أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد العبيدي - حين يضحك الوزير














المزيد.....

حين يضحك الوزير


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 16:15
المحور: الادب والفن
    


في ليلة العاشر من نيسان 2003، يتقلّب العميد المتقاعد عبد الخالق على سريره في غرفة غارقة بالعتمة. يحدّق في الظلام طويلًا ثم يهمس لزوجته:
-لقد سقطوا… وفتحت الأبواب.
لا يغمض له جفن طوال ليل جاف. صوت القاضي يتردد في رأسه وهو ينطق حكم الإعدام. يتذكر كيف نجا بطلب الرحمة من الرئيس، وكيف عاش مذّاك بقلب مثقوب بالخذلان، يتأرجح بين احتجاج مكتوم ورغبة شرهة في النجاة.
مع الفجر، يرتدي بدلته الرمادية وربطة العنق. يقود سيارته البرازيلي العتيقة بين شوارع بغداد المضطربة حتى يصل مقرّ حركة سياسية معارضة فتحت لها مقرًا في بناية عسكرية تركها منتسبوها في زيونة. يرفع صوته عند الباب:
-حيّاكم الله أيها المحررون الأبطال.
يدخل على العميد مجيد أمين سرها يأخذه بالأحضان، يعلو صوته ثانية:
-حُكمتُ بالإعدام… أود العودة معكم جنديًا في خدمة الديمقراطية.
يبتسم مجيد:
-جئنا لنبني عراقًا جديدًا. أولى خطواتنا توسيع التنظيم في القوات المسلحة وكسب الجماهير.
يرد بثقة:
-دع الأمر لي، تعرف سعة علاقاتي بالضباط.
منذ تلك اللحظة يبدأ السباق. يعود كل مساء ومعه ضباط جدد، حتى يبرز نجمه عضوًا في المكتب السياسي. لكن الطموح أبعد من ذلك بكثير.
بعد أيام، يرن هاتف الثريا: أمريكي يطلب أسماء للجيش الجديد. يقترب عبد الخالق من مجيد هامسًا:
- دعني أترشح… إنها فرصتنا.، لتأسيس تنظيمنا في الجيش.
في القصر الجمهوري، يقف أمام لجنة يرأسها أمريكي، وعضو فيها ضابط عراقي عائد من المنفى:
- ألم تكن سكرتير الوزير الأسبق وكاتم أسراره؟
يرد متماسكًا:
- لكنني سجنت لانتقادي غزو الكويت.
يتدخل الأمريكي وهو يقلب أوراقه:
- سجنت لأمر آخر، لكن هذا لا يهم. المهم أنك تعرف الطاعة.
هكذا يُعاد كتابة حياته في جملة واحدة: يعرف الطاعة. لا تمضي أشهر حتى يتقلد رتبة فريق ومنصب صار فيه أحد قائدة الجيش الجديد، وهكذا تمر السنوات. يقترب منه المستشار الأمريكي، يهمس:
-الانتخابات انتهت، حكومة ستتشكل، ومنصب الوزير قريب…عليك بظهير تتكئ عليه، ومموّل يدفع الثمن.
تجري المزادات سرًا، حتى تدفع شركة لقريبه، صاحبة عقود متعثرة سبعة ملايين دولار ثمناً للمنصب. يصير وزيرًا، يتلاعب بالعقود والأرقام، يفرش السجادة الحمراء لكبار النافذين يتقاسم الموارد معهم، يخوض الانتخابات لا يحصد حتى أصوات حمايته. يعود مستشارًا محميًا بأجنحة أولئك النافذين، تفوح رائحة العقود، يترك الجمل يأخذ أحماله الثقيلة إلى أمريكا.
وفي صباح غائم، يتناقل الناس الخبر: اختفى الوزير السابق. بعضهم يقول هرب بالأموال، وآخرون يظنونه عميلاً منذ البداية. أما هو، فبعيدًا خلف البحار… يضحك منتشيًا، وكأن شيئًا لم يكن.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سجن يبيع الحياة
- في بريد الوزير
- عروس التاسعة
- الانتخابات العراقية: حين تتحول صناديق الاقتراع إلى أداة مقاو ...
- عندما يرفع القبو
- من الأديرة إلى المصانع… حكاية شراب مثير للجدل
- من أطلال الحرب إلى أيقونة السياحة… حكاية قلعة بامبرة
- بين إنجلترا واسكتلندا: قرية تزهر بالحب والهروب
- مدينتان على ضفتي التاريخ: ليدز ويورك
- رحلة في أزقة الزمن وذاكرة الحجر
- حين تنطق لندن....
- حين يصاب الوطن بالتبلد
- تداعي الدولة العراقية: حين تنهار البُنى من داخلها
- مسرح الحريق: العراق بين لهب المأساة وقيد البندقية
- حين يسير العراق إلى حتفه: مرآة النفس الجمعيّة المعطوبة
- ڤرّنا... حيث تتكلّم الغابة بلغة الهدوء
- في حضرة التاريخ: بين أوربرو وبابل
- بطء بطعم الشرق
- على طريق الحسين
- علمٌ ينتظر الولادة من رحم الوطن


المزيد.....




- -لا موسيقى للإبادة الجماعية-.. أكثر من 400 فنانا يعلنون مقاط ...
- الأوبرا في ثوب جديد.. -متروبوليتان- تفتتح موسمها بعمل عن الأ ...
- الصّخب والعنف.. كيف عالج وليم فوكنر قضية الصراع الإنساني؟
- تايلور سويفت تعود لدور السينما بالتزامن مع إصدار ألبومها الج ...
- تجمع سوداني بجامعة جورجتاون قطر: الفن والثقافة في مواجهة مأس ...
- سوار ذهبي أثري يباع ويُصهر في ورشة بالقاهرة
- جان بيير فيليو متجنياً على الكرد والعلويين والدروز
- صالة الكندي للسينما: ذاكرة دمشق وصوت جيل كامل
- وزارة الثقافة اللبنانية تنفي وجود أي أسلحة تعود لأحزاب في قل ...
- في النظرية الأدبية: جدل الجمال ونحو-لوجيا النص


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد العبيدي - حين يضحك الوزير