أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - سروال المملكة المثقوب














المزيد.....

سروال المملكة المثقوب


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8475 - 2025 / 9 / 24 - 01:00
المحور: الادب والفن
    


في أرض لا تشبه أرضا، في زمن يشبه الحلم إذا استيقظ مذعورا، عاشت مملكة عظيمة تدعى الرمليّة. كانت تشع من بعيد ككوكب ناري، تتلألأ في ظلام الصحراء كأنها نجمة أبرزت لتقود القوافل.

وكانت الرمليّة تعتقد، بل تؤمن، أن لها في السماء حليفا لا يخون. حليف مجنح، يسمونه النسر الكبير، يحوم فوقها دوما، ويعدها إن هبت العاصفة، سيبسط جناحيه فوقها. فصنعت من وعوده مظلة، وارتدت من صفقاته درعا، وظنت أنها لا تقهر.

وفي يوم هادئ، اجتمع أهل البلاط، ووقف الملك في ساحة القصر، يتأمل حال جيشه المتخم بالسلاح، وثيابه المطرزة برايات النسر. لكن طفلة من العامة صاحت:
"لماذا سروال جلالتكم مثقوب من الخلف؟"

ضحك الحراس. صمت الوزراء. وحده الملك أحس بالخوف. نزل إلى مرآته، فوجد الثقب... كان هناك فعلا. ليس ثقبا في السروال فحسب، بل في السيادة، في الكبرياء، في الوهم. هل كانت الخياطة رديئة؟ أم أن اليد التي خاطت، فعلت ذلك عمدا؟

ومنذ تلك اللحظة، لم يعد يرى الأمور كما كانت. تذكر جارته الصغيرة قطرونيا، التي سقطت ذات ليل في حفرة غامضة. قيل أن النسر كان يحوم، لكنه لم ينقذها. قيل أن الجحر فتح بإذن منه. يومها تجاهل الحكاية. الآن، لم يستطع.

خرج الملك من قصره. سار على الرمال لا يعرف أين يقوده الطريق. وهناك، في الأطراف البعيدة، التقى بالتنين، مخلوق قديم يسكن خلف الجبال، لا يتحدث كثيرا، لكنه يعرض الصفقات لا الحماية. في كهف التنين، لم يسمع كلمات مثل الديمقراطية والحرية، بل رأى خرائط وموازين وميزان حرارة جيوسياسي.

ومن هناك، نزل إلى واد أبعد، حيث يقيم الذئب النووي، مخلوق يعتكف في مخابره الباردة، لا يملك سلاحا لامعا، لكنه يعرف كيف يزرع الرعب في العيون.

بدأ الملك يتعلم. لا أحد يحمي أحدا. لا أحد يعطي شيئا مجانا. كل علاقة هي اتفاق. كل تحالف هو طقس خفي. كانت الحماية الممنوحة من النسر، رداء شفافا من حرير، لا يمنع الريح ولا يستر الجسد. كان عريا بألوان براقة.

عاد إلى قصره. لم يخبر أحدا بما رأى. لكنه بدأ بخياطة سرواله بنفسه. لا بأقمشة مستوردة، بل بيديه. صار يفهم أن السؤال ليس: من معنا؟ بل: من لا يستطيع أن يخلعنا حين يشاء؟

وفي المساء، وقف على شرفة القصر، ينظر إلى الافق. رأى هناك بلدة صغيرة تدعى كرمة بن سالم، في مملكة المغرب، حيث كان الشيوخ يروون قصص الطلامس، ويعلمون أبناءهم ان الريح التي عرت غيرك، ستصل إليك.

في كرمة بن سالم، لم يكن هناك جيش عظيم، ولا تحالفات دولية، لكنهم فهموا الطقوس. كانوا يراقبون، بصمت، كيف تدور الدوائر، وكيف تسقط الممالك التي ظنت أن مظلاتها لا تتمزق.

همس الملك لنفسه:
"العري الحقيقي... أن تظن أنك محمي، بينما كل ما يسترك هو السراب."

وبقيت الرمليّة عارية، لا لفضيحة، بل كتحذير. وبقيت كرمة بن سالم تكتب الطلامس في الليل، بمداد الحذر والحكمة، تنتظر دورها... لأنه في هذه الأرض، الحزام يدور، ولا أحد ينجو إن غفل.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غبار على وجوه الأطفال... وبريق على سيارات الجماعة
- في بني مرعاز... حيث استيقظ المركز الصحي من غفوته الطويلة
- ظل الولي ونور الزائر (من أدب الرحلة الروحية)
- -نداء من قلب مكسور-
- -يسرى... زهرة وسط صخر-
- -بقرار من ميلانيا: باب الأمل في غزة-
- ثمن الشمعة
- لا ظل في الرمل لمن لا ذاكرة له
- الزاوية التي لا تنام
- همس الجبال ونور الأرواح
- -قبل أن أنسى اسمي-
- حبر الندبة في عقدة القمر (بصوت الرجوع، وتنهيدة الختام)
- حبر الندبة في عقدة القمر (بصمت البذور، وتنهيدة الحكاية الساد ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بفم مكموم، وتنهيدة الحكاية الخامسة ...
- أنين القباب في وادي الجني الأسود رواية رمزية – شاعرية – رؤيو ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بنبض الحرف الأخير، وتنهيدة الحكاية ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بحنجرة الرمل، وتنهيدة الحكاية الثا ...
- حبر الندبة في عقدة القمر(بصوت الغياب، وتنهيدة الحكاية الثاني ...
- الاستدعاء الشفهي: حين تتحول الإجراءات إلى فصول من العبث الإد ...
- حبر الندبة في عقدة القمر (بلسان العفاريت، وتنهيدة الحكاية ال ...


المزيد.....




- الطيّب صالح: سحر السرد وجرح الغياب
- مو... الفكرة والفعل كما يرويها أحمد خالد
- الشعر المنثور... إسفينٌ في جسد الشعر!
- كيف تحولت أفلام الرعب الأميركية من صرخات مفزعة إلى نقد اجتما ...
- -عزنا بطبعنا-.. أغانٍ جديدة وحفلات بمناسبة اليوم الوطني السع ...
- قاموس للصم.. مبادرة قطرية لشرح العبادات والمعاملات بلغة الإش ...
- من ساند كريك إلى غزة.. أميركا وثقافة الإبادة الجماعية
- برنامج الكوميدي جيمي كيميل يعود للبث من جديد بعد أيام من الإ ...
- هل تكون -الثامنة ثابتة-؟ فيلم -معركة تلو الأخرى- أحدث رهانات ...
- موسكو تحتفي بالملابس المحتشمة القادمة من الشرق الأوسط


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بن سالم الوكيلي - سروال المملكة المثقوب