أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - حين يصاب الوطن بالتبلد














المزيد.....

حين يصاب الوطن بالتبلد


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 00:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في العراق، نختلف عن غيرنا في التعامل مع الخطأ؛ إذ إن أخطاءنا لا تُرتكب وتُصلَح، بل تتحوّل إلى أعراف مستديمة تحكم السلوك العام وتُطبع في ذهنية الدولة والمجتمع. تحدث الكارثة، تمرّ الفضيحة، يُدان السياسي أو البرلماني، وربما يُحكم عليه، ثم يُعفى، ويُترك الباب مشرعًا أمامه ليعود مرشحًا في الانتخابات، التي يكسبها بقوة المال المسروق، والنفوذ الطائفي، والجاه السياسي. لا لأن الناس تنسى، بل لأن الوجدان الجمعي ذاته يبدو وكأنه قد أُصيب بما يشبه الخَدَر العاطفي أو التبلّد الانفعالي.
حالة اضطراب نفسي يمتد اثرها من المجتمع إلى مفاصل الدولة نفسها. فالمسؤول يرى الصورة معتمة، تتصاعد فيها التهديدات الأمنية، لكنه يستعين بغير المؤهلين، وكأنه لا يدرك خطورة ما يراه. ويرى التعليم ينهار، عندما تُخرّج الجامعات أجيالًا من الأميين يطالبون بوظائف دون كفاءة، فيزيدون العبء على اقتصادٍ يتآكل من الداخل. ويرى المؤسسات العسكرية تقبل في صفوفها من لا يُجيد القراءة، رغم علمها أن حروب العصر والتحديات القادمة ترتكز على المعرفة والتكنولوجيا. وفي ملفّي الماء والكهرباء، هناك من يرى ويُحذّر، لكن الدولة تقف عاجزة، وكأنها لا تسمع.
إنها حالة من الخدر المؤسسي، نوع من اللامبالاة يقترب من حدود الإنكار، أو ما يمكن تسميته بـ التبلّد الانفعالي المزمن، حيث تتجمّد المشاعر وتتوقف ردود الأفعال، ويصبح التدهور أمرًا اعتياديًا. حالة تقود إلى سؤال مصيري: إلى أين يمضي وطنٌ يعيش في سبات الخدر؟
وتقود إلى استنتاج قوامه: إذا استمرت هذه الحالة، فإن القادم سيكون أشدّ ظلمة. سيفقد المواطن إحساسه بالقيمة، وسيقبل الظلم كقدر، ويغدو الفساد "واقعًا" لا يُقاوَم. وستنهار الثقة تماما، وتترسّخ اللاجدوى، ويستبدل الناس أمل التغيير بعبارات يائسة مثل: "لا فائدة". وستتحوّل الدولة تدريجيًا إلى كيانٍ أجوف، غير قادر على الإصلاح، لأن قادتها المخدرون باتوا هم أنفسهم جزءًا من المشكلة.
وكلما تأخرنا في الصحو، اقتربنا من نقطة اللا عودة... حيث لا يُجدي الإصلاح، ولا تُثمر الثورات، ولا تعود الحياة لما كانت عليه.
إنه الخدر العاطفي، حين يتسلّل إلى وجدان أمة بأكملها، فيحوّلها من كيان نابض بالحياة إلى جسدٍ بارد لا يصرخ، لا يشعر، ولا يُقاوِم. وإن لم يُكسر هذا الجمود، فقد لا يبقى في الغد شيءٌ لنُنقِذه.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعي الدولة العراقية: حين تنهار البُنى من داخلها
- مسرح الحريق: العراق بين لهب المأساة وقيد البندقية
- حين يسير العراق إلى حتفه: مرآة النفس الجمعيّة المعطوبة
- ڤرّنا... حيث تتكلّم الغابة بلغة الهدوء
- في حضرة التاريخ: بين أوربرو وبابل
- بطء بطعم الشرق
- على طريق الحسين
- علمٌ ينتظر الولادة من رحم الوطن
- أربعة أيام في عمر قاضٍ
- هذا ليس دين أبي
- الشبح من انتصر
- كيف تُهيّأ النفوس لتقبّل الخسارة؟: قراءة نفسية في سيناريو ال ...
- التفاهة: حين تُغلق أبواب المعنى في وجه بلد بأكمله
- تشوه صورة الدولة في وعي مواطنيها
- لماذا لم يتجاوز العراقيون أحزانهم
- الخرافة: ظل الخوف في العقل العراقي
- إعادة كتابة الذات العراقية
- حكاية راهب ومدينة
- عندما يتحول القائد الى قدوة قسرية
- شرطي الأمن الداخلي: زقيب الوعي الذاتي


المزيد.....




- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...
- عاجل | وول ستريت جورنال عن مسؤولين: واشنطن تلقت خلال الصراع ...
- عاجل | حماس: نؤكد مجددا أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني ما ...
- الهند والصين تُعيدان فتح الحدود للسياح بعد قطيعة طويلة
- حتى الحبس له فاتورة.. فرنسا تدرس إلزام السجناء بدفع تكاليف ا ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - حين يصاب الوطن بالتبلد