أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - من غزة إلى قطر… سقوط خطاب الإبراهيمية














المزيد.....

من غزة إلى قطر… سقوط خطاب الإبراهيمية


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8474 - 2025 / 9 / 23 - 22:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ سنوات، طُرحت فكرة "الإبراهيمية" كإطار جامع للأديان الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية. مشروعٌ سعت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى توظيفه سياسيًا، بدعوى جعله جسرًا للسلام، وسبيلًا إلى تجاوز الصراعات التاريخية عبر التقاء تلك الأديان على قيم مشتركة. وقد استمر بدفعٍ معقول، حتى جاءت حرب غزة، ومن بعدها قصف قطر، ليختبرا هذه الفكرة اختبارًا قاسيًا، ويكشفا بالمحصلة عن خللٍ عميق في توازن النوايا والقدرات بين الأطراف المنخرطة فيه.
إن نجاح مثل هذه المشاريع من المنظور النفسي لا يتحقق بوجود مصالح سياسية معلنة وشعارات أخلاقية فحسب، بل يقوم على تقارب فعلي في البنية النفسية للأطراف: أي أن تكون لديهم استعدادات متقاربة للتعاون، وإيمان متبادل بالعدالة، وقدرة على ضبط نزعات السيطرة أو الهيمنة. إذ إن المشاريع المشتركة تنهار في العادة حين يشعر طرف بالضعف، ويوظّف آخر أدواته لإخضاع الطرف المقابل بدل مشاركته، أو حين تهتز الثقة كركن أساس من أركان الديمومة. فعندما يُترك أطفال يموتون جوعًا على سبيل المثال، أو تُقصف مستشفيات أمام أنظار العالم، وتُستهدف خيام النازحين، يصبح الخطاب عن الأخلاق والقيم المشتركة مجرد تناقض معرفي، وغطاءً لشرعنة القتل والدمار، وهو ما يضعف المصداقية ويفقد أي مشروع شرعيته النفسية قبل السياسية.
كما أن نجاح مثل هذه المشاريع الحساسة يحتاج إلى إدامة زخمٍ لا يتحقق بمجرد وجود أهداف معلنة، وإنما من خلال طبيعة العلاقات داخل المشروع، والتي يجب أن تقوم على تكافؤ نسبي في القدرات والنيات، بما يكفي للمحافظة على التوازن النفسي بين الأطراف، حكامًا وشعوبًا. فبغياب هذا التوازن، يتحول المشروع إلى علاقة تبعية تُخلّف على المدى الطويل إحباطًا وعجزًا، وفي الحالات الشديدة تولّد مقاومة نفسية لا واعية من الطرف الأضعف.
وعليه يمكن الاستنتاج أن "الإبراهيمية" بصيغتها الراهنة تبدو أقرب إلى مشروع شكلي يوظَّف سياسيًا لتكريس موازين قوى ذات نفاذ أحادي في المنطقة، لا إلى إطار إنساني حقيقي. ولكي تستعيد معناها الأخلاقي والنفسي، لا بد أن تُعاد صياغتها كالتزام عملي بالعدالة، تُقاس صدقيته بقدرته على منع الحروب والاستغلال ووقف الجرائم وأعمال الإبادة العنصرية.
وأي مشروع جامع لا ينجح إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط نفسية أساسية:
تقارب القدرات بحيث لا يكون طرف عاجزًا والآخر متسلطًا.
توازن النوايا بحيث يسعى الجميع إلى العدالة لا إلى الاستغلال.
ذاكرة جماعية صادقة تتعامل بشجاعة مع الماضي بدل إنكاره أو توظيفه سياسيًا.
وإلى أن تتوفر هذه الشروط في منطقتنا المضطربة، ستظل شعارات ومساعي "الإبراهيمية" وحدها عاجزة عن حماية الأرواح أو إيقاف نزيف الدم، وستبقى مشاعر العدوان طافية على أسطح الوعي الجمعي لأجيال متعاقبة.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يضحك الوزير
- سجن يبيع الحياة
- في بريد الوزير
- عروس التاسعة
- الانتخابات العراقية: حين تتحول صناديق الاقتراع إلى أداة مقاو ...
- عندما يرفع القبو
- من الأديرة إلى المصانع… حكاية شراب مثير للجدل
- من أطلال الحرب إلى أيقونة السياحة… حكاية قلعة بامبرة
- بين إنجلترا واسكتلندا: قرية تزهر بالحب والهروب
- مدينتان على ضفتي التاريخ: ليدز ويورك
- رحلة في أزقة الزمن وذاكرة الحجر
- حين تنطق لندن....
- حين يصاب الوطن بالتبلد
- تداعي الدولة العراقية: حين تنهار البُنى من داخلها
- مسرح الحريق: العراق بين لهب المأساة وقيد البندقية
- حين يسير العراق إلى حتفه: مرآة النفس الجمعيّة المعطوبة
- ڤرّنا... حيث تتكلّم الغابة بلغة الهدوء
- في حضرة التاريخ: بين أوربرو وبابل
- بطء بطعم الشرق
- على طريق الحسين


المزيد.....




- ملك الأردن: خطاب إسرائيل حول الأقصى سيُشعل حربًا دينية تتجاو ...
- الأردن: تهم جنائية جديدة بغسل أموال لنائب في حزب جبهة العمل ...
- نازحو غزة: الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يغيّر واقع الجوع و ...
- من أجل ربط المقاومات الاجتماعية بمناهضة التطبيع والاستبداد
- دولـة فـلـسـطـيـن: أتيحت الفرص فهل تحضر المسؤوليات؟
- إسرائيل تغلق معبر الكرامة بين الضفة الغربية والأردن حتى إشعا ...
- حماس ترفض اتهامات ترامب وتشيد بمخرجات مؤتمر حل الدولتين
- خامنئي: لسنا بحاجة لصنع أسلحة نووية.. ودفعنا ثمنًا باهظًا لت ...
- هل اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية قرار يملكه ماكرون وحده؟ -مقال ...
- منعوه من عبور الشارع بسبب موكب ترامب.. ماكرون يردّ باتصال مب ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - من غزة إلى قطر… سقوط خطاب الإبراهيمية