أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - علاء الريماوي ونزار بنات: حين يلتقي الألم بالألم، وتتكلم الكرامة!














المزيد.....

علاء الريماوي ونزار بنات: حين يلتقي الألم بالألم، وتتكلم الكرامة!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 04:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


في بلادٍ يُغتالُ فيها الشرفُ مرتين: مرةً بالرصاصة، ومرةً بالصمت، يولد الرجال الحقيقيون على هيئة مواجهة. في هذا الخراب، وقف رجلان يشبه كلٌّ منهما الآخر، كأنّهما مرآتان: نزار بنات، وعلاء الريماوي.

نزار بنات، الذي وُلد وفي روحه قلقُ الحرية، لم يُهادن لحظة. لم تكن مشكلته مع لقاحٍ فاسد، بل مع نظامٍ فاسد من الجذر. خاصم العبودية، وعادى التنسيق الأمني الذي جاءنا من بوابة مدريد وأوسلو، ثم تحوّل إلى "تنسيق أمني مقدّس" يحرس المستوطنات ويقمع الأحرار.
نزار بنات لم يكن ظاهرةً إعلامية فقط، بل كان صرخة شعب، وآخر ما قاله لنا كان وصية:
"توحّدوا... لا تخافوا."

لكن السلطة خافت من صوته، كما يخاف الليل من شعاع، فداهمته ليلاً، وهو نائم، وسُحل حتى الموت.
الجريمة وقعت، والقاتل معروف، والدم واضح، ينزف على الأرض.

وما بين البداية والنهاية، سُجّلت مواقف لا تُنسى.
حين قطعت السلطة رواتب الأسرى، وكان علاء الريماوي أحدهم، خرج نزار بنات إلى الشارع محتجّاً، ووقف إلى جانب علاء في وقفاتٍ رفضت الإهانة، وصرخت من أجل الكرامة.
وعندما سقط نزار بنات شهيداً، لم يخذله علاء الريماوي،
بل وقف في جنازته، خطيباً وراوياً، كما يليق برجلٍ يرثي صديقه، لا بالكلمات، بل بالوقوف في وجه سلطةٍ لا تحتمل صوتاً صادقاً.

في ذلك اليوم، حين خفَتَت الأصوات، وارتجفت المواقف، وقف علاء الريماوي على منبر مسجد "وصايا الرسول" في الخليل، فتكلم كما يتكلم الصدق، وخطب كما يليق برجلٍ في حضرة شهيد.
كان يعلم أن الكلمة ستكلّفه كثيراً، ومع ذلك قالها:

"الخائف جبان، ومحمد اشتية مسؤول عن قتل نزار بنات، فهو رئيس الوزراء ووزير الداخلية، ولو لم يكن يعرف، فالمصيبة أعظم."

لم تمرّ كلماته بسلام، فقد دفعت السلطة بالأصفاد، وسُجن علاء بسبب موقفه، بسبب صدقه، لأنه لم يُبدّل، ولم يساوم.
دفع ثمن المنبر، وثمن الوفاء، وثمن أن تكون في هذا الوطن رجلاً لا يُشترى.

وليس غريباً أن يُسجن علاء الريماوي، فقد كان نزار بنات قبله قد دفع دمه ثمناً لكلماته.
كلاهما اختار أن يكون حرّاً في وطنٍ يُلاحق الأحرار،
كلاهما عادى الظلم، ووقف في وجه سلطةٍ لم تَعُد تفرّق بين عدوٍّ محتل ومواطن.
فكلّ من يصدح بالحق صار خطراً، وكلّ من يطلب الكرامة أصبح تهديداً.

علاء الريماوي، الذي طُورِد في رزقه، وأُغلقت أمامه أبواب الإعلام لأنه لم ينحنِ، وقف في عزّ الخوف وقالها: "وداعاً يا نزار."
وداعاً يا من دفعتَ حياتك ثمناً لصدقك.
وداعاً يا من بكاك الرجال بكل شرف.

لم يكن نزار بنات وحده، ولم يكن علاء الريماوي خارج السياق.
هما وجهان لحكايةٍ واحدة: حكاية بلدٍ أغرقوه بالفساد، وسرقوا منه الحلم، وجعلوا من الصدق تهمة.

أيّها القارئ، لا تبحث عن الفرق بينهما، بل قف عند هذا الشبه النادر بين صوتٍ صلب، وجسدٍ لم يركع.
فحين تكتمل الحكاية، ستعرف أن نزار بنات كان الشاهد والضحية، وأن علاء الريماوي كان الناعي والصارخ، وكان الثمن... حريته.

لكن الكلمة لا تُسجن، والدم لا يُمحى.
سلامٌ عليك يا نزار، يا ناطقاً فينا بالحق.
وسلامٌ على علاء، الذي لم يَخَف، ولم يُبدّل، وبقي واقفاً على جدار الحقيقة، رغم السجن والقهر.


[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ناجي العلي… الغربة التي أبعدت فلسطين عن ريشتها الصادقة!
- غزّة... حين يساوي التّوقيعُ وطناً!
- صبرا وشاتيلا… حين يصبح الوطن غطاءً للقتل!
- ذاكرة الدم… من صبرا وشاتيلا إلى غزة!
- غزة.. حين انقلب التاريخ من مهبط الرسالات إلى مهبط الطائرات!
- من نيبال إِلى غزّة: حين يُغلِقُ الحاكمُ أُذُنيهِ عن صرخاتِ ش ...
- غزة.. بين نار الإبادة وصمت العالم!
- النجيل الفلسطيني: صمود لا ينكسر في وجه القهر!
- غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!
- الحذاء الأمريكي… والحذاء العربي!
- خذوا العبرة… من ملوك الاستسلام وأمراء البيانات!
- التاريخ سيكتب: أنتم جميعاً خذلتم غزة!
- عشيرة عرب السّمنيّة.. حين صنع نايف الحسن صوت البطولة!
- فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية ا ...
- غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!
- من نهيق الحمير إلى بيانات الشجب والإدانة!
- غزة… الامتحان الذي أسقط العالم بالضربة القاضية!
- فاطمة البُديري… المرأة التي جعلت الأثير جبهةً للمقاومة
- نزار بنات... حين قال -لا- ونام في تراب الوطن!
- أنس الشريف ومحمد قريقع… حين يكتب الشهداء وصية الحقيقة ويفضحو ...


المزيد.....




- إعصار راغاسا يتسبب بفيضانات كارثية وقاتلة في تايوان.. شاهد م ...
- ماكرون: ضم الضفة الغربية -خط أحمر- لأمريكا ونهاية لاتفاقيات ...
- اختراق طبي غير مسبوق: علاج مرض هنتنغتون بنجاح
- وزير الخارجية اللبناني يردّ على تصريحات خامنئي بشأن حزب الله ...
- حديث عن -انفراجة قريبة-.. تفاصيل خطة ترامب لإنهاء حرب غزة
- ماكرون لإيران: لم تبق أمامكم سوى بضع ساعات لتجنب العقوبات
- بعد هجوم إيلات.. نتنياهو يتوعد الحوثيين بـ-ضربة قاسية-
- -هافن-1-.. كل ما نعرفه عن أول محطة فضاء تجارية في العالم
- مفوضية أممية تكشف عدد العائدين إلى سوريا منذ سقوط الأسد
- نتنياهو: المفاوضات مع سوريا مستمرة وفق -هذه الشروط-


المزيد.....

- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - علاء الريماوي ونزار بنات: حين يلتقي الألم بالألم، وتتكلم الكرامة!