أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد العبيدي - سجن يبيع الحياة














المزيد.....

سجن يبيع الحياة


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 00:12
المحور: الادب والفن
    


لاحظت أم سلمان، السجّانة الأقدم في سجن النساء، أن جسد وسن الغض يتلوّى بخفة، وأن ملامحها تحمل جمالًا لا تخطئه العين. اقتربت منها هامسة:
– منحك الله جسدًا وموهبة… ما رأيك أن تصقليها بالرقص؟ قد يخفف عنك ثِقل الأيام هنا، وربما يفتح لك باب رزق لا يخطر في البال.
حدّقت فيها بدهشة، وهي لم تكمل شهرها الأول من حكم المؤبد:
– وكيف أرقص وأنا بين أربعة جدران؟
ابتسمت أم سلمان قائلة:
– ما عليكِ إلا أن تقبلي… والباقي دعيه على الله وعليّ.
في الليلة التالية، سارت وسن خلفها إلى غرفة معزولة داخل السجن الكبير. هناك، كانت تنتظرها سجينة أربعينية خبيرة بفن الرقص، وجهاز تسجيل قديم، وبعض الأدوات. بدأت الدروس ليلًا، ولم تمضِ ثلاثة أسابيع حتى صارت تؤدي الحركات كراقصة شرقية محترفة. في آخر درس، هنأتها المعلمة، وتنبأت لها بمستقبل باهر. ضحكت باستهزاء:
– وهل يزهر المستقبل خلف القضبان؟
ردت أم سلمان التي صارت تلازمها:
– في هذه الأيام، كل شيء ممكن… إذا عرفتِ كيف تكتمين السر.
لم يطل الوقت حتى جاء العرض: الرقص في ملهى خاص بمنطقة الكرادة، ساعتين ليلًا، بأجر مقطوع مائة دولار.
لم تتردّد؛ رأت فيه فرصة لإنقاذ شقيقاتها من التشرد بعد أن ورثت عن أبيها تجارة الحبوب المهلوسة، قبل أن تطيح بها الشرطة متلبسة.
كانت ليلتها الأولى خارج الجدران أشبه بخروج من قبر: موسيقى صاخبة، أضواء ملونة، ورائحة الحرية ممزوجة بالدخان. أعجبتها التجربة، واستمرت لعام كامل دون عثرات. صار لها جمهور يطالب بمدّ وصلتها، وصار لها عشيق نافذ، ابن زعيم ميليشيا يحمي الملهى ويدير بيوت الدعارة.
أرادها لنفسه، حرّة عنده وحده ليلًا وفي النهار.
طلبت أم سلمان ثمنًا غاليًا: عشرة دفاتر، وضوءًا أخضر من أمن السجن. أما التفاصيل فتتكفّل بها: شابة مختلة عقليًا ستحلّ محلها لأيام، حتى يُعلن رسميًا عن وفاتها، منتحرةً بحريق قيل إنها أشعلته بنفسها.
بعد يومين فقط من بدء الاتفاق، أمست وسن ترقص أمام عشيقها في بيته الفاخر على شاطئ دجلة؛ الثريّات المذهبة تنثر الأضواء على جسدها، والموسيقى تصدح عالية. جلس هو يصفّق وحده، منتشيًا بامتلاكها، فيما شاشة تلفاز ضخمة إلى جواره تبث نشرة منتصف الليل، تتصدرها صور وسن وخبرها الأول: وفاة نزيلة في سجن النساء انتحارًا… تدعى وسن.
ابتسمت ساخرة وهي تستدير بحركة أنثوية؛ أدركت أنها ترقص لرجل واحد يراها حيّة… بينما العالم ينعى موتها. اقترب منها منتشيًا وهو يشير إلى الشاشة باستخفاف:
- دعيهم يكتبون ما يشاؤون… هنا أنتِ لي وحدي، حيّة كما أشتهي.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في بريد الوزير
- عروس التاسعة
- الانتخابات العراقية: حين تتحول صناديق الاقتراع إلى أداة مقاو ...
- عندما يرفع القبو
- من الأديرة إلى المصانع… حكاية شراب مثير للجدل
- من أطلال الحرب إلى أيقونة السياحة… حكاية قلعة بامبرة
- بين إنجلترا واسكتلندا: قرية تزهر بالحب والهروب
- مدينتان على ضفتي التاريخ: ليدز ويورك
- رحلة في أزقة الزمن وذاكرة الحجر
- حين تنطق لندن....
- حين يصاب الوطن بالتبلد
- تداعي الدولة العراقية: حين تنهار البُنى من داخلها
- مسرح الحريق: العراق بين لهب المأساة وقيد البندقية
- حين يسير العراق إلى حتفه: مرآة النفس الجمعيّة المعطوبة
- ڤرّنا... حيث تتكلّم الغابة بلغة الهدوء
- في حضرة التاريخ: بين أوربرو وبابل
- بطء بطعم الشرق
- على طريق الحسين
- علمٌ ينتظر الولادة من رحم الوطن
- أربعة أيام في عمر قاضٍ


المزيد.....




- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...
- المغرب: الحفاظ على التراث الحرفي وتعزيز الهوية الثقافية المغ ...
- ناوروكي وماكرون يبحثان الأمن والتجارة في باريس ويؤكدان معارض ...
- بغداد السينمائي يحتفي برائدات الفن السابع وتونس ضيف الشرف
- أبرز محطات حياة الفنان الأمريكي الراحل روبرت ريدفورد
- حوار


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد العبيدي - سجن يبيع الحياة