أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد العبيدي - الشبح من انتصر














المزيد.....

الشبح من انتصر


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 21:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذات مساء، ونحن نحدّق في الشاشات نعدّ "الردود المرتقبة"، و"الضربات المؤجلة"، وبعض التمنيات في حرب نشبت بين إيران المسلمة وإسرائيل العدوة الكافرة، اكتشفنا أننا لا نعرف من انتصر فيها. فعناوين كلا الطرفين تقول: "انتصرنا"، والفضائيات تنفخ في أبواق الانتصار، أما نحن، الشعوب الغلبانة، فقد عرفنا – بخيبتنا الراسخة – أن المنتصر الوحيد لم يكن دولة، ولا قائدًا، ولا فكرًا... بل طائرة. لكنها ليست أي طائرة… إنها "بي-2" الشبح، تلك التي لا يراها أحد، ولا يسمعها أحد، ولا يقوى على اعتراضها أحد.
طارت لما يقارب اليومين، حلّقت فوق المدن مثل مَلك الموت، لم تطرق الأبواب، ولم تستأذن رادار التاجي. قذفت حمولتها اللئيمة قنابل ذكية لا نعرف كيف تعمل، ثم اختفت... كأنها لم تكن.
في صباح اليوم التالي، عدنا نحدق، وعاد المحللون يتجادلون:
من الذي انتصر؟
وكالعادة، انقسموا تبعًا لأهوائهم ومذاهبهم، دون أن يقتربوا من المنتصر الحقيقي في معركة الرواية. وكالعادة، لم يسأل أحد:
من الذي بنى طائرة لا تُرى؟
من الذي فكّر قبل عقود أن السماء ليست للعبادة، بل للهيمنة؟
من الذي درّب علماءه على كتابة الترميز أكثر من كتابة المباركة بيوم الجمعة؟
من الذي صمّم خوذة الطيّار بتقنية الواقع المعزّز، وأبقانا نبحث عن أصول التشطيف، وحكم المفاخذة، وموقع القِبلة في خندقٍ محاصر؟
ركضوا هم باتجاه الأمام، لم يكونوا محمّلين بأعباء الماضي وأحكام التقليد. وعدنا الى الخلف ركضًا لنتدرّب على التطبير، وكيفية التشطيف، وعلى تكرار القول: "هزمناهم نفسيًا".
في ركضتنا، تمسّكنا بتاريخنا الطويل... حتى خنقنا المستقبل.
رددّنا قصص الفتوحات، بينما كانت طائرة الشبح تقرأ تضاريسنا ثلاثية الأبعاد، وتضحك.
لم نرَها، طبعًا. لكننا رأينا آثارها: مبانٍ سُوّيت بالأرض، ومفاعلات تهدمت، ومراكز قيادة تحوّلت إلى رماد رقمي. وما زلنا محتارين، منقسمين: هل انتصرت إسرائيل؟ ولخشيتنا البوح بالحقيقة نقول ربما.
وهل خسرت إيران؟ كذلك نخشى البوح ونعيد القول ربما.
لكن المؤكد، في خضم حيرتنا وانقسامنا، أننا من خسر الوقت ونحن نطارد انتصارات مجازية، ونهتف تحت قباب مهدّمة، ونكتب على الجدران "الموت لأمريكا"، بينما ننتظر تأشيرة الهجرة إليها بفارغ الصبر. وخسرنا الحقيقة في ان الطائرة "B-2"، التي انتصرت، لم تنتصر لأنها الأكبر، بل لأنها الأحدث، والأذكى. وخسرنا أهم مبادئ الحرب الحديثة في أن الذكاء في خضمها صار أقوى من العقيدة، وأدق من خطب الجمعة، وأسرع من أي دعاء. وختامًا، فالنصيحة لكل من يبحث عن المنتصر: أن لا يبحث عنه في الشعارات، ولا في الطقوس الدينية، ولا عند أهل السياسة.
يبحث في الطائرة الشبح، تلك التي لا تتكلّم، لا تتباهى، لا تخطب… تطير لتجبر الخصم على اتخاذ القرار الصعب، ثم تعود، لتثبت أن هذا زمن التكنولوجيا، وان من لا يطير فيه… يُضرب على قفاه.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تُهيّأ النفوس لتقبّل الخسارة؟: قراءة نفسية في سيناريو ال ...
- التفاهة: حين تُغلق أبواب المعنى في وجه بلد بأكمله
- تشوه صورة الدولة في وعي مواطنيها
- لماذا لم يتجاوز العراقيون أحزانهم
- الخرافة: ظل الخوف في العقل العراقي
- إعادة كتابة الذات العراقية
- حكاية راهب ومدينة
- عندما يتحول القائد الى قدوة قسرية
- شرطي الأمن الداخلي: زقيب الوعي الذاتي
- عراق يسكنه الحزن
- جمهورية التغاضي: كيف نسي العراقيون أن ينتبهوا؟
- الفسدنة: رحلة نفسية في خزين الوعي العراقي (4 - 12)
- الكَبْرَنّة: رحلة نفسية في خزين الوعي الوعي العراقي (3 - 12)
- الغلونة: رحلة نفسية في خزين الوعي العراقي (2- 12)
- ظواهر العفن الاجتماعي: رحلة نفسية في خزين الوعي السلبي
- الاعتراف بالخطأ فضيلة
- سيكولوجيا النجاة من الغرق
- سيكولوجية إزدراء الوظيفة في البلاد
- في معنى الخيانة
- 14 تموز في الذاكرة الجمعية


المزيد.....




- واشنطن تقبل تفسير نتنياهو أن قصف الكنيسة في غزة حدث بالخطأ
- تغيير مسمى مكتب الشؤون الفلسطينية إلى التواصل مع الجمهور.. ...
- إدانات دولية لاستهداف إسرائيل كنيسة العائلة المقدسة والفاتيك ...
- جمعية الشبان المسيحيين في القدس.. تاريخ طويل من الخدمة والدع ...
- لوموند | اعتقال -عشرات- من -اليهود- في إسرائيل بشبهة التجسس ...
- وزراء خارجية 11 دولة عربية وإسلامية يؤكدون دعمهم لسيادة سوري ...
- -حلف الدم-.. كيف توظف إسرائيل الطائفة الدرزية في صراعها مع س ...
- استهداف إسرائيلي مدروس للكنائس في غزة يهدف لتهجير المسيحيين ...
- مسؤولون: الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة تعرضت لقصف مباشر ...
- إسرائيل -تأسف بشدة- على إصابة الكنيسة في قطاع غزة


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد العبيدي - الشبح من انتصر