ضيا اسكندر
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 11:16
المحور:
كتابات ساخرة
بعد أن دفعت أجر خلع أحد أضراسي، التفتُّ إلى الطبيب وسألته:
– بماذا تنصحني دكتور؟
ابتسم وهو يعرفني جيداً من خلال زياراتي السابقة، وردّ مازحاً:
– يا أستاذ، أنت كاتب وصحفي، ولا شك أنك مطّلع على الذكاء الاصطناعي. اسأله، وسيجيبك بالتفصيل الممل عن كل ما يخطر في بالك. يكفي أن تكتب: «خلعت أحد أضراسي للتو، بماذا تنصحني؟» وستأتيك التعليمات كاملة. فلا تضيّع وقتي، فالمرضى كثيرون في قاعة الانتظار.
وختم حديثه بابتسامة لم تفارقه:
– هيّا، من غير مطرود!
وبالفعل، ما إن وصلت البيت حتى سارعت إلى سؤال الذكاء الاصطناعي السؤال نفسه، فجاءني الجواب مفصّلاً، يشرح لي ما ينفعني وما يضرني طوال أسبوع كامل. وكأنني أمام طبيب لا يتأفف، ولا يغفل، ولا يحدّق في ساعته بانتظار أن أختصر أوجاعي.
شكرته وقلت له: أنت الطبيب الوحيد الذي لا يملّ من الأسئلة، ولا يكتب وصفة بخط يشبه طلاسم السحرة، ولا يبتسم لي وهو يطردني.
ثم راودني سؤال أكثر وجعاً من الضرس المخلوع: لماذا لا يلجأ الأطباء إلى طباعة مثل هذه التعليمات التي يوفّرها الذكاء الاصطناعي، وتوزيعها على المرضى بعد انتهاء المعاينة؟ ألن يوفر ذلك وقتاً وجهداً، ويمنح المريض طمأنينة إضافية، بدلاً من أن يشعر أنه دخل عيادة وخرج منها كما دخل… ناقص ضرس وزائد حيرة؟
ثم تذكرت ما قرأته في أحد المقالات: أن الذكاء الاصطناعي قد يتمكن قريباً من معرفة الأمراض التي قد يُصاب بها الجنين، ليُعالَج سببها قبل أن يرى النور.
ربما نحن أبناء الستينات لن نعيش هذا التحول المدهش، لكن أبناءنا وأحفادنا بالتأكيد سيشهدونه، وسينظرون إلى الطبيب كما ننظر نحن اليوم إلى الحلاق الذي كان يخلع الأسنان في زمن مضى.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟