أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - مقهى المعقدين














المزيد.....

مقهى المعقدين


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 17:07
المحور: الادب والفن
    


ويتحدّث الشاعر عن جرحٍ
يُقيمُ معابدَ لعالمٍ آخرَ يُدينُ العالمَ المضادّ،
حيث لا تُغامرُ إلا النفوسُ المفردة.
ليس على الشاعر أن يكون كاملًا في عصره ولا في مكانه.
طغيانُ المكان يُذكّر بالسجون،
وعندما لا يُناسبُ شيءٌ ما، لا يُخلق شيء.
سرُّ البعض حلمٌ للآخرين،
والأفقُ أغنيةٌ تُمحى غايتُها،
وتفكّك الجسدَ والأصلَ والاسم،
وتلقي بالموت في رحم كلّ رحيل.

ها هو ذا الظلّ يبحث عن ظلّه،
وأتقدّم في داخلي، فإذا بي أبعد من ذلك بكثير.
أعيش بالفعل وراء الذاكرة، وراء ما أراه،
أحفورةٌ تقتل تحت الأوامر.
باسمها يتكاثر الجلادون والكهنة والمفسرون والرقباء،
وباسمها تُفرض المعايير والجذور وكراهية المجهول.

هناك كائنات ذات ثقوب،
ثقوب في أجسادهم كلّها،
من أعماق عيونهم إلى أعماق عظامهم،
وبصراخ أعلى من أفواههم المسلوخة،
يحملون على وجوههم كل ويلات العالم،
أكوامًا محطّمةً ووديانًا،
حيث تغرق أسوأُ العزلات.

هذا الماضي ينصب المشانق ويشعل المحارق،
غير أنّ هناك ماضيًا آخر يحتفظ بجاذبيته،
كأفقٍ مثقوب، وإشاعة طفولةٍ غامرة،
إرثٌ سيظلّ متشبّثًا إلى الأبد بالأسلاك الشائكة.

وفي دمك رغبةٌ عارمةٌ
في اختراق جلد هذا العالم.

الرجال يتكاثرون أسرع من ظلالهم،
لكن أبطأ بكثير من رغبتهم في العجز،

وأبطأ بكثير
من الكلاب
والجرذان.
لن يتظاهر الفضاء بعد الآن بالثبات. التي سيطرت على الفضاء تتجمع حركات أشكال. لا أرى الطائر
قويًا في قفصه المفتوح،
وهو يهتف: سأبقى هنا، إلى أسفل الفضاء.
لا أرى الطائر الذي لا يثق
في محتوى الهواء.
لا أرى الطائر
الذي سيرفض أن يخاف.
لا أرى الطائر
الذي يلعب دور السحابة، لكنني أرى السحابة التي تلعب دور الطائر وبدايله.
أينما كنا، نحن على الباب. تتكرر لشبح الشكل
منذ البداية يخبرنا أنه موجود في مكان آخر، في مكان غير مكاننا، أنه ينتمي إلى نظام لا نملك الوصول إليه، أبعد من كوكب ميت.
الشكل وبدايله: قد انجرف غضب هذا الانسداد، أن نخترق هذه القشور، أن نحطم هذه الجدران،
أن نجد على الشيء الممزق أسطحًا أخرى متعارضة، جدرانًا أخرى تغطي، وإلى أجل غير مسمى، سمك الوجود المسدود.
رؤية باطن الجدران:
إنه متآكل بالفراغ، وكأنه يعمل بحمى سلبية خفية، من قلق يبدو أنه يريد أن يجرها أكثر فأكثر نحو هاوية باطنها الغامض، بلا حدود، بلا أماكن،
حيث يتأرجح السواد
كجسم وحش.
وبعيدًا جدًا، ضائعًا
في الكتلة الهائلة،
عين تراقب حجرًا ينام واقفًا.
لا يمكن لواقعنا الهشّ والمرتجف أن يُنشئ أي اتصال.
في قاع "الكتلة الهائلة" لا يزال في الواقع بريق مفقود لأصل: ماضٍ أسطوري منسي في كتلتك التي تبدو غائبًا عنها.
أهربُ من الفراغ المزدوج، السجين للأزمنة والأمكنة، لأفرغ نفسي أخيرًا في حرية حيّة، في رعشات، في لحظات، في صرخات. هذا ما يطلبه مني الصخر الذي لم يعد قادرًا على تحمّل المعدن.
أراضي الصخور، أرض الشجيرات، "كحلقٍ مُلتهب يطلب الحليب والرمل – السائل يسمح لسمكه الموضوعي باختراقه –
تتألق آلاف العيون الصفراء في الغابة، تطلب دمي، المادة الأكثر سجنًا، والأكثر كآبة، المعدن. أيضًا ترتجف من فرط الانتظار نحو قنوات الدم.
ثمة مصاص دماء للموضوع.
بل في أغلب الأحيان، شيءٌ ما يشعر الشاعر حينها بأن هذا الشيء يُراقبه، مطاردًا كحيوان في قاع جحره، مُعلّقًا. في سلسلة رائعة من الكوابيس، يتجه العمق، الذي كان عابرًا في ذاته حتى ذلك الحين، نحوي، عليّ لأغمرني وأبتلعني. تنعكس جميع سمات الشيء الشبيهة بالحلم. فالجمود، على سبيل المثال، يتحول إلى انفجار، ويستيقظ الحجر، وينفجر، ويصبح بين يدي لهبًا مستعرًا من جديد. يتحول الخمول – بثنائيته الأخلاقية – فجأةً إلى قسوة.
هذا الاضطراب المزعج والسام، هذا التكاثر للحركات عديمة الشكل، هذا الحشد، الذي يُستشهد به كثيرًا هنا، لحضور فاحش، عدائي، مجهول: الحشد. العطش، أخيرًا، يعكس اتجاهه أيضًا: من الانتظار يصبح هجومًا، ويذهب مباشرة للبحث، خارج نفسه، عن موضوع إشباعه. إنه كابوس الشفط، وأداته الحقيرة، كأس الشفط: سطح لزج ماص، لا يحتاج حتى إلى الانفتاح لاغتصابنا، لتفريغنا من عصيرنا. الحشد والشفط يجمعان غثيانهما في مكان خبيث بشكل خاص.
المستنقعات الصاعدة، التي تقضمه، والتي تتسرب في الصمت ضفادع لعابية.
هناك شيء فظيع في العالم، لا يمكن أن نجد له بديلاً في الشكل ونقيضة.
وحوش تخترق كوابيسنا. أُنصت إليكِ يا شجرة البرقوق، أخبريني ما تعرفينه عن المصطلح الذي يتجمد فيكِ.



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كَسْرٌ فِي الْكَمَالِ الشَّكْلِيِّ
- غرف المغامرات الأبدية
- ضد غباء المكعبات
- الكتابة إلى فيديل سبيتي
- إلى النهار الماضي lll
- عن الشكل
- إلى النهار الماضي ll
- إلى النهار الماضي
- لقد دخلت الأبدية للتو إلى الحديقة
- مكتبة في مدينتي
- كهانة المطبخ
- مطبخ الكهانة
- أغمض عينيّ: ينهض المعنى
- ينهض المعنى من يغمض عينيّ
- دفاتر الهوامش lll /دفاتر الغسيل
- هوامش ومسودات 2
- هوامش ومسودات 1
- التداخل 11
- تداخل 12
- تداخل 10


المزيد.....




- ماكي صال يُحيّي ذكرى بن عيسى -رجل الدولة- و-خادم الثقافة بل ...
- الأمير بندر بن سلطان عن بن عيسى: كان خير العضيد ونعم الرفيق ...
- -للقصة بقية- يحقق أول ترشّح لقناة الجزيرة الإخبارية في جوائز ...
- الكاتبة السورية الكردية مها حسن تعيد -آن فرانك- إلى الحياة
- إصفهان، رائعة الفن والثقافة الزاخرة
- سينمائيون إسبان يوقعون بيانًا لدعم فلسطين ويتظاهرون تنديدا ب ...
- وفاة الفنانة التركية غُللو بعد سقوطها من شرفة منزلها
- ديمة قندلفت تتألق بالقفطان الجزائري في مهرجان عنابة السينمائ ...
- خطيب جمعة طهران: مستوى التمثيل الإيراني العالمي يتحسن
- أعداء الظاهر وشركاء الخفاء.. حكاية تحالفات الشركات العالمية ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - مقهى المعقدين