أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - كيف تُهيّأ النفوس لتقبّل الخسارة؟: قراءة نفسية في سيناريو الصراع الإيراني الإسرائيلي














المزيد.....

كيف تُهيّأ النفوس لتقبّل الخسارة؟: قراءة نفسية في سيناريو الصراع الإيراني الإسرائيلي


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 00:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عالم تزداد فيه الضبابية وتضيع الحقيقة بين ما يُقال عنها وما يُراد فهمه، يتكرّس مشهد من القلق الجماعي حول الصراع الإيراني الإسرائيلي، لطريقة إخراجه المنظّمة. فالسردية الدولية المقدّمة تحكمها معادلة "لا غالب ولا مغلوب"، حيث يبدو الطرفان منتصرين وخاسرين في الوقت ذاته. إنها معادلة مقصودة، صُممت كأداة من أدوات الحرب النفسية، لإعادة تشكيل الإدراك العام، خصوصًا في بيئتنا العربية الإسلامية المعرّضة للاهتزاز.
في هذا السياق، لا تأتي الحيرة النفسية (Ambivalence) صدفة، بل تُدار بعناية عبر تقنيات معلوماتية لتوليد تناقض داخلي في المشاعر، يقود إلى ارتباك في الفهم، وضعف في التمييز، وعجز عن اتخاذ موقف حاسم. ومع الوقت تتحوّل الجماهير إلى متلقٍ مرهق، يتكيّف مع القسوة والخسارة، بفعل التبلّد والانفصال العاطفي.
لقد أدارت القوى الكبرى هذا المشهد إعلاميًا بحيث باتت شعوب المنطقة تتأرجح بين خوفٍ من حرب شاملة تهدد الاستقرار، وخشية لا واعية من غياب الحسم في توترٍ طويل الأمد. هذه المراوحة أنتجت ما يشبه الذهان الجماعي حسب المفهوم الفرويدي، حيث تآكلت المناعة النفسية وازداد استعداد المجتمعات لتبرير العنف أو التكيّف معه. في هذا الاطار لم يعد الإعلام مجرد ناقل للأحداث، وإنما أداة لصناعة ما يجب أن يُرى. فتُصوَّر إسرائيل كضحية مهددة، وتُقدَّيم إيران كخطر داهم، وإعادة تشكيل الخيال الجمعي على أساس الخوف والمبالغة، وإغراقه في مشاهد الرعب، أضعف قدرته على الرفض. إذ وكلما طال أمد الحيرة، ازداد تقبّل الجماهير لإجراءات كانت تُعد سابقًا جرائم: من تهجير وتجويع وقتل، إلى عقوبات جماعية وضربات خارج القانون. ومع التكرار، أصبح العنف مألوفًا، والقسوة مجرد خبر عابر، وفقدت غالب المجتمعات القدرة على التمييز بين المعتدي والضحية.
هذا النمط المعقّد من الحيرة لا يُواجَه إلا بفهم أبعاده، والغوص في طبقات تعقيده، ثم التشبث بأدوات الوعي النقدي، التي تعيد للإنسان العربي المسلم بصيرته المفقودة، وتمنحه القدرة على التمييز بين العدل المقنّع والزيف المتأنّق، بين ما يُقال جهارًا وما يُراد غرسه خفية في عمق الوعي كأنه قدر لا مهرب منه.
ولا سبيل لاختراق هذا الضباب الكثيف، أو النجاة من الطوفان الرمادي الذي يُغرق العقول والقلوب، إلا بإدراك فداحة الجهل الذي يُطبِق على الواقع، والانخراط في عمل معرفي شاق، يُوقظ الذاكرة ويعيد بناء المعنى، خطوة بخطوة، في كل مجال من مجالات الحياة.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفاهة: حين تُغلق أبواب المعنى في وجه بلد بأكمله
- تشوه صورة الدولة في وعي مواطنيها
- لماذا لم يتجاوز العراقيون أحزانهم
- الخرافة: ظل الخوف في العقل العراقي
- إعادة كتابة الذات العراقية
- حكاية راهب ومدينة
- عندما يتحول القائد الى قدوة قسرية
- شرطي الأمن الداخلي: زقيب الوعي الذاتي
- عراق يسكنه الحزن
- جمهورية التغاضي: كيف نسي العراقيون أن ينتبهوا؟
- الفسدنة: رحلة نفسية في خزين الوعي العراقي (4 - 12)
- الكَبْرَنّة: رحلة نفسية في خزين الوعي الوعي العراقي (3 - 12)
- الغلونة: رحلة نفسية في خزين الوعي العراقي (2- 12)
- ظواهر العفن الاجتماعي: رحلة نفسية في خزين الوعي السلبي
- الاعتراف بالخطأ فضيلة
- سيكولوجيا النجاة من الغرق
- سيكولوجية إزدراء الوظيفة في البلاد
- في معنى الخيانة
- 14 تموز في الذاكرة الجمعية
- الدولة المدنية


المزيد.....




- ترامب يتوعد روسيا بعواقب وخيمة إذا لم يوافق بوتين على إنهاء ...
- محمد صلاح أو -الملك المصري-: كيف تحول صبي صغير إلى -رمز وطني ...
- دعما لغزة.. مناوشات وقنابل الغاز في فولوس خلال احتجاجات على ...
- حرائق غابات مستعرة في اليونان وسط انتشار سريع للنيران بسبب ا ...
- وفاة بشلل الأطفال في غزة تعيد القلق إلى سكان القطاع بعد عام ...
- بارقة أمل للعائلات المكتظة بالخيام.. شاحنة مياه تصل غزة وسط ...
- جوزاف عون يبلغ لاريجاني رفض لبنان أي تدخل خارجي في شؤونه
- على غرار -هند رجب-.. ناشطون يدعون المحامين العرب لملاحقة إسر ...
- بدرية طلبة تنفي اتهامات القتل وتجارة الأعضاء وتؤكد نيتها الل ...
- ضمن مجموعة -النساء الملهمات-.. دمية باربي جديدة لفينوس وليام ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - كيف تُهيّأ النفوس لتقبّل الخسارة؟: قراءة نفسية في سيناريو الصراع الإيراني الإسرائيلي