أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي السباك الكاتب الذي جعل من الحلة سطرًا أول في دفتر الحكاية














المزيد.....

علي السباك الكاتب الذي جعل من الحلة سطرًا أول في دفتر الحكاية


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8467 - 2025 / 9 / 16 - 11:48
المحور: سيرة ذاتية
    


ثمة أسماء لا تأتي إلى الأدب زائرة أو عابرة، بل تولد منه وفيه، وتشق لنفسها طريقًا من الحبر والوجع، من الطين والمجاز، ومن هؤلاء يقف القاص والشاعر علي السباك شاهقًا بقامته السردية، ممتدًا بين الحلة وبغداد، حيث نشأ أولًا قارئًا متوهج النظرة، ثم غدا كاتبًا تتقاطع في كتاباته الحساسية الشعرية مع العمق السردي، والتوتر النفسي مع التأمل الوجودي، والفكرة مع الوجدان.
ولد علي عزيز حسن السباك في مدينة الحلة بتاريخ 13 كانون الثاني 1970، ونشأ في بيئة عراقية تتقاطع فيها الريف بالمدينة، والصمت بالعاصفة، مما طبع أعماله بنبرة داخلية تنوس بين دفء الحنين وقسوة الواقع. درس الإعلام في جامعة بغداد، ثم الفن في جامعة بابل، فكان نتاجه الأدبي مراوحًا بين الحس الصحفي، والرؤية الجمالية، والبنية الفنية المحكمة.
منذ بداياته، أدرك السباك أن الكتابة ليست ترفًا، بل خيار وجودي، فكتب القصة أولًا، ونشر مجموعته "للنساء بقية" عام 2008، والتي استوقفت النقاد عند براعة الاشتغال على ثيمة المرأة، بوصفها معادلًا موضوعيًا للهشاشة والقوة، للغياب والحضور، كما أشار إلى ذلك الناقد طالب المعموري في مقالته التحليلية حول المجموعة، معتبرًا أن السباك لا يكتب عن المرأة، بل ينطق من داخلها.
لكن علي السباك لم يكتف بالسرد، بل واصل اشتغاله على منطقة الشعر، فكانت مجموعاته "حمى" و"من ذاكرة الوجع" و"امرأة من سكر"، محطات مهمة في تلمّس ملامح وجعه الشخصي وجراح جيله. في هذه القصائد، يتبدى القلق الوجودي، والبحث عن المعنى، والحنين إلى مدينة تتشظى على إيقاع الخراب والانتظار.
أما روايته "ذلك الجانب من الجحيم"، فقد شكلت منعطفًا نقديًّا وقرائيًّا هامًا في مسيرته. فقد وجد فيها النقاد مادة خصبة للتأويل، ولغة متينة تقود القارئ عبر تضاريس السرد نحو مناطق مظلمة من النفس والهوية. الناقد عبد الأمير خليل مراد رأى فيها مرآة للبطل المأزوم في مجتمع مضطرب، فيما رصدت الكاتبة تحرير الساير تمثلات المرأة في الرواية بوصفها كائنًا محاصرًا بالحلم والانكسار. والناقد غانم عمران المعموري حلل البنية الزمنية عبر اللغة، متتبعًا تداخل الحقب والأزمنة في الرواية.
أعمال السباك لا تُقرأ بوصفها حكايات فحسب، بل بوصفها أدلّة نفسية واجتماعية وثقافية على مجتمع ما بعد الحرب، حيث الإنسان ممزق بين ماضٍ لم يغادره، وحاضر يعيد تدوير الفقد. في روايته الجديدة "فثمة سؤال"، عاد إلى تيمات الهوية والانتماء، وتناولها بأسلوب سردي متماسك، دفع الناقد غانم المعموري ليصف الرواية بأنها بحث مؤلم عن الذات في مواجهة العدم، متوقفًا عند “شقاء الهوية” كعنوان للتجربة العراقية الحديثة.
علي السباك لم يكن مجرد قاص أو شاعر عابر في الصحف والمجلات، بل كان صانعًا لمزاجه الأدبي الخاص، عضويًّا في مؤسسات ثقافية، ومؤمنًا بدور الثقافة في إعادة تشكيل الوعي. فقد عمل مديرًا للبيت الثقافي البابلي بعد 2003، وأسهم في تنشيط الحركة الثقافية في محافظة بابل، واحتضن من خلال نادي السرد كثيرًا من الأصوات الجديدة، مؤمنًا أن الأدب، إن لم يكن مُلهِمًا، فهو عابر لا يُقيم في ذاكرة أحد.
ما يميّز السباك في جميع تجاربه، هو أنه يكتب وهو يتألم، لكنه لا يشكو. الكتابة عنده ليست استعراضًا بل محاولة لتضميد جرح قديم، لتأريخ ما لا يمكن نسيانه، وللإمساك بجمر التفاصيل قبل أن يتحول إلى رماد. وبهذا، فإن تجربته تمثل وجهًا حقيقيًا من وجوه الأدب العراقي المعاصر، الذي ينهض من بين الركام، ويكتب من قلب النكسة، ليصوغ بالأمل ما تبقى من المعنى.
وفي زمن تتناسل فيه الأسماء وتتشابه الوجوه، يبقى اسم علي السباك منحوتًا على جدار الأدب بيديه الاثنتين: يد القاص التي تصوغ المأساة، ويد الشاعر التي تبللها الدموع.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عماد الطالباني طبيب الحرف وروح الباحث
- الباحث محمد هادي رحلة في آفاق البحث والتأليف
- الشاعر إبراهيم الشيخ حسون صائغُ الحرف الشعبي ومغني الروح الح ...
- عبد الأمير خليل مراد شاعر يُمسك بجمر القصيدة ويشعل بها خيمة ...
- مهدي المعموري ضفاف الحرف ومرافئ الذاكرة
- الدكتور عدنان العوادي حكمة الأكاديمي وروح الأديب
- ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا
- حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان
- عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه
- وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة


المزيد.....




- ليلي كولينز تعود إلى أسبوع الموضة في نيويورك ونحافتها الزائد ...
- سائحتان أمريكيتان تصلان إلى تونس بالخطأ بدلًا من نيس في فرنس ...
- إسرائيل تبدأ توغلها البري.. ونزوح جماعي على نطاق لم تشهده غز ...
- تعويذات وحرباء.. عامان من الأشغال الشاقة لرجلين خططا لإيذاء ...
- هكذا أوقف محتجّون مؤيدون لفلسطين المرحلة النهائية من سباق طو ...
- ضربات جوية مكثفة.. وزير الدفاع الإسرائيلي: -غزة تحترق-
- تزامنا مع قمة الدوحة.. نتنياهو يتعهد في مؤتمر صحفي مع روبيو ...
- صفقات ضخمة وشراكات استراتيجية خلال زيارة ترامب إلى بريطانيا ...
- فيتوريو أريغوني.. متضامن إيطالي مع فلسطين قتلته جماعة مسلحة ...
- قناة بريطانية تعتزم تفنيد أبرز 100 -تصريح كاذب- لترامب بالتز ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - علي السباك الكاتب الذي جعل من الحلة سطرًا أول في دفتر الحكاية