أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - مناف طلاس وإحياء القرار 2254.. بداية واقعية أم وهم جديد؟














المزيد.....

مناف طلاس وإحياء القرار 2254.. بداية واقعية أم وهم جديد؟


ضيا اسكندر
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين ارتباك الداخل وتشابك الأجندات الإقليمية، عاد القرار 2254 إلى دائرة الضوء مجدداً؛ أولاً عبر بيان مجلس الأمن الدولي في منتصف آب 2025، ثم عبر بيان جامعة الدول العربية مطلع أيلول، وكلاهما أعاد التأكيد على أنه الإطار الأوحد لبدء انتقال سياسي في سوريا.
ومع تجدد هذه الدعوات، برز من باريس اسم مناف طلاس، مقدّماً رؤية تحاول كسر ثنائية السلطة والمعارضة وفتح طريق ثالث يملأ الفراغ الذي خلّفه انسداد المسارات السابقة.

ظهور طلاس في معهد الدراسات السياسية "سيانس بو" لم يكن منفصلاً عن السياق، بل جاء متناغماً مع تحولات في المزاج الدولي. فالقرار الأممي الذي ظل مجمداً لسنوات يتضمن بنوداً واضحة: دستور جديد، وهيئة حكم انتقالية، وانتخابات تحت إشراف دولي، غير أن التحدي الحقيقي لا يكمن في النصوص، بل في القدرة على ترجمتها إلى واقع سياسي قابل للحياة.

هنا يطل العميد المنشق بخلفيته العسكرية وعلاقاته الدولية، محاولاً تقديم نفسه كجسر بين من تبقّى من مؤسسات الدولة والمعارضة التقليدية. وقد طرح في محاضرته تصوراً لمجلس عسكري انتقالي يتولى مهمة إعادة بناء الجيش على أسس وطنية علمانية، ويؤمّن المرحلة الانتقالية دون أن يعسكرها. كما شدد على أهمية استعادة السوريين من دول الجوار وإشراك المغتربين في عملية إعادة الإعمار، في رؤية تحاول تجاوز الانتماءات الضيقة نحو مشروع وطني جامع.

اللافت في خطابه كان رفضه للإسلام السياسي ودعوته إلى نموذج ديني معتدل ينسجم مع الهوية السورية التاريخية ويعيد الاعتبار للمواطنة كقاعدة للانتماء. طرحٌ يفتح الباب أمام إعادة تعريف الوطنية السورية، ويمنح فرصة لتجاوز الاستقطاب الذي مزق النسيج الاجتماعي خلال الحرب.

ومع انسداد الأفق أمام الصيغ التقليدية، يطلّ ظهور طلاس كمؤشر على بحث دولي وإقليمي عن صيغة جديدة تعيد تشغيل القرار 2254 بأدوات غير مألوفة. فالمسار المطروح لا تقوده المعارضة المرهَقة ولا تهيمن عليه سلطة الأمر الواقع، بل قد يتشكل من شخصيات من داخل الدولة السابقة، منشقين، ومجتمع مدني، مع إمكانية إشراك بعض رموز السلطة إذا قبلوا بشروط المرحلة الانتقالية. نجاح مثل هذا المسار لن يتوقف على التوازنات الداخلية وحدها، بل على دعم دولي وإقليمي قادر على توفير الضمانات.

لكن الطريق محفوف بالتحديات، فسوريا اليوم ساحة تتقاطع فيها مصالح متعارضة. فروسيا تسعى لضمان نفوذها العسكري والاقتصادي، والولايات المتحدة تركز على أمن حلفائها وفي مقدمتهم "إسرائيل"، بينما ترى تركيا في الشمال السوري امتداداً لأمنها القومي، وتسعى تل أبيب إلى إبقاء سوريا ضعيفة ومجزأة، أما الدول العربية، فتنظر إلى الملف من زاوية إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية، ولكن وفق شروط لا تتعارض مع مصالحها الاستراتيجية.

هذا التباين يجعل من الصعب تصور توافق سريع على تنفيذ القرار 2254. ومع ذلك، فإن إدراك هذه القوى أن استمرار الأزمة يهدد استقرار المنطقة برمّتها، قد يدفعها إلى البحث عن صيغة وسطية توازن بين مصالحها، ولو جزئياً، لتجنّب انهيار الدولة السورية بالكامل.

وفي خضم هذه التحولات، يبرز سؤال لم يُطرح بعد: هل انتهى دور أحمد الشرع، الأمر الذي دفع القوى التي زرعته في السلطة إلى البحث عن بديل أكثر قابلية للتوظيف؟ الشرع، الذي أدّى دوراً وظيفياً بامتياز، لم يتلكأ في تنفيذ ما طُلب منه، لكنه لم ينجح في فرض نفسه كقائد انتقالي أو كواجهة تفاوضية ذات وزن.
ومع تصاعد الدعوات لتطبيق القرار 2254، يبدو أن الدول الراعية بدأت تعيد النظر في أدواتها، فلم يعد يكفي وجود منفّذ مطيع، بل شخصية قادرة على بناء جسور وتحظى بقبول نسبي وخطاب وطني جامع.

من هذه الزاوية، قد يكون ظهور طلاس مؤشراً على تحول في الرؤية الدولية: من إدارة الأزمة إلى محاولة هندسة الخروج منها. ليس بوصفه بديلاً فردياً، بل كجزء من بحث أوسع عن مسار جديد يجمع بين متطلبات القرار الأممي وضرورات الواقع السوري.

في النهاية، قد يشكل ظهور طلاس إشارة إلى أن سوريا بدأت تكتب فصلها الانتقالي، لكن هذا الفصل لن يكتمل إلا إذا امتلك السوريون أنفسهم زمام المبادرة، بدعم وضمانات دولية حقيقية. وما بين بداية واقعية ووهم جديد، ستظل الإجابة معلقة على قدرة السوريين على الإمساك بمصيرهم، قبل أن تبتلعه صفقات القوى الكبرى.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين أفول النجم الأمريكي وبزوغ التعددية: هل ودّعنا القطب الوا ...
- مجلس الأمن... ومجلس العار العربي
- حرية التعبير... بفضل قلة العناصر الأمنية
- مجزرة جديدة؟ لا بأس، لدينا بيان جاهز!
- دور الاستبداد في تشويه أخلاق العباد
- نداء إلى مَن لم تتزوج بعد
- جعلوني انفصالياً!
- تأملات في خطوة المجلس التأسيسي لوسط وغرب سوريا
- الوجه الخفي لبريطانيا في الأزمة السورية
- الصديق اختيار.. والرفيق التزام
- التطبيع الزاحف وسلام العار
- السويداء في القلب.. وستبقى
- حين ينهزم الوزير أمام صمت الأسير
- في دهاليز الصمت.. حكاية تقريرٍ مخبّأ ومجازر لا تنسى
- غزة… بين مخالب الإبادة وفخّ التهجير
- ما قصة النفير العام في سوريا؟
- هل يمكن لهيئة تحرير الشام أن تقود مشروعاً ديمقراطياً في سوري ...
- من خطاب الدولة إلى خطاب المكونات: هل ضاعت سوريا في متاهة اله ...
- نزع السلاح.. هل هو بداية نهاية لبنان؟
- مأساة التشرذم في قضايا الشعوب


المزيد.....




- الجزيرة نت تروي قصة مسجد في الفاشر شهد مجزرة وتحول إلى مقبرة ...
- تونس: ما أسباب تراجع الزيجات والولادات
- بعد بولندا ورومانيا، إستونيا تشكو خرق أجوائها من مقاتلات روس ...
- بعد سنوات من العداء، مصر وتركيا تبدآن الإثنين مناورات مشتركة ...
- الجزائر ترفض دعوى مالي ضدها أمام محكمة العدل الدولية
- أمريكا ستنهي وضع الحماية المؤقتة للسوريين
- مستشار ترامب: السودان أكبر كارثة إنسانية في العالم ولا يحظى ...
- جنوب أفريقيا تتجاوز ترامب عبر -دبلوماسية محلية-
- خبير عسكري: 72 ساعة بدون تقدم ملموس والمقاومة تجبر الاحتلال ...
- محللون: ضبابية الأهداف والخلافات تربك جيش إسرائيل وتطيل أمد ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - مناف طلاس وإحياء القرار 2254.. بداية واقعية أم وهم جديد؟