نعمة المهدي
الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 17:07
المحور:
الادب والفن
غروباً، دفعتني قدماي إلى قبر زوجتي المرحومة، كأن الروح كانت تستدرجني إلى مأوى الصمت الأبدي.
دخلت المقبرة قبل أن تسدل الشمس آخر أستارها، وكان السكون يخيم على القبور سكوناً لم أذقه من قبل.
سرت بين أزقتها الضيقة، فإذا بكلاب سائبة تتجول بين الشواهد. تساءلت: أهي حراس للأرواح، أم أنها تفتش عن وليمة تسد بها جوعها؟
ارتجف قلبي، لكني كبحت الفزع لئلا أثير فيها غريزة الهجوم، ثم انسحبت بهدوء كنوم أصحاب القبور.
وفيما أنا أنسحب، لفتني مشهد آخر: أسراب من النمل، كبار وصغار، يزحفون فوق القبور وداخلها، يؤدون واجبهم الأزلي في بحث دؤوب عن الرزق… حتى من أجسادنا البالية.
وحين بلغت الطريق الرئيسي، واطمأن قلبي أنني في موقف آمن، جالت بي خواطري:
يا أيها الإنسان، هذا مصيرك آخر المطاف. ستودع الحياة بكل جبروتك ومكانتك، وتترك أطيانك وأموالك ومناصبك. ستصبح جثماناً طريحاً، تحت رحمة كلب سائب يعبث بك كما يشاء، أو نملة صغيرة تقتات من جسدك بعدما كان مهيباً شامخاً.
فاهرب إلى الله قبل أن يدركك الموت، واترك فسادك وعبثك. صل قبل أن يُصلى عليك، وأصلح قلبك قبل أن يوارى التراب. وتذكر – وأنت في صحتك وقوتك – أنك ستغدو يوماً واحداً من ساكني القبور: لا مال، ولا جاه، ولا سلطان، وإنما عملك الصالح وحده يرافقك.
#نعمة_المهدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟