الجنوبية المُشاركة في العدوان على كوريا ( 1950 – 1953) وتقسيمها بزعامة الولايات المتحدة، باسم محاربة الشيوعية، كما كانت كولومبيا الدّولة الأمريكية الجنوبية الوحيدة التي ساهمت في احتلال العراق سنة 2003، وأفغانستان سنة 2002 وليبيا سنة 2011، وأصبحت كولومبيا الدولة الوحيدة الأمريكية الجنوبية الشريكة لحلف شمال الأطلسي... وأشرفت وزارة الحرب ووكالة الإستخبارات المركزية ( سي آي إيه)، على إعادة تنظيم أنظمة الاستخبارات ومراقبة المواطنين واغتيالهم بذريعة "مساعدة المنظمات الثورية المسلحة" وأنشأت الإستخبارات الأمريكية وسَلّحت المليشيات اليمينية المتطرفة التي قتلت آلاف الفلاحين الفقراء الذين رفضوا التّخلّي عن أراضيهم، وفق تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش سنة 1996، وقدّمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية بقيمة عشرة مليارات دولارا طيلة 15 سنة، وهي ثاني أكبر مساعدة عسكرية أمريكية بعد المبلغ المُقدّم للكيان الصّهيوني، بذريعة محاربة العصابات المسلحة، وأشرفت الولايات المتحدة على "الإصلاحات التي نفذتها الحكومة الكولومبية بهدف فتح اقتصادها بالكامل أمام الاستثمار والتجارة الخارجية الأمريكية"، بالتوازي مع تكثيف التعاون العسكري الذي شمل التّدخل العسكري الأمريكي المباشر في كولومبيا ( جنود ومستشارون عسكريون وعناصر المخابرات ووكالة الأمن القومي الأمريكي – ناسا - وشركات أمنية... ) للإشراف على تنفيذ التنصت والتجسس والإغتيالات، كما شاركت حكومة كولومبيا بنشاط، منذ سنة 2019 في التجسس على فنزويلا وعزلها ومحاولة الإطاحة بحكومتها المنتخبة، لكن دونالد ترامب بدأ ينقلب على حلفائه قبل انتخاب غوستافو بيترو ( سنة 2022) حيث اتهم سنة 2019 الرئيس إيفان دوكي بالتقاعس في مكافحة المخدرات...

تعتبر كولومبيا قوة اقتصادية متوسطة في أمريكا الجنوبية، وتصدّر المعادن والإنتاج الزراعي وبعض المنتجات نصف المُصنعة، ولا تزال نسبة الفقر مرتفعة حيث تتجاوز 17% ورغم انخفاض نسبة البطالة فإنها لا تزال مرتفعة بنسبة 8,8% ( تموز/يوليو 2025)

اشتهرت كولومبيا بإنتاج وتجارة المخدرات، بإشراف الإستخبارات الأمريكية التي كانت تُموّل المليشيات الإرهابية ضد السكان الأصليين وصغار المزارعين كما اشتهرات كولومبيا بإنتاج الفحم والموز، وهي موطن الأديب غابرييل غارسيا ماركيز ( 1927 – 2014 الحائز على جائزة نوبل للآداب سنة 1982) وعاشت البلاد حربا أهلية طويلة، لكن رئيسها الحالي غوستافو بيترو تمكّن من تغيير صورة كولومبيا من قاعدة أمريكية إلى دولة مناهضة للإمبريالية، تناصر حق الشعوب في تقرير مصيرها، وفي مقدّمتها الشعب الفلسطيني.



حدث تاريخي

شكّل انتخاب غوسافو بيترو رئيسا لكولومبيا يوم السابع من آب/أغسطس 2022، حدثًا تاريخيا، لأنه أول رئيس يساري يتم انتخابه في البلاد، وكان قبل ذلك عضوًا منتخبًا بمجلس الشّيوخ ورئيس بلدية العاصمة "بوغوتا"، وهو أول رئيس جمهورية يُنْسَبُ إلى اليسار في هذه المحمية الأمريكية التي يُسميها مناضلو أمريكا الجنوبية "إسرائيل "، وكان غوستافو بيترو المولود سنة 1960، عضوًا في حركة 19 نيسان/ابريل ( M-19 ) المُسلّحة التي تحولت إلى حزب سياسي ( التحالف الديمقراطي لحركة 19 ابريل) سنة 1984، لكن اعتقل الجيش غوستافو بيترو سنة 1985، لانتمائه لهذه الحركة التي يُشير اسمها إلى تاريخ التاسع عشر من نيسان/ابريل 1970، حيث تم تزييف الإنتخابات الرئاسية ...

عُرِفَ غوستافو بيترو – أصيل الريف الفقير - بانتمائه، منذ سن مبكرة، إلى العمل السياسي في صفوف اليسار، وانتمى إلى المقاومة المسلحة، ضمن حركة المقاومة اليسارية المسلحة المعروفة باسم «M19» ، ونشط كذلك في مجال العمل الإجتماعي والنشاط في قضايا المناخ، وخاض الإنتخابات ثلاث مرات حتى تمكّن من التغلب على الحزب المنافس له، ويعتبر الخلاف بين وجهات النظر والسياسات هو معركة بين سياسة الحياة التي تشمل قضايا العدالة والبيئة، وسياسة الموت التي تعتمد على الإستغلال والإضطهاد وقَتل الطبيعة والمحيط، وهو يربط سياسة الحياة بقضايا الفقراء في أفريقيا وأميركا الجنوبية وضرورة وحدة حركات التحرر الاجتماعي والبيئي على مستوى العالم، وضرورة التضامن مع الفئات المُهَمشة داخلياً وخارجياً، ومع حقوق السّكّان الأصليين والأقليات والنساء والسود وجميع فئات الفقراء...

تحولت حركة المقاومة المسلحة "إم 19"، التي انضم إليها في شبابه، إلى حزب سياسي، بعد اتفاق المصالحة، أواخر ثمانينيات القرن العشرين، فانخرط غوستافو بيترو في العمل البرلماني، كما انتُخِبَ عمدة ( رئيس بلدية) العاصمة بوغوتا، قبل انتخابه رئيسًا سنة 2022، وبقي يؤكّد إن السياسة وحدها لا تكفي من دون مقاومة، وتشمل المقاومة في نَظَرِهِ ضرورة الثورة العالمية من أجل ما يُسمّى "الجنوب"، وعلى ٍاس هذه القضايا توجد فلسطين. أما في كولومبيا فارتبط اسمه بمجموعة واسعة من القضايا التي تبناها مثل العدالة الإجتماعية وقضايا البيئة ومحاربة الفساد، ولما أصبح رئيسًا بادر بالقيام بإصلاح قطاع الزراعة، وإقرار "الإقتصاد الشعبي" فضلا عن إصلاح نظام التقاعد والقوانين المنظمة للعمل النقابي، وكان يُذكِّرُ باستمرار بمطالب بلدان "الجنوب" في مواجهة الإمبريالية التي تهيمن على العالم، وتندرج فلسطين في إطار نضاله ضدّ الإمبريالية ومن أجل حق الشعوب في تقرير مصيرها...



السياسة الدّاخلية للرئيس غوستافو بيترو

كانت الولايات المتحدة تتدخل مباشرة في كولومبيا بذريعة محاربة الإرهاب وتجارة المخدّرات، لكن غوستافو بيترو اعتبر المقاربة الأمنية والعسكرية لسياسة "الحرب على المخدرات" فاشلة، واعتبر قضية زراعة وتجارة المخدّرات مسألة تتعلق بسياسات التنمية والصحة العمومية، لذا وجب طرح بدائل اقتصادية للمزارعين، والبحث عن حلول تُؤمّن العيش للجميع في ضمن برامج اجتماعية تُعالج الأسباب بدل النتائج، بعيدًا عن "اقتصاد العُنف" و عن "تجارة الموت"، لأن مشكلة المخدّرات تكمن في "الطلب من دُول الشمال وليس في العرض من دول الجنوب"، وتزامنت الإصلاحات التي أقرتها الحكومة مع تسجيل مصادرات قياسية للكوكايين بلغت أكثر من ستمائة طن من الكوكايين خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2025، كما فتح القضاء تحقيقات مرفوقة بحملات ضد شبكات الفساد والمتاجرة بالأسلحة والمخدّرات، وهي شبكات كانت ( ولا تزال) تحميها الإستخبارات والحكومة الأمريكية التي تمثل ردُّها في إلغاء برامج التعاون مع الحكومة الكولومبية...



مكانة فلسطين في خطاب غوسافو بيترو

مثلت قضية فلسطين إحدى المواضيع الهامة في الخطاب وفي السياسة الخارجية للرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، وخصوصًا منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 (طوفان الأقصى )، إذْ أعلنت كولومبيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني ووصف ما يحصل في غزة بالإبادة الجماعية، ودعم تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة لدعم عضوية فلسطين الكاملة ضمن مساعي الاعتراف بالدولة الفلسطينية ( وإن كانت هذه الخطوة رَمْزِيّة ولا تؤدّي إلى تحرير فلسطين أو خلاص الشعب الفلسطيني من الإحتلال) كما بادر الرئيس غوستافو بيترو إلى تنظيم «القمة الطارئة لوزراء الدفاع لدول مجموعة لاهاي» في بوغوتا ( تموز/يوليو 2025)، بمشاركة 12 دولة (من بينها جنوب إفريقيا وبوليفيا وكوبا) لمناقشة وسائل الضغط على الكيان الصهيوني لإنهاء عمليات الإبادة في غزة، ووقّع ممثلو الدول الـ12 المُشاركة بياناً مشتركاً يقضي "بحَظْر تصدير الأسلحة والوقود لإسرائيل لضمان عدم مساهمة صناعات هذه الدّوَل في الإبادة الجماعية في غزة"، وأعلن الرئيس الكولومبي " لن نسمح أن تكون صادراتنا قنابل تقتل الأطفال"، ودعا إلى "تشكيل قوة عسكرية دولية تُدافع عن الفلسطينيين في غزة وتوقف الإبادة".

سافر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان يرتدي كوفية فلسطينية لمّا خاطب متظاهرين مؤيدين لحقوق الشعب الفلسطيني خارج مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، يوم 26 أيلول/سبتمبر 2025 قائلا: " حرروا فلسطين.. لا تطيعوا أوامر ترمب... أطيعوا أوامر الإنسانية... إذا سقطت غزة، ستموت الإنسانية "، وشارك غوستافو بيترو في مظاهرات مناهضة للحرب العدوانية الصهيونية على فلسطينيِّي قطاع غزة، في شوارع مدينة نيويورك، ودعا الجنود الأميركيين إلى عصيان أوامر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفق ما نقلته وكالتا بلومبرغ و رويترز يوم 27 أيلول/سبتمبر 2025، وأثر ذلك أعلنت الولايات المتحدة أنها ستلغي تأشيرة دخول الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، بدعوى أنه "حرّض الجنود الأميركيين على عصيان الأوامر، وحرّض على العنف، في نيويورك"، وكتبت وزارة الخارجية الأميركية على منصة التواصل "إكس": "سنلغي تأشيرة بيترو بسبب أفعاله المتهوّرة والتحريضية"، لأنه قال أمام حشد تجمع أمام مقر الأمم المتحدة: "أطلب من جميع جنود الجيش الأميركي عدم توجيه بنادقهم إلى الناس.. لا تطيعوا أوامر الرئيس دونالد ترمب.. أطيعوا أوامر الإنسانية!". أما الولايات المتحدة فتتصرف وكأنها مالكة للأمم المتحدة، لمجرد إن مَقَرّ المنظمة الدّولية موجود في نيويورك...

دعا الرئيس الكولومبي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى تشكيل "قوة دولية لتحرير فلسطين وإلى رَفْض ومقاومة عمليات الإبادة الجماعية"، واعتبر ذلك مطابقًا لمواقفه بشأن الإمبريالية وبشأن الدفاع عن العدالة وعن مطالب، واعتبر العقوبات الأميركية على بلاده بذريعة "الحرب على المخدرات" تعلّةً للسيطرة على الشعوب، وأعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب، يوم 16 أيلول/سبتمبر 2025، ردًّا على المواقف المناهضة للإمبريالية للرئيس غوستافو بيترو: "إن كولومبيا قد تم تمييزها قانونياً بأنها إحدى الدول التي فشلت بشكل واضح في تنفيذ التزاماتها الدولية المتعلقة بمكافحة المخدرات"، واستنكر الرئيس بيترو هذا التصريح ووصفه بأنه "إهانة للضحايا الذين ضحّوا في الحرب ضد المخدرات"، كما طالب الرئيس الكولومبي، غوستافو بيترو، في منشور له على منصة "إكس"، يوم الرابع من تشرين الأول/اكتوبر 2025 حكومة الولايات المتحدة " بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكولومبيا... إن الموقف الخاطئ للولايات المتحدة في ما يتعلق بمكافحة المخدرات، والاتجار بالبشر، وعملية السلام مع القوات المسلحة الثورية (فارك)، يهدف في جوهره إلى تغيير موقفنا من الإبادة الجماعية في غزة، وهو أمر غير مقبول من قبل حكومتنا... إن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية، ويجب أن يُحاكَم مرتكبوها كما حوكم النازيون، مرتكبو جرائم الإبادة، في محكمة نورمبرغ"، وكان الرئيس الكولومبي قد دعا، يوم 24 أيلول/سبتمبر 2025، إلى محاكمة مسؤولين أمبريكيين، ومن ضمنهم الرئيس دونالد ترامب، بسبب القصف الأمريكي لقوارب المهاجرين والذي أودى بحياة ما لا يقل عن 12 من الفارين من جحيم الفقر والحروب، في محاولة للعمل في الولايات المتحدة، وادّعت السلطات الأمريكية إنها تُستخدم لتهريب المخدّرات في منطقة بحر الكاريبي، وانتقد غوستافو بيترو سياسة الولايات المتحدة لمكافحة المخدرات، "لأنها لا تهدف وقف تدفق الكوكايين إلى الولايات المتحدة، بل إن هدفها دعم سياسة الهيمنة والسيطرة على شعوب الجنوب ككل".

عندما تحوّل غوستافو بيترو مع حركة إم-19 (حركة 19 أبريل) اليسارية المسلّحة، إلى العمل السياسي ضمن التيار التقدمي والديمقراطي، تَبَنَّى خطاباً يربط بين العمل الإجتماعي لصالح الكادحين والفُقراء، والتحرر الوطني ومقاومة الاستعمار، وهو ما ينعكس في مواقفه في السياسات الدّاخلية والخارجية، حيث حاول الإبتعاد عن الهيمنة الأمريكية التي ميّزت سياسات كولومبيا منذ عُقُود، وحاول ربط إسم كولومبيا بقضايا "الجنوب العالمي"، ومناهضة السياسات الأمريكية في أمريكا الجنوبية وفي العالم، وهو ما جعل القضية الفلسطينية محوراً أساسياً في خطابه وقراراته، مثل طرد السفير الصهيوني من العاصمة الكولومبية بوغوتا ( وهو ما لم تفعله حكومات مصر والأردن والمغرب والإمارات...) ووصف مراراً ما يحدث في غزة بـ"الإبادة الجماعية"، ويعتبر قضية فلسطين امتدادًا لمعركة عالمية ضد الاستعمار والهيمنة، ويعتبر "تحرير فلسطين معياراً أخلاقياً للعالم"، ولذلك دعا صراحةً الى تشكيل جيش دولي على أساس تطوعي لتحرير فلسطين



خاتمة

يُمثل تحوّل كولومبيا من أكبر حليف للولايات المتحدة في أمريكا الجنوبية، بمشاركتها في حرب كوريا واحتلال أفغانستان والعراق وليبيا وبتصويتها الآلي مع الكيان الصهيوني، إلى دولة مناصرة لحقوق الشعوب، وللشعب الفلسطيني، انتقالاً جذريا لصالح الشعوب المضطهدة والصف التقدّمي في أمريكا الجنوبية والعالم، وفي الدّاخل، تكافح الحكومة الكولومبية من أجل تقويض اقتصاد العنف بإقرار إصلاحات اجتماعية، في ظل حكومة يرأسها بيترو القادم من الريف والذي عرف الفقر والسجون وعرف في صغره بيئة النضال العمالي والتنظيم النقابي لعمّال تعدين الملح...

نشرت صحيفة غارديان خلال شهر تموز/يوليو 2025 مقالاً كتبه غوستافو بيترو الذي أكّد الواجب الأخلاقي والقانوني للحكومات في مواجهة العدوان الصهيوني على غزة، وانتهاك القانون الدّولي، لأن التقاعس يجعل المجتمع الدولي شريكاً في الجرائم ويقوّض النظام العالمي، وذكّر أمثلةً من بينها تعليق بلاده صادرات الفحم إلى فلسطين المحتلة، ورفع جنوب أفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية، وحظر ماليزيا دخول السفن الصّهيونية إلى موانئها، لأن "الفلسطينيين يستحقّون العدالة، وسيحاسب التاريخ من يتقاعس عن هذه المسؤولية... غزة لم تعد مشكلة تخص الدول العربية أو السلطة الفلسطينية فحسب، بل أصبحت قضية مشتركة للبشرية جمعاء"، ودعا إلى تشكيل قوة دولية لتحرير فلسطين، وقَطع الرئيس الكولومبي العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني وطرد السفير من العاصمة الكولومبية بوغوتا، وحظر التصدير إليه، منذ بداية عدوان السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، لأنه يرتكب "إبادة جماعية"، لكن لا يجب التّوهّم إن فلسطين تعني فلسطين التاريخية، لأن الرئيس الكولومبي – رغم موقفه الأكثر جرأة من حكام العرب والمسلمين - يدافع عن حل الدّوْلَتَيْن الوَهْمِي، لكننا نُسجّل له ما قاله في كلمته أمام الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء 23 أيلول/سبتمبر 2025: "إن الرئيس الأميركي متواطؤ في الإبادة الجماعية الجارية في غزة"، ودعا دول العالم وشعوبها "للانضمام إلى الجيوش وحمل السلاح"، قائلاً: "يجب أن نحرر فلسطين".

أدّت مواقف الرئيس الكولومبي وحكومته إلى إجراءات انتقامية أمريكية، فقد أعلن البيت الأبيض يوم 27 أيلول/سبتمبر 2025 "حظر دخول الولايات المتحدة وإلغاء التأشيرات لمسؤولي الحكومة الكولومبية وحلفائها ومناصريها، إضافةً إلى تعزيز عمليات التفتيش من قِبَل الجمارك وشرطة الحدود لجميع المواطنين الكولومبيين والسّلع الآتية من كولومبيا، لأسباب تتعلّق بالأمن القومي، فضلاً عن عقوبات مصرفية ومالية..."، كما قرر الرئيس ترمب "إلغاء اعتماد" كولومبيا هذا الشهر في الحرب الأميركية ضد تهريب المخدرات، وفق وكالة بلومبرغ بتاريخ 27/09/2025 التي أشارت "إن إلغاء اعتماد كولومبيا كشريك في جهود مكافحة تجارة المخدرات سيؤثر سلبًا على الاستثمارات الأجنبية والتمويل من المؤسسات الدولية والسياحة ويضع كولومبيا، الحليف القديم للولايات المتحدة، في نفس الفئة التي تضم فنزويلا وبوليفيا وأفغانستان وميانمار" وهي محاولة ضغط على المقربين من الرئيس الكولومبي قبل الإنتخابات الرئاسية الكولومبية لسنة 2026 التي لا يحق له الترشح لها، لكن الضغط يستهدف أنصاره، فضلا عن "محاولات واضحة للإطاحة به " وفق وكالة "أسوشيتد برس" وصحيفة "إل باييس" الإسبانية التي نشرت تصريحًا لعضو الكونغرس الأميركي عن ولاية فلوريدا، كارلوس خيمينيز: " لا يمكن لغوستافو بيترو أن يواصل تهديد أميركا، ثم يظن أنه سيفلت من العقاب. "



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإتحاد الأوروبي عملاق اقتصادي وقِزْم سياسي
- بيرو – من دكتاتورية ألبرتو فوجيموري إلى فساد دينا بولوارتي
- بنغلادش - صناعة الملابس الفاخرة وبؤس العاملات والعاملين
- متابعات – العدد الرّابع والأربعون بعد المائة بتاريخ الرابع م ...
- ملخص القواسم المُشتركة لانتفاضات الجيل زد
- المغرب – الصحة أهَمّ من كأس العالم
- مدغشقر - مظاهرات حاشدة، وثراء فاحش وفساد وفقر مُدْقَع
- الدّعاية إحدى جَبَهات الحرب
- غذاء – ارتفاع الأرباح وانخفاض جودة المُنتجات
- إيطاليا - تضامن مع الشعب الفلسطيني
- متابعات – العدد الثالث والأربعون بعد المائة بتاريخ السابع وا ...
- فرنسا - الضّغْط يُوَلِّدُ الإنفِجار
- خرافة الإعتراف بدُوَيْلَة فلسطينية
- أوكرانيا -نموذج الحرب بالوكالة
- نيبال - الجزء الثاني والأخير - فشل تجربة سُلْطة اليسار
- متابعات – العدد الثاني والأربعون بعد المائة بتاريخ العشرين م ...
- نيبال، خلفيات الإنتفاضة: فجوة طبقية وفساد مُتأصّل
- انبطاح الحُكّام العرب
- أوروبا: الهجرة بين الدّعاية الإنتخابية وواقع الأرقام والبيان ...
- سوريا: الدّوْر الوظيفي للدّين السياسي الإرهابي


المزيد.....




- فيضانات تجتاح ولاية كنتاكي.. فيديو يظهر ما حدث للسيارات شوار ...
- -قنديل-.. محمد هنيدي يتعاون مجدداً مع الكاتب يوسف معاطي
- موكب رئيس الإكوادور دانيال نوبوا يتعرض لإطلاق نار والرشق بال ...
- بعد وقف إطلاق النار بين قسد ودمشق.. إردوغان: صبر تركيا ليس ض ...
- فرنسا: هل فعلا ابتعد خيار حل البرلمان؟
- السعودية تندّد بـ-اقتحام- بن غفير للمسجد الأقصى
- المغرب: مطالب بالإفراج عن حقوقيين اثنين من -أسطول الصمود- تح ...
- الكولوسيوم يعلن فتح ممر سري أمام السياح لأول مرة في تاريخه
- محكمة أردنية تصدر أحكامها في قضايا تصنيع الصواريخ والمسيرات ...
- كيف يستغيث جسمك بالعطش؟ 6 علامات لا تتجاهلها و6 أخطاء تفسد ت ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - كولومبيا والولايات المتحدة من التحالف إلى العداء