|
متابعات – العدد الثالث والأربعون بعد المائة بتاريخ السابع والعشرين من أيلول/سبتمبر 2025
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8478 - 2025 / 9 / 27 - 12:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة فاقت ثروات أغنى 1% ما يملكه 95% من سكان العالم سنة 2024، وبلغ الإنفاق العسكري العالمي مستوى قياسيًا، بنحو 2,7 تريليون دولارا، وساهمت زيادة الإنفاق العسكري في تكثيف عمليات القتل والإبادة والتّدمير، وفي نزوح أكثر من مائة مليون شخص بسبب الحروب والإضطهاد... لو تم إنفاق مبلغ 2,7 تريليون دولارا في الزراعة والتعليم والصحة والنّقل العمومي والسكن والتنمية الإقتصادية والإجتماعية لأَمْكَنَ القضاء على الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية في معظم بلدان العالم...
رأس المال يستفيد من الإبادة والحُروب نشرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، فرانشيسكا ألبانيز، تقريرًا جديدًا بمنتصف حزيران/يونيو 2025، عنوان " من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية" يكشف الفوائد الإقتصادية والمالية التي تجنيها شبكة الشركات العالمية ( متعددة الجنسيات) التي تدعم وتستفيد من الإحتلال ومن سياسات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ومن ضمنها أمازون وبلاك روك وغوغل ولوكهيد مارتن وفولفو لصناعة السيارات، وشركات عديدة في قطاعات البناء والتعليم والتمويل وتقديم الخدمات والنّقل وإنتاج الأسلحة، فضلا عن الجامعات (وخاصة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حيث يُدرّس نوعام شومسكي) وتستثمر هذه الشركات والمؤسسات الجامعية ومراكز البحث في تهجير الفلسطينيين واستبدالهم بالمستوطنين الصهاينة، ولذلك استنتجت فرانشيسكا ألبانيزي ضرورة قطع جميع أنواع العلاقات مع الكيان الصهيوني، مما جعلها أكثر ثوريّةً من اليسار الأوروبي والأمريكي، ولهذا السبب ( الدعوة لمقاطعة الكيان الصهيوني) فرضت وزارة الخارجية الأمريكية يوم التاسع من تموز/يوليو 2025 عقوبات بذريعة "معاداة السامية ودعم الإرهاب، واحتقار الولايات المتحدة وإسرائيل والغرب"، وإهمال العمل التّوثيقي والحُجج الدّامغة التي وردت في تقرير فرانشيسكا ألبانيزي، وكانت حكومة الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات خلال شهر حزيران/يونيو 2025 على قُضاة في المحكمة الجنائية الدولية لنفس الأسباب: كشف ونقد ممارسات الكيان الصهيوني، مما يؤكّد اندماج الإحتلال مع القوى الإمبريالية. أطلق موظفو أمازون وغوغل سنة 2024، حملة بعنوان "لا لاستخدام التكنولوجيا من أجل الفَصْل العنصري"، وندّد المهندسون والفَنِّيُّون "بتطوير تقنيات تُشجّع الإبادة الجماعية والفصل العنصري والمراقبة"، وأطردت شركة "غوغل" عشرات المهندسين الذين شاركوا في الحملة... وثّق محققون من الأمم المتحدة وهيئات أخرى (بما فيها منظمات فلسطينية) لعدّة عُقُود كيفية استفادة الشركات من الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وأكد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ( أونكتاد) إن الكيان الصهيوني يستفيد بما لا يقل عن 41 مليار دولار سنويًا من الإستغلال المباشر للضفة الغربية (حوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي الصهيوني)، فضلا عن الفوائد الأخرى من مصادرة الأراضي واستغلال العُمّال وما إلى ذلك، وسبق أن نشرت الأمم المتحدة سنة 2000 قاعدة بيانات للشركات التي تستفيد من النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية، ومن بينها (Airbnb وExpedia و TripAdvisor- وجنرال ميلز وموتورولا وجميعها بالولايات المتحدة وBooking.com – هولندا...) والعديد من الشركات الأوروبية والكندية والأسترالية وغيرها في قطاعات عديدة منها مراقبة الأشخاص و"الطاقات المتجددة" والزراعة واستغلال الموارد الطبيعية في فلسطين وما إلى ذلك، كما نَشَرَ تحالف "لا تشتري إنتاج الاحتلال" " تقرير ( كانون الأول/ديسمبر 2023 ) يضم عددًا من الشركات المالية الأوروبية التي تجني أرباحًا من مشروع الاستيطان الصهيوني، ورفعت الشبكة العالمية للإجراءات القانونية (GLAN) ومنظمة صداقة أيرلندا، ومؤسسة الحق (فلسطين)،يوم العاشر من حزيران/يونيو 2025 دعاوى قضائية في أيرلندا وبريطانيا والولايات المتحدة ضد شركة Airbnb بسبب "نشاطها في الأراضي الفلسطينية المحتلة" و"غسيل أموال جرائم الحرب"، ويشمل الإستثمار في أكثر من 300 مكان إقامة للإيجار" في الضفة الغربية.
الصّمت والتواطؤ العربي يتعرض الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية للتهجير ومصادرة الأراضي وتدمير المباني والبنية التحتية، لتيْسير عملية الإستيطان والسيطرة الكاملة على الأرض بوجود أقل عدد ممكن من الفلسطينيين، وفي غزة يتعرض الفلسطينيون للإبادة تحت أنظار العالم، ولم تُقدّم الدول العربية أي مساعدة رغم الدّمار الشّامل وارتفاع عدد الضحايا إلى حوالي سبعين ألف، 70% منهم نساء وأطفال بحسب التقديرات، ويُعاني من نجا من القتل، من المجاعة، ومع ذلك لم تُطالب الأنظمة العربية ولا جامعتها العِبْرِيّة بفرض عقوبات على الكيان الصّهيوني أو التّهديد بقطع المحروقات ( النفط والغاز) عن دول الإتحاد الأوروبي التي تدعم الكيان الصهيوني عسكريا وسياسيا وعقائديا وإعلاميا ودبلوماسيا... لم يدعم أي من الأنظمة العربية الشعب الفلسطيني، بل عززت أنظمة عميلة مثل المغرب والإمارات علاقاتها بالكيان الصهيوني خلال العدوان، ورست المدمرة يو إس إس فورست شيرمان، التابعة للبحرية الأمريكية، بهدوء في ميناء مدينة الجزائر عاصمة هذه الدّولة التي لم تُطبّع العلاقات مع الكيان الصهيوني، ونَشَر موقع وزارة الحرب الأمريكية (قسم الشؤون العامة للأسطول السادس الأمريكي ) الخبر بتاريخ 21 أيار/مايو 2025... أما النّظام المصري، فهو يمنع المسيرات التي تحاول كسر الحصار ويمنع دخول المساعدات، لأن ذلك يتطلب موافقة العدو وفق اتفاقيات تطبيع العلاقات، وعزّز التطبيع الإقتصادي والإرتهان للعدوّ، وخصوصًا منذ سنة 2019، وإبرام عقد شراء أولي لستين مليار متر مكعب من الغاز المنهوب من سواحل فلسطين، وأعلن رموز النظام المصري إن البلاد أصبحت – بعدما كانت مُصدّرة للنفط – تعتمد على الكيان الصهيوني لتأمين إمدادات الغاز، وفي بداية شهر آب/أغسطس 2025، أعلنت شركة نيوميد الصهيونية عن توقيع عقد "تاريخي" بقيمة 35 مليار يورو لتزويد مصر بالغاز الطبيعي المسروق من الفلسطينيّين والمستخرج من حقل ليفياثان البحري بدءًا من سنة 2026، وتمثل الشحنات المعنية 135 مليار متر مكعب على مدى خمسة عشر عامًا أو حوالي 20% من الاستهلاك السنوي لمصر، فكيف يمكن للنظام المصري ( أو الأردني) اتخاذ قرار مُستقل، إذا افترضنا توفّر الإرادة؟ أما الإمارات التي تخصّصت في تخريب البلدان العربية ( سوريا واليمن والسودان وفلسطين وليبيا...) فقد أظهر حُكّامها حماسًا كبيرًا – فاق تفاني آل سعود والبحرَيْن- لخدمة مخططات الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني، وخصوصًا منذ تطبيع العلاقات سنة 2020، في إطار "اتفاقيات إبراهيم" التي صممتها وأشرفت عليها الإمبريالية الأمريكية، وشملت كذلك المغرب، وقد تشمل بعد العدوان الحالي سوريا والسعودية، وأعلنت مجموعة إيدج، إحدى أبرز شركات الصناعات الحربية الصهيونية ( كانون الثاني/يناير 2025) استثمار عشرة ملايين دولار للاستحواذ على حصة 30% في شركة ثيرد آي سيستمز (الصهيونية كذلك)، المتخصصة في كشف الطائرات المسيرة باستخدام الذكاء الاصطناعي في مصر والإمارات والمغرب، والمغرب هو طرف آخر في اتفاقيات إبراهيم... تميز العدوان الحالي بضُعْف أو انعدام ردّ الفعل الجماهيري العربي وضُعف الأحزاب والنقابات والمنظمات الأهلية، وغرق المواطنين العرب في همومهم الخاصّة من بطالة وفقر وارتفاع الأسعار، دون الإلتفات لما حولهم...
سوريا كانت خطوط نقل الطاقة العابرة لسوريا نحو أوروبا من الأسباب غير المُعلنة للحرب التي كانت تركية وأمريكية وأوروبية مُباشرة أو بالوكالة، بتمويل من مُصَدِّرِي النفط والغاز بالخليج، وبعد 13 سنة من الإرهاب والعدوان التركي المباشر، ومن الإستفزاز والحصار والخراب، أصبحت الظروف مواتية لإنجاز مشاريع نقل الغاز وفق المخططات التركية والخليجية، خصوصًا بعد استلام المليشيات الإرهابية السّلطة – بدعم مباشر من تركيا والولايات المتحدة، أي حلف شمال الأطلسي – وبعد التطبيع الأمريكي والأوروبي والعربي السّريع مع زعماء المليشيات الإرهابية لمكافأتهم على التنكيل بالفلسطينيين وملاحقتهم حتى داخل لبنان، بالتوازي مع توسّع الإحتلال الصهيوني في جنوب سوريا وارتفاع عدد ضحايا المجازر في مناطق عديدة من سوريا، بغطاء طائفي، من اللاّدقية غربًا إلى إلى السّويداء شرقًا، بدعم أمريكي وصهيوني، ويُسدّد الشعب السوري في شرقي الوطن ثمن المنافسة السورية الصهيونية حول السيطرة على الموارد وطرق التجارة في سوريا وعبْر سوريا، ومن أهمها طرقات النّقل البري والبحري بين الخليج وسوريا والبحر الأبيض المتوسط، وفق برقيات وكالة رويترز ( 16 و 17 تموز/يوليو 2025)... ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) يوم الثاني من آب/أغسطس 2025، افتتاح "خط أنابيب إقليمي جديد لنقل ستة ملايين مترًا مُكعّبا من الغاز من أذربيجان إلى سوريا عبر تركيا (...) بمشاركة وزير الطاقة السوري ووزير الطاقة التركي ووزير الاقتصاد الأذربيجاني وممثلون عن صندوق قطر للتنمية الذي مَوّل المشروع..." وللتّذكير، تُمثل أذربيْجان قاعدة أمريكية وصهيونية، وعدُوًّا مباشرًا لإيران على حدودها، جيث تحوّلت إلى قاعدة تجسّس أمريكية صهيونية ضدّها، ويحصل الكيان الصهيوني على 40% من احتياجاته النفطية من أذربيجان، عبر تركيا، وارتفع حجم كميات النفط خلال العدوان على غزة ولبنان وسوريا واليمن وإيران منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2025... تعاني سوريا من نقص مستمر في الطاقة رغم امتلاكها لمصادرها الخاصة من النفط والغاز، بفعل احتلال الجيش الأمريكي لأهم حقول المحروقات ( النفط والغاز) شمال شرقي سوريا، وترسل الولايات المتحدة النفط الخام إلى إقليم كردستان العراقي لتصفيته ثم تسليم جزء منه إلى حلفائها من المليشيات الكُردية التي تُصدّر بعضه عبر إقليم كردستان العراق، بينما يعاني المواطنون منذ 13 سنة من الحصار والعقوبات الأمريكية، ومن نقص الكهرباء التي لا تتوفر سوى لبضع ساعات يوميًا، ويشتري الميسورون مولدات خاصة أو ألواح شمسية مثبتة على أسطح المنازل... لعبت تركيا وقطر ( ودوَيْلات الخليج الأخرى ) والأردن دوْرًا رئيسيا في تنفيذ المخطط الأمريكي الأوروبي الصهيوني، وتخريب وتدمير وتقسيم سويا وتغيير نظام الحكم وتنصيب زعيم النّصرة ( فرع القاعدة) في أعلى هرم السّلطة، بنهاية شهر تشرين الثاني وبداية شهر كانون الأول/ديسمبر 2024، وخلال شهر آذار/مارس 2025، وقعت مؤسسة قطر للتنمية ووزارة الطاقة الأردنية اتفاقية تقضي بمرور إمدادات الغاز الطبيعي من قَطَر إلى سوريا، عبر ميناء العقبة في الأردن "للمساعدة في معالجة نقص الكهرباء في سوريا"، وبذلك يبدأ إنجاز "خط الغاز العربي" الذي كان رفض النظام السوري لشروطه المُجحفة، احد أسباب تخريب سوريا، وبدأت تركيا توريد الغاز الطبيعي من أذربيجان إلى سوريا لاستخدامه في توليد الطاقة الكهربائية، وافتتح وزير الطاقة السوري بحضور ممثلي تركيا وأذربيجان وقطر خط النقل الإقليمي للغاز الذي يربط تركيا بمحطة الطاقة في حمص لتوليد نحو 1200 مبغاوات من الطاقة الكهربائية، وفق وكالة رويترز بتاريخ السبت الثاني من آب/ أغسطس 2025
الصّحّة تجارة مُجْزِيَة تتوقع شركة الإستشارات ودراسة الأسواق ( Precedence Research ) أن يرتفع سوق اللقاحات العالمي من حوالي 92 مليار دولارا سنة 2025 إلى 161,5 مليار دولارا خلال عشر سنوات ( سنة 2034)، وتنصح زبائنها من المختبرات وشركات الأدوية باستثمار مليارات الدولارات في إنتاج لقاحات ضد الأوبئة المستقبلية المتوقعة، فيما تُشير منظمة الصحة العالمية خلال الجلسة العامة ( أيار/مايو 2025) إن الإستثمارات قليلة في البحث عن لقاحات أو علاج جذري لأخطر الأمراض كالسُّل والمَلَاريا وسوء التغذية، لأنها أمراض تُصيب الفقراء وتقتل أكير من مليونَيْ شخص سنويا، ونشرت منظمة الصحة العالمية يوم 29 تشرين الأول/اكتوبر 2024، تقريرًا عن مرض السل، كشف ارتفاع عدد حالات الإصابة الحديثة بالسّل التي تم التّبليغ عنها من 7,5 ملايين شخص سنة 2022 إلى 8,2 مليون حالة إصابة حديثة بمرض السُّلّ سنة 2023، وهو أعلى رقم مُسجَّل منذ أن بدأت المنظمة رصد السُّل عالميًا سنة 1995، مما يضع السل مجددًا كسبب رئيسي للوفاة من الأمراض المعدية سنة 2023، متقدمًا على كوفيد-19، ومع ذلك، انخفض التمويل العالمي للوقاية من السل ورعايته باستمرار. أما عدد الوفيات المُبلّغ عنها بسبب الملاريا فقد ارتفع من 568 ألف حالة وفاة سنة 2019 إلى 619 ألف حالة وفاة سنة 2022، وأعلنت منظمة الصحة العالمية منذ سنوات "إنّ الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية ونقص المغذيات الدقيقة أكثر عرضة للوفاة بسبب السل أو الملاريا أو الإسهال"، ولما جعلت المنظمة قضية التغذية من أهم أولوياتها تم تخفيض تمويل برامج تعزيز الصحة (الذي يشمل التغذية وظروف المعيشة والسكن والدخل الكافي والتلوث الصناعي والكيماويات الزراعية إلخ) وأصبح أصغر بند في هذه الميزانية، وفق البيانات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية يوم 20 أيار/مايو 2025، وتجدر الإشارة إن جزءً هامًّا من ميزانية منظمة الصحة العالمية يعتمد على "المساهمات الطوعية" لأغراض محددة (أغراض تحددها الجهات المانحة، وليس منظمة الصحة العالمية) مثل اللقاحات التي يمول التحالف العالمي للقاحات والتحصين (غافي) جزءًا منها ( أقل من 224 ألف دولارا) وهي أموالٌ رُصدت لإثراء خزائن المجمع الكيميائي الدوائي. يموت مليون طفل سنويًا نتيجة سوء التغذية الحاد، مما يجعله أحد الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال حول العالم، وحتى في حال نجاتهم، يترك سوء التغذية آثارًا جسدية ونفسية دائمة تستمر مدى الحياة، ورغم إنتاج العالم ما يزيد عن حاجة العدد الإجمالي لسكان الكرة الأرضية، ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع في العالم إلى 828 مليون شخص سنة 2022، بزيادة قدرها حوالي 46 مليون شخص منذ عام 2020، وفق تقرير الأمم المتحدة "حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم" – 2022، ويشير تقرير برنامج الأغذية العالمي للعام 2024 إلى توقعات بأن يعاني 582 مليون شخص من سوء التغذية المزمن بحلول نهاية العقد ( 2029)، ويسكن أكثر من نصفهم في أفريقيا، في ظل انخفاض ميزانيات منظمة الصحة العالمية والبرنامج الغذائي العالمي، وانخفاض "المُساهمات الطّوعية" الموجهة نحو الأمن الغذائي والتغذية رغم الحاجة المُلِحّة لدعم الأمن الغذائي والتغذية، بدلاً من الاستثمار في النظم الزراعية والغذائية الصناعية من قِبَل شركات الأغذية والمشروبات الدولية الكبرى، وهي لا تسهم في الحد من الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. أسفر المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية للعام 2025 الذي انعقد في مدينة إشبيلية بالأندلس (إسانيا) من 30 حزيران/يونيو إلى 3 تموز/يوليو 2025، ولم يُصْدر أي توصيات "لمكافحة الجوع" تحوّلت منظمة الصحة العالمية من هيئةً لوضع المعايير وتُشرف على أداء أنظمتها الصحية وتُساعد الدول على تحسينه، إلى مجرد وكالة مُنفذة لأولويات "الجهات المانحة"، وأصبحت شريكة في البرامج التي يُشرف عليها ويديرها البنك العالمي والاتحاد الأوروبي وجهات أخرى لا تهتم بعلاج الملاريا أو الإسهال أو أمراض الجهاز التنفسي، وخلقت هذه الشراكة تضاربًا في المصالح بسبب نفوذ شركات صناعة الأدوية التي لا تهتم بقضايا الجوع وتحسين الغذاء أو ظروف المعيشة، بل تعتبر تطعيم كافة سُكّان العالم باللقاحات التي تنتجها مختبراتها "الحل الوحيد" وأنشأت هذه الشركات، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس سنة 2017، تحالف ابتكارات التأهب للأوبئة (CEPI) بتمويل مشترك بين القطاع العام والقطاع الخاص، بقيمة 460 مليون دولارا، وشارك في تأسيسه وتمويله مؤسسة بيل وميليندا غيتس، ومؤسسة ويلكوم ترست، وائتلاف من الدول، ويتمثل الهدف الرئيسي لتحالف ابتكارات التأهب للأوبئة في تطوير منصات لقاحات لمرض إكس، بدعم من منظمة الصحة العالمية، مما يُمثل انحرافًا كبيرًا عن المهمة الأساسية للمنظمة، لأن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وظروف العيش هي السبب الرئيسي لسوء التغذية ولمعظم الأمراض والوفيات، ويمكن تجنّب العديد من الأضرار وزيادة في الوفيات وتدهور في الصحة العامة، من خلال إنفاق مبالغ أقل بكثير من المبالغ التي تحصل عليها الشركات الخاصة من المال العام نشر معهد براونستون تحليلًا شاملًا لمخاطر الأوبئة بعنوان "ملخص سياسات مخاطر الأوبئة" – 2024، يُبيّن تأثير بضعة شركات عابرة للقارات ( معظمها أمريكية المنشأ) على خيارات منظمة الصحة العالمية، وكذلك البنك العالمي الذي يدعو ( تقرير سنة 2022) إلى تخصيص مبلغ إضافي يتراوح بين 10,3 و11,5 مليار دولار سنويًا لدعم مبادرات الشركات الخاصة لإنتاج لقاحات للأمراض المستقبلية، مما قد يعني إهمال الأمراض والأوبئة الحالية كالسل والملاريا وسوء التغذية والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، ولم تعُد منظمة الصحة العالمية تُقيّم وتُراجع الاحتياجات الصحية لسكان العالم، بل ترضخ لهيمنة الشركات متعددة الجنسيات التي لا يهمها سوى تعظيم الأرباح، بدل المُساهمة في معالجة الوضع المعيشي والغذائي والصّحِّي لغالبية البشرية.
أوروبا تُثْرِي شركات صناعة الأسلحة الأمريكية أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد لقائه مع الرئيس الرُّوسي فلاديمير بوتين في ألاسكا ( منتصف آب/أغسطس 2025 )، أعلن دونالد ترامب إن الولايات المتحدة سوف تستمر في تزويد الجيش الأوكراني بالدّعم الجوي وبالمعلومات الإستخباراتية ولكنها لن ترسل قوات إلى أوكرانيا، بل ستبيع أسلحة إلى أوروبا التي تُرسلها بدورها إلى أوكرانيا، وبذلك تكون الولايات المتحدة أكبر الرّابحين من الحرب، إذْ استحوذت شركاتها على الأراضي والموارد الطبيعية والمعادن في أوكرانيا، بينما تنفق أوروبا عشرات المليارات من الدّولارات على شراء السّلاح الأمريكي وإرساله إلى أوكرانيا، ولهذا الغرض أفادت هيئة الأركان المشتركة الأمريكية إن الجنرال دان كين أنه لوضع اللمسات الأخيرة على هذه الخطة، استدعى رُؤساء أركان فنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وأوكرانيا إلى البنتاغون، للإتفاق على تفاصيل الدّعم العسكري الأوروبي لأوكرانيا، وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي – الذي تُعيّنه الولايات المتحدة – مارك روته ( رئيس حكومة هولندا السابق) خلال مؤتمر صحفي مشترك مع فلاديمير زيلنسكي في عاصمة أوكرانيا ( كييف ): "إن دعمنا لأوكرانيا غير مشروط ويتزايد باستمرار، من خلال تدفق الأسلحة الأمريكية الفتاكة إلى أوكرانيا بتمويل من حلفاء الناتو الأوروبيين وكندا، وتم مُؤخّرًا تسليم ثلاث دفعات أسلحة بقيمة 500 مليون دولار لكل منها: واحدة من هولندا وأخرى من الدنمارك والنرويج والسويد وثالثة من ألمانيا، وستليها صفقات أخرى، كما يدعم الحلفاء صناعة الدفاع الأوكرانية، من خلال الإستثمارات التي تُعزّز أمْنَ واقتصاد أوكرانيا..." استفادت الشركات الأمريكية لصناعة الأسلحة من هذه الصفقات، واستحوذت على نحو 73% من الإنفاق العسكري لدول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فقد اشترت كندا دُفْعَةً رابعة من الأسلحة الأميركية، ليصل إجمالي قيمتها إلى 2 مليار دولار، وخصّص الإتحاد الأوروبي أكثر من أربع مليارات يورو لدعم أوكرانيا، ليصل المبلغ الإجمالي للإنفاق الأوروبي على الحرب في أوكرانيا إلى 173 مليار دولارا، منذ انطلاق الحرب خلال شهر شباط/فبراير 2022، وأكّدت رئيسة المفوضية الأوروبية ( المُغالية في أطلسيتها وصهيونيتها ويَمِينِيّة توجُّهاتها) "إن أوروبا ستقف إلى جانب أوكرانيا خلال الحرب وبعدها"، ولم يستشر أَحَدٌ المواطنين الأوروبيين ( والمُقيمين في أوروبا) الذي يُسدّدون هذه المبالغ الضّخمة التي تم سَحْبُها من الإنفاق الإجتماعي ومن الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم والبنية التحتية، وسيتعين على دول الناتو أن يرتفع الإنفاق العسكري من 2% شنة 2024 إلى 3,5% ثم إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، لتستمر نسبة الإنفاق العسكري الأوروبي في الإرتفاع على حساب احتياجات أخرى للمواطنين، مع التّذكير بأن 23 دولة من الإتحاد الأوروبي عضو في حلف شمال الأطلسي الذي يعد 32 دولة...
احتكارات – شركة "تشيكيتا براندس" ( شركة الفواكه المتحدة سابقًا) هي شركة احتكارية أمريكية عريقة تأسست سنة 1870، وذات تقاليد شهيرة في الإستغلال وتنظيم الإنقلابات ونَشْر الفساد خصوصًا في أمريكا الجنوبية، وتُسمَّى حاليا " شركة تشيكيتا براندز إنترناشونال" وهي واحدة من أكبر وأشهر احتكارات مزارع وثمار الموز في العالم، ومقرها الرئيسي في الولايات المتحدة، منذ تأسيسها، وارتبط اسمها ببعض أسوأ الانقلابات في أمريكا الجنوبية، مما اضطرّها على تغيير اسمها السابق ( شركة الفواكه المتحدة ) سنة 1984، في محاولة لتلميع صورتها البَشِعَة، فقد كان لشركة الفواكه المتحدة دور مهم في انقلاب هندوراس سنة 1911، والذي أطاح بالرئيس مانويل بونيلا الذي سعى إلى الحد من سلطة الشركة، وأشعلت الحرب الأهلية في كوستاريكا وأشرفت عليها سنة 1948، وفي غواتيمالا، عارضت الشركة الأمريكية (شركة الفواكه المتحدة ) الإصلاح الزراعي الذي قاده الرئيس جاكوبو أربينز سنة 1954، وضغطت الشركة على الحكومة الأمريكية للتدخل، مما أدى إلى عتنظيم انقلاب عسكري أطاح بالرئيس أربينز، لكي تُحافظ الشركة على مصالحها الهامة في البلاد... أعلنت شركة الموز العملاقة تشيكيتا، خلال شهر أيار/مايو 2025، تسريح نحو سبعة آلاف عامل، إثر إضراب نفّذه عُمّالها في بنما، من أجل زيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل ووضع حد للعبودية المعاصرة التي تمارسها الشركة، وبعد الضغط، أعلنت الشركة عن مغادرتها بنما، لكنها أعلنت يوم الثلاثين من آب/أغسطس 2025، التراجع عن قرارها، عائدةً إلى هذه الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى، وستعيد توظيف العمال المفصولين، وفق بيان نشرته حكومة بنما، واعلنت الحكومة: "تم اتخاذ القرار خلال اجتماع في البرازيل بين الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو وزعماء الشركة الأمريكية العابرة للقارات، بعد أسابيع من المفاوضات"، ونشر موقع الرئاسة البنمية مقطع فيديو يُسجّل قَوْل الرئيس: "توصلنا إلى اتفاق إيجابي لصالح بوكاس ديل تورو [مقاطعة منتجة للموز في منطقة البحر الكاريبي] وآلاف العمال المسرحين"، وكانت " شركة تشيكيتا براندز إنترناشونال" قد أغلقت مصنعها في تشانغينولا ( بنما) بنهاية شهر أيار/مايو 2025، وسرّحت نحو سبعة آلاف عامل، بعد إضراب احتجاجًا على "الإصلاحات المؤقتة لقانون العمل"، مما أدى إلى شلل جزئي في المقاطعة البنمية لعدة أسابيع، يوهي مُقاطعة يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على السياحة والموز، وهو المنتج التصديري الرئيسي لبنما، ووعد رئيس الشركة العابرة للقارات كارلوس لوبيز في بيان "سنستأنف عملياتنا في البلاد بنموذج تشغيلي جديد وأكثر استدامة وحداثة وكفاءة يخلق فرص عمل لائقة ويساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد والمقاطعة"، "وزعمت الشركة أن الإضراب، الذي أعلنته المحاكم غير قانوني، تسبب في خسائر للشركة تجاوزت 75 مليون دولار، ولم يُعلن أي من الطّرَفَيْن ( رئاسة بنما أو إدارة الشركة) شُرُوط أو ظروف عودة نشاط الشركة وعودة العُمّال المضربين إلى عملهم...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرنسا - الضّغْط يُوَلِّدُ الإنفِجار
-
خرافة الإعتراف بدُوَيْلَة فلسطينية
-
أوكرانيا -نموذج الحرب بالوكالة
-
نيبال - الجزء الثاني والأخير - فشل تجربة سُلْطة اليسار
-
متابعات – العدد الثاني والأربعون بعد المائة بتاريخ العشرين م
...
-
نيبال، خلفيات الإنتفاضة: فجوة طبقية وفساد مُتأصّل
-
انبطاح الحُكّام العرب
-
أوروبا: الهجرة بين الدّعاية الإنتخابية وواقع الأرقام والبيان
...
-
سوريا: الدّوْر الوظيفي للدّين السياسي الإرهابي
-
بإيجاز - حَدَثَ ذات 11 أيلول/سبتمبر
-
مُتابعات – العدد الواحد والأربعون بعد المائة بتاريخ الثّالث
...
-
ارتباط الفساد بالإستغلال والإضطهاد والتّجسّس – عشيرة -ماكْسْ
...
-
العربدة الصهيونية من تونس إلى الدّوْحَة
-
فرنسا: أزمة سياسية واقتصادية
-
المقاطعة كشكل من المقاومة
-
فلسطين - فجوة بين الموقف الأوروبي الرسمي والموقف الشعبي
-
قمّة منظمة شنغهاي للتّعاون
-
مُتابعات – العدد الأربعون بعد المائة بتاريخ السّادس من أيلول
...
-
إندونيسيا – احتجاجات وقَمع دَمَوِي
-
الصهيونية واليمين المتطرف في أوروبا – نموذج السُّوَيْد
المزيد.....
-
لبنان في ذكرى اغتيال حسن نصرالله.. حشود لحزب الله وبيان للرئ
...
-
ماذا نعرف عن -خطة توني بلير- لإدارة غزة بعد الحرب؟ - في الإن
...
-
رصد مسيّرات مجهولة المصدر فوق إحدى أكبر المنشآت العسكرية في
...
-
في مثل هذا اليوم.. اغتالت إسرائيل أمين عام حزب الله حسن نصرا
...
-
مذكرة توقيف غيابية بحق بشار الأسد يصدرها قاضٍ سوري
-
مولدافيا: هيئة الانتخابات تقصي حزبا مواليا لروسيا من المشارك
...
-
شاهد.. اشتباكات وتضارب بين لاعبي فريقي القادسية والكويت في ا
...
-
بعد ساعات طويلة من العمل.. لِمَ وضع المصمم روبرت وون لمساته
...
-
رفع حظر جزئي عن روسيا وبيلاروسيا في الأولمبياد البارالمبية
-
اللجنة البارالمبية الدولية ترفع الحظر الجزئي عن الرياضيين ال
...
المزيد.....
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
التاريخ يكتبنا بسبابته
/ د. خالد زغريت
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|