أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محفوظ بجاوي - من فضاء للتنوير إلى مسرح للإذلال... مأساة المدرسة الجزائرية














المزيد.....

من فضاء للتنوير إلى مسرح للإذلال... مأساة المدرسة الجزائرية


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 23:03
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


كرامة التلميذة… مرآة أمة ومدرسة
في الجزائر، تلك الأرض التي أشرقت في سبعينات القرن الماضي على أملٍ كبير بالحداثة والتحضر، كانت المدارس أبوابًا مشرعة للنور، تصوغ الحلم في وجدان جيل كامل. بدا وكأن المستقبل يصطف بين دفاتر التلاميذ وطباشير المعلمات، وكان العقل يُستنهض لبناء وطن يسابق الأمم.
لكنّ الزمن لا يسير دومًا في خط مستقيم. فجاءت بدايات الثمانينات لتعلن انكسارًا في المسار، طلوعًا مظلمًا بدّد الكثير من الآمال، وفتح الباب أمام موجة من الوصاية والجمود، حتى غدا التعليم في بعض جوانبه فضاءً للترويض بدل أن يكون محرابًا للتنوير. ومنذ ذلك الحين، أخذت المدرسة الجزائرية تفقد شيئًا فشيئًا من بريق رسالتها الكبرى.
بالأمس فقط، اهتزّت ذاكرتي وأنا أكتب عن حادثة مؤسفة في إحدى مدارس وطني: مديرة لم ترَ في التلميذات سوى وجوه تُغسل وملابس تُمنع، فأقدمت على إذلالهن علنًا، ناسبة الانضباط إلى فعل الإهانة. أثار الأمر نقاشًا واسعًا: من الناس من أيّد بحجة النظام، ومنهم من رفض بعين البصيرة.
وأنا هنا أقولها بوضوح: لم أطالب المديرة بأن تسمح أو تمنع، فذلك شأن إداري يخص اللوائح الداخلية وأولياء التلاميذ. ما دعوت إليه أبسط وأعمق: المعاملة الكريمة، والأثر النفسي الذي يظل عالقًا في أرواح التلميذات والطالبات. كيف نربي؟ كيف نوجّه؟ وكيف نحفظ كرامة الطالبة وهي في طور بناء شخصيتها؟
إن ما وقع لا يُسمّى انضباطًا، بل هو تخلّف وتجاوز للحقوق. فما علاقة شكل الوجه أو نوع البنطلون بروح التربية؟ المدرسة ليست ثكنة ولا محكمة تفتيش، بل هي فضاء للتعليم والمعرفة، ورسالة لبناء الإنسان الحرّ لا لإذلاله.
(الانضباط الحقيقي يعني: تعليم النظام – احترام الوقت – تحفيز التفكير النقدي).
أما تحويل التلميذات إلى قطيع يُحاكم على المظهر، فذلك ليس سوى عجز بيداغوجي، وانكسار أخلاقي لا يليق بمقام المربّي.
إن أخطر ما في هذه الممارسات أنها تزرع جرحًا خفيًا في وجدان التلميذات، جرحًا قد يرافقهن عمرًا بأكمله. فما يُظن أنه "درس في النظام" يتحوّل إلى عقدة في الشخصية، إلى خوف دفين من السلطة، إلى إحساس بالمهانة يطفو كلما واجهن الحياة.
دفاعنا عن التلميذات والطالبات لا يعني أننا نشجّع على تجاوز أعمارهن أو دفعهن إلى سلوكيات أكبر منهن، بل يعني ببساطة أن التربية لا تكون إلا بالحوار والقدوة والتوجيه الحكيم، لا بالإذلال وكسر النفوس.
أيتها المربيات، التربية ليست إذلالًا، بل رسالة عظيمة تُبنى على الحوار والقدوة والرحمة. وأي يد تمتد لكسر نفسية طالبة، إنما تخون قداسة الرسالة التعليمية.
وإلى الأولياء أقول: أبناؤكم أمانة، فلا تسكتوا عن الإهانة. إن الصمت اليوم يخلّف غدًا جيلًا منكسرًا، عاجزًا عن الإبداع، مترددًا في مواجهة الحياة.
المدرسة، يا سادة، ليست مكانًا لمطاردة المظاهر، بل معبدًا لبناء العقول. فإذا فقدت رسالتها، فقدنا معها أجمل ما يمكن أن تهبه الأمة لأبنائها: كرامة راسخة، وعقلًا حرًا، ونفسًا واثقة بذاتها.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نوميديا... مملكة الشعب لا مملكة البدو
- لسنا ضد الدين ... بل ضد من يحتكره
- الجزائر بين تلاعب الهويات وخطر التفكيك
- قراءة بسيطة في التاريخ : من ماسينيسا واكسيل إلى نوفمبر المجي ...
- الجزائر ونوميديا : هوية ضاربة في عمق الزمن
- الجزائر... هوية لاتباع ولاتنسى
- هروب الأمل من الوطن : الجزائر بين الجهل وتنويم الشعب
- سليل نوميديا بين المجد والوعي : الجيش والشعب في ميزان التاري ...
- العقل ثورة... والبقية عبيد الأوهام
- الجزائر... حين يختنق المستقبل في حضن الماضي
- اغتيال الهوية الجزائرية: الغزو الفكري الذي تهمله الدولة
- المثقف العشائري... حين يتحوّل إلى أداة اصطفاف
- لعبة النار...بين النظام والتيارات المتطرفة في الجزائر
- النهضة لا جنس لها...من المانيا إلى الجزائر،الدرس الذي لم نتع ...
- الجزائر بين مطرقة الاستعمار القديم وسندان الوصاية الجديدة: ا ...
- الجزائر: وعي شعب يقطع الطريق على محاولات التلاعب وحكمة تقود ...
- رشيد بوجدرة والثورة الجزائرية: تصويب ضد التدليس الأيديولوجي
- العلمانية والإيمان : دعوا الدولة للناس،والدين لله
- عيد الاستقلال الجزائري : ذكرى المجد والتحدي
- التحرر من سجون الفكر.. دعوة إنسانية على خطى دوركايم


المزيد.....




- تحليل: مأزق إغلاق الحكومة الأمريكية.. إلى متى سيستمر ومن سيس ...
- من رزان جمّال إلى جوني ديب: مشاهير العالم والعرب يتألقون في ...
- بماذا يختلف -أسطول الصمود- عن المبادرات السابقة للوصول الى غ ...
- -جيل زد 212-: أعمال عنف في المغرب وسقوط قتيلين برصاص عناصر ا ...
- -أسطول الصمود- المتجه إلى غزة يواصل رحلته رغم اعتراض البحرية ...
- إندونيسيا: مقتل خمسة أشخاص على الأقل وفقدان 59 آخرين جراء ان ...
- توني بلير...لماذا يثير الجدل؟
- النيابة العامة في تركيا تحقق في هجوم إسرائيل على أسطول الصمو ...
- إسرائيل تحيل مدن وقرى الضفة الغربية إلى جزر معزولة
- ما التهجير القسري الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين؟


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محفوظ بجاوي - من فضاء للتنوير إلى مسرح للإذلال... مأساة المدرسة الجزائرية