أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - الاعتراف بالدولة الفلسطينية: مكافأة شكلية أم خدعة استراتيجية؟















المزيد.....

الاعتراف بالدولة الفلسطينية: مكافأة شكلية أم خدعة استراتيجية؟


عاطف زيد الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 8472 - 2025 / 9 / 21 - 22:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في زمن تتناسل فيه الخيبات من رحم كل قضيّة عادلة، يخرج علينا مشهد جديد يبدو للوهلة الأولى باعثًا على الأمل، لكنه سرعان ما ينقلب إلى لوحة مشوّشة إذا نظرنا إليه بعين الفهم لا بعين العاطفة.
الاعتراف المتتابع من عدد من الدول الغربية بالدولة الفلسطينية، الذي استُقبل بكثير من التصفيق في الإعلام العربي، ليس كما يبدو.
فما قد يُسوَّق كنصر سياسي للفلسطينيين، قد يكون في جوهره حلقة جديدة في مسلسل الخداع الغربي الطويل، حيث يتم تقديم الفتات للشعوب كي تسكت، بينما تستمر الأنظمة الكبرى في دعم الكيان الغاصب تحت الطاولة… بل وفوقها أحيانًا.
فلنكن واضحين منذ البداية: أي "دولة" لا تمتلك أرضًا محررة، ولا سيادة فعلية، ولا سلطة على حدودها، ولا عودة للاجئين، ولا مكانًا في القدس، ليست دولة، بل كيانًا رمزيًا لا يتجاوز الحبر على الورق.
فهل ما نشهده اليوم هو انتصار، أم مجرّد خدعة مُحكمة الصنع تم فبركتها في سراديب الدولة العميقة للغرب، لإعادة ضبط المشهد الفلسطيني بما يخدم مصالح الاحتلال أولًا وأخيرًا؟
== من يعترف اليوم... ومن سلّم بالأمس؟
في الأيام الأخيرة، سارعت دول مثل إسبانيا، أيرلندا، والنرويج، إلى إعلان "الاعتراف الرسمي" بالدولة الفلسطينية. وقد تبعها حديث عن اعتراف محتمل من دول أوروبية أخرى، بعضها أعضاء في حلف الناتو العدواني. المفارقة أن كثيرًا من هذه الدول – أو شركائها الاستراتيجيين – كانوا تاريخيًا شركاء في الجريمة الكبرى: تسليم فلسطين لعصابات الاستيطان الصهيوني، وتحويل الكارثة إلى أمر واقع.
بريطانيا، على سبيل المثال، التي لا تزال حتى اليوم ترفض الاعتذار عن وعد بلفور، تقف بصلابة إلى جانب الاحتلال سياسيًا وعسكريًا.
فهل يُعقل أن يأتي اليوم الذي يُفكّر فيه الغرب جديًا بإعادة الحقوق لأصحابها؟ أم أن وراء هذا الاعتراف حسابات أخرى؟
أحد التفسيرات المحتملة هو أن الغرب يسعى إلى تحسين صورته المتدهورة في الشارع العربي والإسلامي، خصوصًا بعد ما شهده العالم من مشاهد الإبادة في غزة.
الاعتراف لا يُكلّفهم شيئًا فعليًا، لكنه يمنحهم ورقة دعائية قد تُستخدم عند الحاجة لتبرير سياساتهم أو تهدئة الغضب الشعبي.
== دولة بلا ملامح… الاعتراف الناقص
لننظر في طبيعة هذا "الاعتراف".
ما هي حدود الدولة الفلسطينية التي تم الاعتراف بها؟
هل تشمل القدس الشرقية؟
هل تعني نهاية الاحتلال؟
هل تعني عودة اللاجئين؟
هل تتضمن تفكيك المستوطنات؟
الإجابة في معظم الحالات: لا شيء من ذلك.
هذه الاعترافات لا تُلزم الاحتلال بشيء، ولا تغير شيئًا على الأرض.
هي ببساطة إعلان نوايا، أو تصريح رمزي، لا تتبعه إجراءات حقيقية لتغيير موازين القوى.
إنها دولة معلّقة في الهواء، تُمنح للفلسطينيين كنوع من المواساة المعنوية، في حين يواصل الاحتلال سياساته التوسعية والعدوانية دون رادع.
بل إن الاعتراف بهذه الدولة – وفق الشروط الغربية – قد يكون تمهيدًا لخطة أخطر: فرض تسوية نهائية تُنهي القضية برمّتها تحت عنوان "حل الدولتين"، بينما يتم إزاحة القضايا الأساسية (القدس، اللاجئين، السيادة، المقاومة) من طاولة المفاوضات نهائيًا.
بمعنى آخر: الاعتراف قد يكون الخطوة الأولى نحو دولة فلسطينية "وظيفية" بلا سيادة، بلا سلاح، بلا مقاومة، وبشروط أمنية إسرائيلية.
فهل هذه هي الدولة التي حلم بها الشهداء والأسرى والمُهجّرون؟
== ازدواجية الغرب... ووجه الناتو الحقيقي
من أكثر النقاط المثيرة للسخرية في هذه الموجة من الاعترافات، أن بعضها صدر من دول عضوة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو الحلف العسكري الذي لم يتورع يومًا عن دعم الاحتلال، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
بل إن بعض الأسلحة التي استخدمتها "إسرائيل" في عدوانها على غزة، تحمل توقيع شركات أوروبية وأمريكية تصنّع وتصدّر بإشراف دول من نفس التحالفات التي "تعترف" اليوم بفلسطين.
كيف يمكن لدولة تبيع السلاح لمن يقتل الفلسطينيين، أن تزعم في الوقت نفسه أنها تدعم قيام دولتهم؟
الجواب: الخداع السياسي.
الغرب يجيد فنون الازدواجية.
هو يدعم الاحتلال أمنيًا واقتصاديًا، ثم يبيع للشعوب رواية "الاعتراف" كي يبدو أخلاقيًا وإنسانيًا.
إنها سياسة فرق تسد بنسختها الحديثة: نُعطيكم الاعتراف... وندعم عدوكم بالسلاح.
== فلسطين كورقة في لعبة النفوذ
وراء هذه الاعترافات المتتابعة، هناك مصالح أعمق من مجرد "التعاطف".
أوروبا، التي بدأت تشعر بأنها تفقد وزنها السياسي في الشرق الأوسط، تحاول استعادة بعض التأثير عبر الملف الفلسطيني.
والولايات المتحدة، التي تواجه تحديات داخلية وخارجية، لا تمانع في استخدام "الاعتراف بفلسطين" كورقة ضغط في صراعاتها مع روسيا، الصين، أو حتى إيران.
فلسطين، التي يجب أن تكون قضية سياسية وإنسانية وحقوقية بامتياز، تتحوّل مرة أخرى إلى ورقة مساومة بين الكبار.
وكلما اشتدت التنافسات الدولية، ازدادت الحاجة لتجميل الواجهة السياسية عبر "مواقف إنسانية".
ومن هنا، يصبح الاعتراف بدولة بلا ملامح مجرّد واجهة استراتيجية، لا علاقة لها بالعدالة أو الإنصاف.
== الاعتراف لا يصنع دولة... من يصنعها هم أصحاب الأرض
في النهاية، لا يصنع الدولة بيان سياسي، ولا توقيع دبلوماسي، ولا مؤتمر صحفي.
الدولة تُبنى بالسيادة، وتُحمى بالوعي، وتُفرض بالمقاومة، وتُرسّخ بالثبات.
كل ما يُقدّم اليوم من اعترافات شكلية لا يغيّر من حقيقة أن فلسطين ما تزال محتلة، وأن الشعب الفلسطيني يُحاصر ويُقتل ويُهجّر يوميًا، بلا حماية حقيقية.
الرهان الحقيقي ليس على اعترافات تأتي من عواصم بعيدة، بل على الوحدة الوطنية، وعلى الصمود الشعبي، وعلى بناء مشروع مقاوم لا يُخدع بالمظاهر.
ولعل أخطر ما في هذا المشهد أن يتحوّل الاعتراف الشكلي إلى وهم جماعي، يخيّل للناس أن النصر قد اقترب، بينما الواقع يسير في اتجاه آخر تمامًا.
فلنتيقظ، ولنعِ ما يُراد لنا أن نصدّقه.
فالتاريخ علمنا أن الغرب لا يعطي شيئًا مجانًا، وأن كل خطوة يخطوها تجاه القضية الفلسطينية، تكون غالبًا لحساب توازناته، لا لحساب العدالة.



#عاطف_زيد_الكيلاني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة الدوحة ... قمة الجبن والتطبيع: حين يتواطأ الخوف مع الخيا ...
- آن الأوان للبشرية أن تتحرر من السطوة الأميركية
- الكيان الصهيوني: دولة مارقة تهاجم الإنسانية وتحاصر الضمير ال ...
- العدوان الصهيوني على قطر: جريمة صهيونية جديدة ومسمار في نعش ...
- الصمتُ العربيّ حيال العدوان الصهيوني المستمر... جريمةٌ فوق ج ...
- السفير الأميركي الجديد في عمّان: هل هو دبلوماسي محترف أم ضاب ...
- -وزارة الحرب-... التسمية أخيرًا تطابق الفعل: فضح الوجه الحقي ...
- عبد الرحمن الراشد.. وضياع البوصلة الأخلاقية في مهاجمة حماس و ...
- العدوان الأمريكي على فنزويلا: إرهاب دولة تحت غطاء مكافحة الم ...
- إلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني شرط ضروريّ لبناء نظام عالمي ج ...
- توماس براك يفضح وجه أمريكا القبيح: وقاحة رسمية واستعلاء وقح ...
- اللواء أسامة العلي: وجه التطبيع المسموم وصدى نباح العدو الصه ...
- حزب الله ومحور المقاومة: بين فحيح التشويه وصوت الكرامة
- عندما خان حكام دمشق الجدد العروبة ... كيف سقطت سورية في حضن ...
- عبد الرحمن الراشد وتكرار نغمة الهزيمة: رد على مقال -أين اختف ...
- المناضل الأممي جورج إبراهيم عبد الله: أيقونة النضال الأممي  ...
- في الموقف من سوريا اليوم: يساريّون مع الدولة والشعب... لا مع ...
- السلطة الوطنية الفلسطينية: من مشروع تحرري إلى أداة وظيفية لخ ...
- لا لتزييف مفهوم السلام: ثلاثي الدم والإجرام ( ترمب، نتنياهو ...
- هل سيكون مصير قبرص نفس مصير فلسطين؟


المزيد.....




- أول ظهور علني يجمع ترامب وإيلون ماسك منذ خلافهما الحاد
- الحرب على غزة مباشر.. عشرات الشهداء وموجة اعترافات جديدة بدو ...
- شركات شحن كبرى تدعو إلى إصلاح اتفاقية انبعاثات وقود السفن
- اعترافات غربية بدولة فلسطين وردود إسرائيلية غاضبة
- تسارع الاعترافات الغربية بدولة فلسطين عشية مؤتمر حل الدولتين ...
- أيهما سيزيح الآخر عن المنطقة العربية.. واشنطن أم بكين؟!
- شاهد.. مكاسب برشلونة بالفوز على خيتافي
- زرّ في البيت الأبيض يتحكّم في العالم
- لماذا يريد ترامب العودة للاستيلاء على قاعدة باغرام؟ ما الذي ...
- ماذا تعرف عن قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان؟


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عاطف زيد الكيلاني - الاعتراف بالدولة الفلسطينية: مكافأة شكلية أم خدعة استراتيجية؟